روسيا وأوكرانيا.. عواصف الغزو المحتمل تعيد أجواء "الحرب الباردة"
ازدادت في الأشهر الأخيرة حدة التوتر حول أوكرانيا المهددة، وفقا للغرب، بغزو روسي محتمل، لتزيد الوضع تأزما منذ ضم موسكو شبه جزيرة القرم الأوكرانية عام 2014، والحرب التي تلت ذلك في شرق أوكرانيا مع انفصاليين موالين لروسيا وخلفت أكثر من 13 ألف قتيل.
بداية القصة كانت في 10 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي عندما طلبت واشنطن توضيحات من روسيا بشأن تحركات "غير عادية" لقواتها على الحدود الأوكرانية، حيث حشدت موسكو نحو 100 ألف عسكري على الحدود، ما أثار أول المخاوف من حصول غزو.
وفيما حذّر حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي وباريس وبرلين موسكو من أي "عمل عدواني" جديد، اتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الغرب بتأجيج التوتر "عبر تسليم كييف أسلحة حديثة وإجراء مناورات عسكرية استفزازية" في البحر الأسود وقرب الحدود.
وفي 28 نوفمبر/ تشرين الثاني، أكدت أوكرانيا أن روسيا حشدت حوالي 92 ألف جندي على حدودها لشن هجوم في أواخر يناير/ كانون الثاني أو أوائل فبراير/ شباط، غير أن موسكو نفت أي خطة مماثلة متهمة بدورها كييف بحشد قوات في شرق البلاد.
في 7 ديسمبر/ كانون الأول، هدد الرئيس الأمريكي جو بايدن نظيره الروسي بفرض "عقوبات اقتصادية شديدة" في حال غزو أوكرانيا خلال قمة ثنائية افتراضية.
من جانبه، طالب الرئيس الروسي بـ"ضمانات قانونية مؤكدة" تمنع أوكرانيا من الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي وتعيد تأكيد حق روسيا في "حماية أمنها".
وفي 17 ديسمبر/ كانون الأول، كشفت موسكو مشروعي اتفاقين ينصان على حظر أي توسع لحلف شمال الأطلسي وإنشاء قواعد عسكرية أمريكية في الدول السوفيتية السابقة.
وأعلنت واشنطن حينها أنها مستعدة "لبدء حوار دبلوماسي" مع بوتين فيما اعتبرت بعض مطالبها "غير مقبولة".
وفي 28 ديسمبر/ كانون الأول، اتفقت موسكو وواشنطن على إجراء محادثات حول الأمن في أوروبا.
أسبوع دبلوماسي
في 10 يناير/ كانون الثاني الجاري، أجرى الروس والأمريكيون محادثات شابها توتر في جنيف، في أول مرحلة من سلسلة لقاءات دبلوماسية.
وفي 12 يناير/ كانون الثاني، تحدثت روسيا وحلف الأطلسي عن "خلافاتهما" العميقة بشأن أمن أوروبا في ختام اجتماع لمجلس الحلف الاطلسي-روسيا في بروكسل.
هجوم معلوماتي
في 14 يناير/ كانون الثاني، تعرضت عدة مواقع حكومية أوكرانية لهجوم معلوماتي واسع النطاق بدون أضرار كبرى كما ذكرت السلطات التي أكدت بعد ذلك أن لديها "أدلة" على ضلوع روسيا في الهجوم.
ثم أعلنت شركة مايكروسوفت أن الهجوم قد يكون ترك تداعيات أكبر وقد يجعل عددا من الأجهزة المعلوماتية الأوكرانية "غير صالح للعمل".
في اليوم نفسه، اتهمت واشنطن موسكو بإرسال عملاء إلى أوكرانيا مكلفين بالقيام بعمليات "تخريب" بهدف خلق "ذريعة" لاجتياح وهو ما اعتبره الكرملين تصريحات "مجانية".
حشد روسي
في 18 يناير/ كانون الثاني، طالبت موسكو بأجوبة من الغربيين على مطالبها قبل إجراء محادثات جديدة.
وبدأت روسيا بنشر عدد غير محدد من الجنود في بيلاروسيا لإجراء تدريبات للاستعداد للقتال على الحدود مع الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا.
عبرت واشنطن عن قلقها من احتمال نشر أسلحة نووية روسية في بيلاروسيا واعتبرت أن موسكو يمكن أن تهاجم أوكرانيا "في أي وقت".
