أوكرانيا تستهدف "نووي" روسيا.. لعب بالنار؟
من بين 9 حزم عقوبات فرضتها المجموعة الغربية بقيادة الولايات المتحدة على روسيا، ظل القطاع النووي في منأى عنها.
لكن على ما يبدو تمارس أوكرانيا ضغوطا متنامية، لضمان أن تصل الحزمة العاشرة من العقوبات للقطاع النووي الروسي وسط مخاوف من هذا التصعيد وتساؤلات بشأن الجدوى منه.
ويفرض الغرب عقوبات غير مسبوقة على روسيا منذ أن أطلقت موسكو عملية عسكرية في أوكرانيا تختتم بعد 3 أيام عامها الأول.
وفيما الجبهات مجمدة في انتظار حلول الربيع، تبدو نتائج المعارك في غير صالح طرفي الصراع، وهو ما يفسره كل طرف انطلاقا من الخندق الذي ينتمي له.
وضاعفت أوكرانيا مؤخرا حملتها لفرض عقوبات على القطاع النووي مطالبة بإجراءات مماثلة على النفط والغاز، مدعومة بكل من ليتوانيا وبولندا.
وقال البروفيسور إيفان ساشا شيهان، العميد المشارك لكلية الشؤون العامة بجامعة بالتيمور، خلال مقال له منشور بمجلة "ذا ناشيونال إنترست" الأمريكية، إن هناك حملة ضغط جارية في بروكسل لضم القطاع النووي بـ"حزمة العقوبات" التالية.
وأضاف شيهان، خلال مقاله، إن القطاع النووي كان غائبا بشكل واضح من جميع قوائم العقوبات، بالرغم من إغراء إدارة الرئيس جو بايدن منذ فترة طويلة لفرض عقوبات على الوكالة الاتحادية للطاقة الذرية الروسية "روساتوم"، إلى جانب مصدري الطاقة الآخرين في موسكو.
وأشار إلى أن وجود قليل من الاتفاق بين الولايات المتحدة وحلفائها بشأن حكمة هذه الخطوة والمخاطر المرتبطة بالوصول إلى النووي في حرب العقوبات.
وتقول المجر وبلغاريا إن العواقب ستكون مدمرة، وإنهما سيستخدمان حق الفيتو ضد أي إجراء مقترح من الاتحاد الأوروبي يستهدف "روساتوم".
وأوضح شيهان أنه "حتى في أحلك أيام الحرب الباردة، عندما كان الجيش السوفياتي يقتل الآلاف يوميا، فرضت الولايات المتحدة وحلفاؤها عقوبات على كل شيء تقريبا من خطوط أنابيب الغاز، والتسهيلات الائتمانية، إلى صادرات الحبوب إلى الاتحاد السوفياتي، لكن دون أن يتأثر التعاون النووي المدني".
وواصلت شركتا "وستنجهاوس" وسيمنس" التعاون مع الروس في فنلندا في تشييد محطة لوفيسا للطاقة النووية، وواصلت فرنسا استيراد الجزء الأكبر من اليورانيوم المخصب من روسيا السوفياتية، ولم يتوقف التعاون النووي قط – ولسبب وجيه، بحسب شيهان.
ورأى أنه دائما ما يجب موازنة فرض العقوبات في السياسات الدولية مقابل تداعيات الرد المحتمل للخصم، لافتا إلى أنه عندما يتعلق الأمر بخطة الحد الأقصى لأسعار النفط، فإن الجوانب السلبية قليلة، حيث أمام الكرملين مجال محدود للمناورة، أما النووي فهو أمر مختلف تماما.
وأوضح شيهان أن درجة الاعتماد المتبادل أكبر بكثير، وكذلك مخاطر الانقطاعات في سلاسل التوريد العالمية، حيث يمكن أن تمتد العواقب إلى ما هو أبعد من الأثر الاقتصادي المباشر، وتؤدي إلى تداعيات كارثية، بما في ذلك المساس بالسلامة النووية.
كما تفهم موسكو أن عقوباتها المضادة ستفرض آثارا مدمرة على قطاع الطاقة النووية الأمريكي والأوروبي، بما أن "روساتوم" لاعب عالمي مهيمن يسيطر على حوالي نصف الصادرات النووية وحوالي ثلث سوق الوقود النووي.
وما زالت روسيا الاتحادية تورد 14% من اليورانيوم المخصب الذي تستهلكه الولايات المتحدة (بتراجع عن 20% قبل عقد من الزمان، الذي يترجم إلى توليد 10% من الكهرباء الأمريكية). وبالإضافة إلى ذلك، تتمتع روسيا بقدرة احتكار فعلي عندما يتعلق الأمر بتقديم اليورانيوم منخفض التخصيب (HALEU) الذي يتمتع بأهمية بالغة لتزويد 9 من بين 10 مفاعلات نووية متطورة قيد التطوير حاليا بالولايات المتحدة بالوقود.
وقال شيهان في مقاله إن القطاع النووي الأمريكي أمن دعما حزبيا ومليارات من الأموال العامة لتقليص الدعم على روسيا فيما يتعلق باليورانيوم، لكن من المرجح أن يستغرق ذلك سنوات حتى يتم تشغيل جميع منشآت التخصيب والوسائل التكنولوجية ذات الصلة.
وفي أوروبا، تبلغ حصة "روساتوم" حوالي الربع في بعض الدول، مثل بلجيكا، والتي تعتمد على روسيا فيما يصل إلى 40% من وارداتها من اليورانيوم.
ورأى شيهان أن الكرملين أحجم عن استخدام النفوذ في قطاع الطاقة النووية للرد على عقوبات الطاقة الغربية السابقة، لكن فرض عقوبات مباشرة على الجبهة النووية، حتى وإن كانت رمزية، يمكن أن تستفز الرئيس الروسي باللجوء إلى "الخيار النووي" المدني للبلد.
aXA6IDMuMTQ0LjI1Mi41OCA= جزيرة ام اند امز