الائتلاف الحاكم بالسودان يضمد جراحه بميثاق سياسي تاريخي
وقعت ثلاثة مكونات رئيسية بالائتلاف الحاكم بالسودان، الأربعاء، إعلاناً سياسياً ينص على الوحدة الكاملة تحت لافتة تحالف "الحرية والتغيير".
وشمل الإعلان الذي جرى إقراره في حفل بقاعة الصداقة في الخرطوم، بين المجلس المجلس المركزي للحرية والتغيير والجبهة الثورية وحزب الأمة القومي، 17 بنداً غطت قضايا الانتقال السياسي في البلاد، وبينها السلام وإصلاح الاقتصاد والقوات النظامية، وتفكيك نظام الإخوان.
وجاء هذا الإعلان بعد أن عاش التحالف الحاكم حالة من التشظي والخلافات الحادة بين الحرية والتغيير بشكلها السابق من جهة، والجبهة الثورية وحزب الأمة القومي من جهة أخرى، لدرجة أثارت قلق الشارع والسلطة على نجاح عملية الانتقال الديمقراطي في البلاد.
ودفعت خلافات الائتلاف الحاكم، رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك إلى إطلاق مبادرة تهدف بالأساس إلى وحدة قوى الثورة كمدخل رئيسي لتحصين الانتقال الديمقراطي.
ونص الإعلان السياسي على 4 مستويات لقيادة تحالف الحرية والتغيير بشكله الجديد، وهي المؤتمر العام، ويضم قوى الثورة والتغيير والحراك الثوري المنضوية أو التي ستنضم تحت راية قوى الحرية والتغيير.
ويلي ذلك الهيئة العامة، والتي تضم وتمثل كافة قوى الثورة والتغيير في الريف والحضر، وهي بمثابة الجمعية العمومية لقوى الثورة والتغيير.
ويأتي في المستوى الثالث المجلس المركزي، وهو أداة الهيئة العامة وجهازها الذي يضع الخطط والسياسات، ويرسم ويتابع التنفيذ والمسار الاستراتيجي لإنجاح وإنضاج المهام والواجبات المُلقاة على عاتق قوى الثورة والتغيير في عملية الانتقال المعقدة.
أما المستوى الإداري الأخير فهو المكتب التنفيذي والذي يباشر العمل اليومي، وينفذ الخطط والسياسات التي يدفع بها المجلس المركزي.
وتوافقت القوى الموقعة على الإعلان السياسي على القيام بواجبات ومهام في 17 محوراً، أهمها الاستمرار في إصلاح الحرية والتغيير بوصفها عملية وليست حدث واحد، والعمل مع لجان المقاومة الثورية لاستكمال مهام الثورة.
وأقر الإعلان السياسي ضرورة إعتماد برنامج وخطة مدروسة للوصول بمشاركة النساء في مؤسسات الحرية والتغيير للمستوى المطلوب والمستحق.
ونص الإعلان أيضا على فتح طريق القيادة للشباب لكونهم بُناة المستقبل، ومن صُنّاع الثورة المجيدة، ومؤسسات الحرية والتغيير.
وشدد الإعلان على أن قضايا الشهداء والجرحى والمفقودين في كامل السودان قضية لا تسقط بالتقادم، وهي إحدى أولويات قوى الحرية والتغيير، ولا إفلات من العقاب.
وتابع الإعلان أن "إقامة العدالة أمر لا بد منه، كذلك الاهتمام بالجرحى، والعمل على عودة المفقودين ومعرفة ما حدث لهم".
كما ذكر الإعلان السياسي لهذه المكونات السودانية، على أن عودة النازحين واللاجئين طواعية إلى ديارهم هي إحدى المهام المقدمة لحكومة الفترة الانتقالية ولقوى الحرية والتغيير.
وأقرت هذه المكونات في إعلانها، بدعم الحكومة الانتقالية، متابعة "بالتوقيع على هذا الإعلان، فإن واقعاً سياسياً جديداً قد تشكّل بالفعل، وهو أبعد من مجرد إعلان تحالف سياسي، بل هو تعبير عن قوى اجتماعية كبيرة ستدعم الانتقال وما بعده".
وشدد الإعلان على أنه "يجب عدم إقحام القوات النظامية في الصراعات السياسية وأن تلتزم بمهنيتها وحيادها، كما أن الفترة الانتقالية تسعى لبناء منظومة القوات النظامية موحدة ومهنية تعكس التنوع، وقائمة على عقيدة عسكرية جديدة".
ورأى أن "هذه العملية تحتاج لحوارٍ جاد بين المدنيين والعسكريين لتحديد طبيعة الإصلاحات التي تحتاجها القوات النظامية، كما تعد مكون هام في الحفاظ على وحدة البلاد في ظل اتساع التحديات الإقليمية والتعقيدات التي تحيط بالسودان".
وأكد الإعلان أيضا على "ضرورة تنفيذ اتفاق السلام الموقع في جوبا، والوفاء بكافة استحقاقاته، وتحسين شروط الحياة المعيشية وحل الأزمة الاقتصادية".
ونص على "إصلاح القطاع الأمني والعسكري"، متابعا "دون إصلاح القطاع الأمني والعسكري وبناء جيش قومي مهني واحد، لا يمكن تحقيق الانتقال الديمقراطي".
وأكد التحالف الجديد في إعلانه التزامه الكامل بقضايا العدالة دون مزايدةٍ أو تفريط، كما جدد التزامه بتسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، في إشارة إلى تسليم الرئيس السابق عمر البشير ومعاونيه إلى المحكمة.
وبموجب الإعلان، وضعت القوى السياسية في مقدمة أولوياتها حل كافة العقبات التي تواجه تكوين المجلس التشريعي الانتقالي، وكافة مؤسسات الانتقال التي نصت عليها الوثيقة الدستورية وعلى رأسها المحكمة الدستورية ومجلس القضاء العالي ومجلس النيابة العامة والمفوضيات وغيرهم.
وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية والمصالح الوطنية، أكدت هذه القوى في الإعلان، التزامها بالدفاع والحفاظ على السيادة الوطنية والتعامل مع المجتمعين الإقليمي والدولي وفق المصالح الوطنية، والشراكة المنتجة، وخدمة الأمن والسلام والاستقرار الإقليمي والدولي، وانتهاج سياسة خارجية متوازنة تخدم المصالح الوطنية.