تحركات أمريكية
في 19 يناير/ كانون الثاني، دعا وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الرئيس الروسي إلى اختيار "مسار سلمي" وذلك خلال زيارة دعم إلى أوكرانيا في مستهل جولة أوروبية، فيما أكدت كييف أنها لا تخطط لأي هجوم على الانفصاليين الموالين لموسكو.
وفي اليوم نفسه، تحدث الرئيس الأمريكي جو بايدن عن احتمال حصول "توغل محدود" لروسيا في أوكرانيا.
وأوضح البيت الأبيض لاحقا هذه التصريحات واعدا "بردّ سريع وشديد وموحد" من الولايات المتحدة وحلفائها في حال تجاوز القوات العسكرية الروسية حدود أوكرانيا.
في كييف، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تعليقا على غزو روسي محتمل، إنّ لا وجود لما يسمّى "توغلات محدودة"، معتبرا أن ضمان "الأمن الشامل في أوروبا مستحيل من دون استعادة سيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها".
شبح حرب باردة
في 20 يناير/ كانون الثاني، ندد الكرملين بتصريحات "مزعزعة للوضع" من جانب الرئيس الأمريكي، فيما وافقت واشنطن على مطالب دول البلطيق إرسال أسلحة أمريكية إلى أوكرانيا.
في هذا الإطار، أعلنت واشنطن عن 200 مليون دولار كمساعدة "أمنية دفاعية إضافية" لأوكرانيا تستكمل 450 مليون دولار من المساعدات ممنوحة إليها أساسا.
من جهتها رفضت ألمانيا فكرة تسليم أسلحة إلى أوكرانيا، معتبرة أن ذلك سيؤدي إلى تأجيج التوتر، لكنها لا تستبعد عواقب على مستقبل أنبوب الغاز المثير للجدل نورد ستريم 2.
واعتبر بلينكن في ألمانيا أن التهديد الذي تشكله روسيا في أوكرانيا يعيد إحياء شبح الحرب الباردة، فيما قال بايدن: "إذا اجتازت مجموعة وحدات روسية الحدود مع أوكرانيا، فهذا اجتياح".
ولإظهار وحدة الغربيين، أكدت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك بدورها أن الولايات المتحدة وحلفاءها لن يترددوا في التحرك رغم أنّ الردّ ستكون له "تداعيات اقتصاديّة" على أوروبا.
من جهته حذر نظيرها الفرنسي جان إيف لودريان الذي كان موجودا أيضا في برلين، الروس من أي رغبة لإقامة "يالطا 2"، أي تقاسم جديد لدوائر نفوذ بين الغرب والشرق بعد 77 عاما على المؤتمر الذي رسم حدود أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.
وأعلنت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورنس بارلي الخميس أن حاملة الطائرات الفرنسية شارل ديجول ستعود إلى البحر الأبيض المتوسط الشهر المقبل.
واعتمدت لندن اللهجة ذاتها حيث حذر رئيس الوزراء بوريس جونسون من أن أي توغل روسي في أوكرانيا سيكون "كارثة على العالم".
مناورات بحرية روسية
لكن روسيا ردت عبر إعلانها الخميس عن إطلاق عمليات بحرية في كل الاتجاهات من المحيط الهادئ إلى الأطلسي مرورا بالمتوسط تشمل 140 سفينة حربية وعشرة آلاف عنصر.
وسبق أن نظّمت موسكو الأربعاء تدريبات عسكرية مشتركة مع قوات بيلاروسيا، الجمهورية السوفيتية السابقة المجاورة أيضا لأوكرانيا.
هذه التدريبات من شأنها أن تنذر بوجود عسكري روسي دائم يشمل قوات تقليدية ونووية في بيلاروسيا، كما قال مسؤول أمريكي.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية إجراء مناورات بحرية كبرى تشمل جميع أساطيلها، مضيفةً أنها ستستعين بـ140 سفينة حربية، و60 طائرة، و1000 وحدة من المعدات العسكرية، ونحو 10 آلاف جندي، في أحدث استعراض للقوة خلال المواجهة مع الغرب.
وبعد سلسلة من المحادثات الدبلوماسية في أوروبا الأسبوع الماضي، يفترض أن تقوم موسكو وواشنطن بمحاولة جديدة اليوم الجمعة لتجنب خطر نشوب نزاع جديد في أوكرانيا، عبر لقاء في جنيف بين وزيري الخارجية الأمريكي بلينكن ونظيره الروسي سيرجي لافروف.
aXA6IDMuMTQ1LjgxLjI1MiA= جزيرة ام اند امز