لعبة «روبلكس».. ما الدول التي حظرتها؟

تُعد منصة "روبلوكس" واحدة من أشهر عوالم الألعاب الافتراضية التي تجذب ملايين الأطفال والمراهقين حول العالم، لما توفره من تجارب تفاعلية وإبداعية لا حدود لها.
ومع هذا الانتشار الواسع، تزداد المخاطر الرقمية التي قد يتعرض لها الصغار، من محتوى غير ملائم وتنمر إلكتروني، إلى عمليات احتيال واختراق، ما يجعل الرقابة الأبوية والتوعية ضرورة لحماية تجربة اللعب وضمان بقائها آمنة.
وفي مايو/ أيار الماضي، كشف تحقيق مشترك أجرته صحيفة "الغارديان" وشركة الأبحاث المتخصصة في السلوك الرقمي ريفيلينج ريالتي عن مخاطر مقلقة يتعرض لها الأطفال على منصة الألعاب الشهيرة "روبلوكس"، رغم مظهرها الصديق للأطفال وإجراءات الأمان التي تعلن عنها الشركة.
التقرير، الذي وصفه الباحثون بأنه "مقلق للغاية"، أظهر أن أطفالاً لا تتجاوز أعمارهم خمس سنوات تمكنوا من التواصل مع بالغين على المنصة دون تحقق فعال من العمر، كما تمكنت حسابات مسجلة لطفلة في العاشرة من دخول بيئات افتراضية ذات إيحاءات جنسية صريحة.
كما بيّن البحث أن بعض المستخدمين البالغين استطاعوا طلب تفاصيل اتصال خاصة، مثل حسابات "سناب شات"، من أطفال في الخامسة باستخدام لغة مشفرة، في تحايل واضح على مرشحات الدردشة والمراقبة المدمجة في اللعبة.
وجاءت هذه النتائج بعد أن أطلقت روبلوكس أدوات جديدة لمنح الآباء مزيداً من التحكم في حسابات أطفالهم، لكن الباحثين أكدوا أن الضوابط الحالية "محدودة الفعالية" وأن المخاطر لا تزال كبيرة.
من جانبها، أقرت الشركة بوجود "جهات فاعلة سيئة" على المنصة وبأن التحقق من أعمار المستخدمين دون 13 عاماً يمثل تحدياً على مستوى الصناعة، لكنها شددت على أن "الثقة والسلامة" في صميم عملها، مؤكدة أنها أضافت أكثر من 40 تحسيناً للسلامة خلال عام 2024، وتواصل التعاون مع الخبراء والحكومات لتعزيز الحماية.
وتزايدت مخاوف الأهالي بعد مشاركة قصص مؤلمة، منها طفل في العاشرة تعرض للتحرش على المنصة، وفتاة في التاسعة أصيبت بنوبات هلع إثر مشاهدة محتوى جنسي. واعتبر خبراء أن ما كشفه التحقيق يمثل "فشلاً منهجياً" في حماية الأطفال، داعين إلى جعل أبحاث كهذه إجراءً دورياً لمنصات الألعاب واسعة الانتشار.
وأشار التقرير إلى أن المنصة، التي تضم أكثر من 85 مليون مستخدم نشط يومياً، يُقدر أن 40% منهم دون سن الثالثة عشرة، تحتوي على أكثر من ستة ملايين لعبة وتجربة تفاعلية، معظمها من إنتاج المستخدمين أنفسهم، ما يزيد من صعوبة الرقابة على المحتوى ومتابعته بشكل دقيق. وأكد الباحثون أن أوصاف الألعاب وتقييماتها في كثير من الأحيان تكون غير دقيقة أو مضللة، الأمر الذي يعقد مهمة الآباء في التمييز بين المحتوى المناسب وغير المناسب لأطفالهم.
كما لفتت الدراسة إلى أن بعض البيئات الافتراضية في "روبلوكس" توفر عناصر يمكن استخدامها بشكل مسيء، مثل الإكسسوارات ذات الطابع الجنسي، أو المساحات التي تشجع على تفاعل غير لائق بين الشخصيات الرمزية، ما يجعل المنصة بيئة خصبة لظهور سلوكيات مفترسة أو غير آمنة للأطفال.
