توتر علاقات أمريكا والصين.. هل يدفع بكين إلى روسيا؟
اتهامات وتحذيرات متبادلة بين واشنطن وموسكو، ألقت بثقلها على العلاقات الأمريكية الصينية المتوترة، والتي أذكتها حادث المنطاد الصيني.
تلك الاتهامات والتحذيرات التي كانت عنوان لقاء وزيري خارجية أمريكا والصين قبل أيام على هامش مؤتمر ميونخ للأمن، كشفت عن "تضرر" علاقات القوتين العظميين، إلا أنها وضعت حدًا للتكهنات بشأن اندلاع حرب باردة جديدة.
اللقاء الذي استمر لمدة ساعة كاملة بعيدًا عن أعين وسائل الإعلام، كشف عن انزعاج الولايات المتحدة "من واقع أن بكين عمقت علاقاتها مع موسكو منذ بداية الحرب الأوكرانية"، بحسب نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس.
وفي أول ترجمة فعلية للانزعاج الأمريكي، كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال"، عن أن الرئيس الصيني شي جين بينغ يعتزم زيارة موسكو لعقد قمة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في الشهور المقبلة.
محادثات سلام
ونقلت الصحيفة الأمريكية، عن مصادر مطلعة قولها، إن اجتماع شي مع بوتين سيكون في إطار مسعى لعقد محادثات سلام متعددة الأطراف وسيسمح للصين بتكرار دعواتها لعدم استخدام الأسلحة النووية.
وقالت وزارة الخارجية الصينية إن الوزير وانغ يي، كان من المقرر أن يزور موسكو يوم الثلاثاء لمناقشة العلاقات الصينية الروسية و"القضايا الدولية والإقليمية الساخنة ذات الاهتمام المشترك".
إلا أن زيارة الرئيس الصيني المتوقعة إلى موسكو في أبريل/نيسان أو مايو/أيار المقبل، تصاحبها تخوفات أمريكية، خاصة وأن الزعيمين، كانا أصدرا بيانًا مشتركًا قبل أسابيع من الحرب الأوكرانية، يتحدى النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة، وأعلنا عن صداقة "بلا حدود".
واستبقت الولايات المتحدة تلك الزيارة، بممارسة مزيد من الضغوط على الصين بشأن موقفها من أوكرانيا؛ فقال وزير الخارجية أنتوني بلينكن في مطلع الأسبوع إن الصين تدرس تقديم أسلحة لروسيا، وهي خطوة حذر من اتخاذها، إلا أن بكين ردت عليها يوم الإثنين، قائلة إن الولايات المتحدة هي الدولة التي تمد الأسلحة للحرب.
وفي كلمة ألقتها في مؤتمر ميونيخ للأمن، حذرت نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس من أن زيادة الدعم الصيني لروسيا في أوكرانيا لن يؤدي إلا إلى "مواصلة القتل، وتقويض النظام القائم على القواعد".
حل الصراع
إلا أن وجهة النظر الأوروبية كانت مختلفة إلى حد كبير؛ فعدد من المسؤولين الأوروبيين، بمن فيهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قالوا إنهم يرغبون في رؤية الصين تلعب دورًا في حل دبلوماسي للصراع، مشيرين إلى نفوذ بكين مع روسيا.
وبعد أن التقى وزير الخارجية الصيني وانغ يي مع الرئيس ماكرون في باريس الأسبوع الماضي، قالت الرئاسة الفرنسية في بيان إن الرجلين "عبرا عن نفس الهدف المتمثل في المساهمة في السلام وفقًا للقانون الدولي".
ومع ذلك، فإن الآمال الأوروبية في الحصول على مساهمة صينية في مخرج دبلوماسي للصراع تتعارض مع المخاوف الغربية المتزايدة بشأن دعم الصين لروسيا، بما في ذلك المخاوف من أن بكين قد تكون مستعدة لتزويد موسكو بأسلحة فتاكة.
إلا أن العديد من المسؤولين الصينيين حذروا من من أنه ستكون هناك عوائق كبيرة أمام تحقيق اختراق دبلوماسي وأن أي اتفاق قد يتطلب الضغط على روسيا ، وهو ما كانت الصين مترددة في القيام به.
وقال يون صن، مدير برنامج الصين في مركز ستيمسون، وهو مركز أبحاث في واشنطن: "سيتعين على الصين أن تكون قادرة ليس فقط على الدعوة إلى السلام، لكن أيضًا تقديم رؤية لما تبدو عليه تسوية الحرب. الدعوة إلى السلام رخيصة وسهلة. ولكن ما الذي ترغب الصين في القيام به لتحقيق ذلك؟
اختبار للصين
وتقول "وول ستريت جورنال"، إن نهج شي الجديد سيكون بمثابة اختبار لعلاقة بكين مع موسكو، مشيرة إلى أن الزعيم الصيني لديه علاقة وثيقة مع الرئيس بوتين.
ثمار تلك العلاقة، أشار إليها بوتين في ديسمبر/كانون الأول الماضي، قائلا إن التجارة بين موسكو وبكين كان من المتوقع أن ترتفع بنسبة 25% تقريبًا عن العام السابق، متوقعا أن يصل إجمالي التجارة بين البلدين إلى 200 مليار دولار بحلول عام 2024.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإنه إذا امتنع شي عن ممارسة ضغط كبير على بوتين، فقد يؤدي ذلك إلى مزيد من الإضرار بعلاقته مع الدول الأوروبية.