عامان على حرب أوكرانيا.. خبير روسي يكشف لـ«العين الإخبارية» خطط موسكو
تدخل الحرب الروسية–الأوكرانية عامها الثالث، ولا يبدو في الأفق أمل لتسوية سياسية، إذ يتمسك كل طرف بوجهة نظره، وتغلف الضبابية خطط كل طرف.
وفيما فشل الهجوم الأوكراني المضاد وتفتقر كييف لدعم طالما طالبت به من الحلفاء الغربيين، نجحت موسكو في السيطرة مؤخراً على مدينة أفدييفكا ذات الأهمية الاستراتيجية، لكن المعركة تبقى في إطار عض الأصابع دون فرص واضحة للحسم في مصلحة أي طرف.
- عامان من الحرب.. مستشار وزير خارجية أوكرانيا يقدم لـ«العين الإخبارية» كشف حالة
- بذكرى الحرب.. رسائل دعم غربية من قلب أوكرانيا وروسيا تتفقد جبهاتها
وفي سياق الجمود الحالي، تحدثت "العين الإخبارية" مع الخبير الاستراتيجي الروسي الدكتور رولاند بيجاموف وهو أستاذ علاقات دولية، لتبيان خطط موسكو في العام الثالث من الحرب، وفرص التسوية السياسية وتحقيق السلام.
وإلى نص الحوار:
* ما توصيفك للوضع الحالي بعد نحو عامين من الحرب بين روسيا وأوكرانيا؟
أود القول إن المبادرة الاستراتيجية في الوقت الحاضر انتقلت إلى جانب الروس وهذا منذ أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، حيث أصبح الجانب الروسي هو من يمتلك زمام المبادرة في هذه الحرب، بعد أن نجح الجيش في الضغط الموازي على طول الجبهة مع أوكرانيا في 5 أو 6 نقاط.
أبرز مظاهر نجاح هذه الاستراتيجية، كان فرض السيطرة على أفدييفكا– وأنا أسميه تحريرا – إذ ساهم ذلك في تحريك الجبهة في أول نجاح استراتيجي للروس. ومن المتوقع أن تحدث هجمات روسية مضادة في أماكن أخرى، كما يُتوقع أن تكون هناك عمليات هجومية في الجنوب لا سيما في جبهة زابوريجيا ونفس الشيء سيحدث في الشمال في جبهة خاركوف وعلى محور كوبيانسك.
* ماذا عن موقف أوكرانيا في مواجهة هذه الاستراتيجية؟
الأوكرانيون في موقف الدفاع وقد انتقلوا إلى الضفة الأخرى، لأن الهجوم المضاد الذي كانوا يروجون له هم والقائمون عليه منذ العام الماضي، فشل، وهذا بدا واضحاً في منتصف الصيف، ولكن البروباغندا الأمريكية كانت تحاول تغطية الحقيقة والإخفاق.
كان الأوكرانيون يعولون على المساعدات الغربية والمال والأسلحة على أمل تحقيق نجاح، لكن الضربة كانت شديدة وموجعة للقيادة الأوكرانية كذلك بتوقف المساعدات الأمريكية، بينما الأوروبيين اكتفوا بالإعلان مؤخراً عن مساعدات بنحو 50 مليار يورو على مدة 4 سنوات أي بمعدل 12.5 مليار دولار سنوياً، وهذا لا يكفي لسد العجز الأوكراني الذي يصل إلى 17 مليار دولار.
لذلك الوضع الأوكراني صعب للغاية. كما أن استطلاعات الرأي تشير إلى أن نسبة الأوكرانيين الذين يريدون التسوية مع الروس تتزايد، ولكن بالتأكيد السيد فولوديمير زيلينسكي (رئيس أوكرانيا) لا يريد ذلك ولا يريد أية مفاوضات مع الروس دون إرجاع الأراضي والعودة إلى حدود 1991 كما يعلن.
