المولد النبوي الشريف 2023.. خلاف حول حكم الاحتفال (خاص)
يتجدد الجدل كل عام حول مشروعية الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، وبينما ترى تيارات أصولية أن الاحتفال "بدعة"، تجيز هيئات الإفتاء في العديد من الدول الإسلامية الاحتفال في حدود الاستقامة.
ويترقب المسلمون حول العالم قدوم يوم الأربعاء، للاحتفال بذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم، التي توافق يوم 12 ربيع الأول من كل عام هجري، وسط مظاهر احتفالية تتباين وتتقاطع في العديد من دول العالم الإسلامي.
ويظل حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف من المسائل الجدلية التي تتجدد كل عام، واللافت أن أئمة المذاهب الأربعة في الإسلام: الحنفي والشافعي والمالكي والحنبلي لم يتطرقوا إلى هذه المسألة، ولم يفتوا سواء بإباحتها أو تحريمها.
حكم الاحتفال بالمولد النبوي
ويقول الشيخ السيد سليمان، أحد علماء الأزهر الشريف، إن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف جائز، بل هو من الأمور المستحبة التي تدل على محبة الرسول وتوقيره وتعظيمه، شريطة أن يكون ذلك بالاحتفال السليم الذي لا بدعة فيه.
وأوضح لـ"العين الإخبارية" أن "الاحتفال السليم بالمولد النبوي الشريف يكون بقراءة القرآن الكريم وكثرة الصلاة على النبي صلى لله عليه وسلم، والموعظة الحسنة، وتذكير الناس بسيرة خير البرية، والمدائح النبوية التي تمتدح الرسول بدون طبول أو موسيقى".
وأضاف: "لا مانع من أن نأكل الحلوى أو نأكل ما شئنا أن نأكله، وهذه أمور جائزة ولا حرمة فيها، لأن الله أجاز لنا أن نأكل كل المأكولات ما دامت حلالًا، وحسبنا في فرحنا بذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم أن أبا لهب وهو كافر فرح بمولد النبي وأعتق جاريته ثويبة".
ومضى يقول: "الله تعالى يخفف العذاب عن أبي لهب كل يوم اثنين لفرحته بمولد النبي، فما بالك بالمؤمن الموحد بالله إذا فرح بمولد الرسول، فالمسلم حينما يحتفل الاحتفال السليم بذكرى مولد النبي يجزى وينال الثواب، أما حفلات الإنشاد الموسيقية والتمايل بالرؤوس فهذه أمور ليست من الدين".
وختم قائلًا: "الرسول نفسه كان يحتفي بيوم ميلاده، وكان يصوم يوم الإثنين، ولما سئل عن السبب قال: "هذا يوم ولدت أنا فيه"، فنحن أولى بأن نتبع سنة الرسول وأن نبتعد عن البدع والخرافات، وأن يكون احتفالنا بهذه الذكرى العطرة في حدود ما أتاحته الشريعة بعيدًا عن البدع والخرافات".
المولد النبوي عند السلفية
وترى التيارات الأصولية، وعلى رأسها السلفية، أن الاحتفال بذكرى المولد النبوي وآل البيت "بدعة" لأنها تنطوي على "تعظيم الأشخاص"، وهو "شرك" في النهج السلفي، ويهاجم السلفيون إقامة الموالد بسبب بعض المنكرات، مثل اختلاط النساء بالرجال والرقص.
في المقابل، ترى الصوفية أن الاحتفال بالمولد النبوي جائز، وقال علاء أبو العزائم، رئيس الاتحاد العالمي للطرق الصوفية، إن تعظيم الصالحين "ليس عبادة ولا شركًا"، وأن عمل المولد "ليس فيه مخالفة لكتاب الله ولا لسنة الرسول، والرسول صلى الله عليه وسلم لم ينهِِ عنها".
وقالت دار الإفتاء المصرية، في فتواها عن حكم الاحتفال بالمولد النبوي عام 2007، والتي تجدد نشرها كل عام مع قرب الاحتفال بالمولد، إن الاحتفالُ بِمولدِ النَّبي صلى الله عليه وسلم مِن أفضل الأعمال وأعظم القربات؛ لأنه تعبير عن الفرح والحب للنبي صلى الله عليه وسلم الذي هو أصل من أصول الإيمان.
"من أعظم القربات"
وحسمت دار الإفتاء المصرية الجدل حول حكم الاحتفال بالمولد النبوي، وقالت في بيان عبر "فيسبوك": "لا يجوز شرعاً الطعن في مشروعية الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف بما قد يحدث فيه من أمورٍ محرمةٍ".
وأضافت الإفتاء المصرية: "إننا ننكر ما قد يكتنفه من منكرات، وينبه أصحابها بالحكمة واللّين إلى مخالفةِ هذه المُنكراتِ للمقصد الأساس الذي أقيمت من أجله هذه المناسبات الشريفة"، فيما يقول الدكتور خالد عمران، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن الاحتفال بالمولد النبوي من خلال مجالس الصلاة والمديح وتقديم الطعام يعد من أعظم القربات إلى الله.
وأضاف "عمران": "هذا الاحتفال يمثل فرصة للفرح والسعادة التي يشعر بها الناس، بما في ذلك أبي لهب الذي ذُكر أنه يوم الإثنين يخفف عنه العذاب لأنه فرح بيوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم"، موضحًا أن "احتفال المسلمين بالمولد النبوي يمتد عبر التاريخ، والناس أدركوا أهمية تعاليم الرسول وأخلاقه، لذا يتعين أن نستثمر هذا الاحتفال في تعليم الناس أخلاق الرسول".
aXA6IDE4LjE5MS44MS40NiA= جزيرة ام اند امز