وفي ظل هذه المخاطر، شدد خبراء السلامة الرقمية على أن مواجهة التحديات في "روبلوكس" تتطلب مقاربة شاملة تشمل تطوير أنظمة تحقق من العمر أكثر صرامة، وتعزيز تقنيات المراقبة بالذكاء الاصطناعي، وتثقيف الأطفال والأهالي حول الاستخدام الآمن للمنصات الرقمية. كما دعوا إلى ضرورة إلزام الشركات التكنولوجية بإجراء مراجعات دورية لمحتواها من قبل جهات مستقلة، للتأكد من التزامها بمعايير حماية القاصرين.
وفي الوقت نفسه، يرى بعض المتخصصين أن الإقبال الكبير على "روبلوكس" يعود إلى تنوعها الواسع وقدرتها على جذب الأطفال عبر أنشطة إبداعية وألعاب تعليمية، ما يجعلها منصة ذات إمكانات إيجابية إذا ما تمت إدارتها بشكل آمن. غير أن الفجوة بين هذه الصورة المثالية والواقع الذي يكشفه التحقيق تستدعي، بحسب الخبراء، إعادة النظر في سياسات الحماية لتقليل المخاطر وضمان تجربة لعب آمنة لجميع المستخدمين.
في عالم الألعاب الرقمية، تبرز منصة "روبلوكس" كإحدى أكثر الوجهات جذبًا للأطفال والمراهقين حول العالم، لما توفره من محتوى تفاعلي وتجارب افتراضية متنوعة. غير أن هذا الانفتاح الرقمي يحمل في طياته تهديدات خفية قد تتسلل إلى حياة الصغار دون أن يلحظها الأهل، وهو ما يستدعي الحذر والمتابعة المستمرة.
أهم هذه المخاطر يتمثل في المحتوى غير الملائم، إذ قد يصادف الأطفال ألعابًا أو تفاعلات تتضمن لغة أو مشاهد عنف أو إيحاءات غير مناسبة لأعمارهم، رغم الجهود الإشرافية التي تبذلها المنصة. كما تبرز ظاهرة التنمر الإلكتروني، حيث يستخدم بعض اللاعبين ميزات الدردشة وطلبات الصداقة لاستهداف الآخرين بسلوكيات عدوانية أو احتيالية.
تشكّل عمليات الشراء داخل اللعبة تحديًا آخر، إذ يعتمد اقتصاد روبلوكس على عملة "روبوكس" الافتراضية، ما قد يدفع الأطفال إلى إنفاق مبالغ حقيقية بشكل مفرط أو غير مدروس. يضاف إلى ذلك مخاطر التصيد الاحتيالي، حيث يستغل المحتالون رغبة الأطفال في الحصول على عملات مجانية لخداعهم ومطالبتهم بمشاركة معلوماتهم الشخصية.
ولا تقل خطورة عن ذلك عمليات اختراق الحسابات والاستيلاء على العناصر الافتراضية القيّمة، إضافة إلى البرامج الضارة التي قد تنتقل عبر روابط أو تطبيقات خبيثة يعد أصحابها بتقديم مزايا أو هدايا وهمية.
لمواجهة هذه التحديات، يُنصح الأهل باستخدام أدوات الرقابة الأبوية في روبلوكس وتفعيل ميزات مثل "قيود الحساب" و"التجارب المسموح بها"، فضلًا عن تحديد أوقات اللعب وتشجيع فترات الراحة. كما أن تأمين الحساب بكلمة مرور قوية ومصادقة ثنائية، وإضافة رقم تعريف شخصي (PIN) للوالدين، يعزز الحماية ضد الاختراق.
التوعية تمثل عنصرًا أساسيًا في الحماية، إذ يجب تعليم الأطفال عدم مشاركة معلوماتهم الشخصية، والتعامل بحذر مع الدعوات أو الرسائل من الغرباء، مع تفعيل ميزة حظر المستخدمين المزعجين ومراجعة سجل الألعاب بانتظام.
دول حظرت روبلوكس
قطر من الدول التي اتخذت قرارا بحظر لعبة "روبلوكس"، وسبقتها في ذلك عدة دول حول العالم، من بينها الصين التي أوقفت المنصة لأسباب تتعلق بالرقابة على المحتوى، وتركيا التي حظرتها بدعوى احتوائها على عناصر تشجع السلوكيات غير اللائقة بين الأطفال، إضافة إلى سلطنة عمان التي اتخذت القرار نفسه لحماية النشء من المخاطر الرقمية المحتملة.