* ماذا عن ردة الفعل الروسية على هذه الطلبات الأوكرانية؟
هذا غير واقعي بالطبع، إنها دعاية مضادة، ولكن فلنعد إلى حدود 1991 التي هي حدود الاتحاد السوفياتي وأي روسي سيرحب بذلك، لأنه كما نعلم فإن الحدود السوفياتية كانت مجرد خطوط إدارية داخل الدولة الواحدة وهي الاتحاد الروسي والتي لم يكن لأوكرانيا في إطارها أي دور، فقد كانت حدود أشبه بالخطوط الإدارية بين محافظات.
الأوكرانيون يتذرعون باتفاقية هلسنكي (التي أبرمت عام 1975 بشأن التعاون بين الدول الأوروبية)، رغم أنها لا تنطبق على حدود الاتحاد السوفياتي الذي فككوه ويريدون الآن فعل ذلك مع روسيا الاتحادية بنفس الطريقة ويعملون على إطالة أمد الحرب، وأنا أرى أن ذلك في مصلحة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
* كيف يصب ذلك في مصلحته؟
- الجميع بات يدرك ويعي أن أي مصالحة مع الأوكرانيين وتوقيع سلام سيكون شيئا مؤقتا كما حدث باتفاقية مينسك 2؛ فالأوكرانيين ومن خلفهم يقدمون ورقة ثم يسحبونها، وبالتالي الخيار الوحيد أمام موسكو هو تنفيذ جميع أهداف العملية العسكرية الروسية الخاصة، والروس مضطرون لذلك.
* لكن هذا سيكلف روسيا كثيراً من الضحايا؟
صحيح أنه سيكون هناك ضحايا كثر ولكن الروس يدركون أنه حتى لو تم التوصل إلى اتفاق سلام ستكون هناك حرب استنزاف لن تتوقف ضد روسيا، ولذلك لا بد من تسوية الأمور بين روسيا وأوكرانيا، علماً أنها في واقع الأمر حرب بين موسكو والغرب على الساحة الأوكرانية، والنخبة الحاكمة في كييف مطيعة تماماً للغرب وقد جنوا مليارات من وراء هذه الحرب.
* نحن نتحدث عن عام ثالث للحرب، هل تغيرت الأهداف التي أعلنت عنها روسيا وقت الهجوم على أوكرانيا؟
- لم تتغير، فقد بقيت كما هي مع التأكيد على استعداد روسيا للسلام في أي وقت. والأهداف هي أن يكون هناك اتفاق بشأن دونباس (لوهانسك ودونيتسك)، ونزع النازية الجديدة من أوكرانيا، وعدم عسكرة أوكرانيا؛ أي أن يتم نزع سلاحها، وأن تكون محايدة؛ لأن عدم حياد أوكرانيا السبب الرئيسي للحرب وكذلك مساع حلف شمال الأطلسي "الناتو" لضم أوكرانيا وجورجيا.
لم تكن لدينا مشكلة على الإطلاق مع أوكرانيا وكنا نعتبرها دولة شقيقة ولكن مع بدء الأفكار المعادية فجأة تحول الأشقاء إلى فرقاء، لدرجة أننا حين نقول لهم إننا من أب واحد أي الروس والأوكران، فيردون أن أباهم هو جو بايدن الرئيس الأمريكي.
* لكن الروس متهمون بـ"العدوان" على أوكرانيا ومحاولة إعادة رسم خريطة أوروبا، ما تعقيبك؟
- روسيا لا تريد تغيير خريطة أوروبا، فلسنا بحاجة إلى بذل مجهود لهذا الغرض، لأن هذه الخريطة ستتغير من تلقاء نفسها لأسباب عديدة. كما أن الحرب بدأت من الأساس في 2014 وكانت هناك إشكالية في لوهانسك ودونيتسك جمهوريتي دونباس والتي تطرقت إليها اتفاقية مينسك 2 (أبرمت عام 2015، وتدعم الحكم الذاتي للجمهوريتين)، لكن تبين أن كل المفاوضات التي كانت تشارك فيها روسيا كان الغرض منها أن تكسب أوكرانيا وحلفاؤها الوقت فقط ليستعدوا للحرب.
aXA6IDEzLjU5LjEyOS4xNDEg جزيرة ام اند امز