روسيا تأكل "إرث ميركل".. الجميع ينقلب على المستشارة
اعترف كبار السياسيين في ألمانيا تقريبا بارتكاب أخطاء في سياسة الاسترضاء التي كانت متبعة حيال روسيا، إلا أنجيلا ميركل.
تمسك ميركل المستشارة السابقة التي حكمت ألمانيا بين عامي 2005 و٢٠٠١، بالدفاع عن سياستها، تزامن مع حالة من الانقلاب على إرثها حتى في أروقة فريقها القديم وتكتلها المسيحي.
واعترف زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم حاليا، وشريك ميركل في الائتلاف السابق لارس كلينجبيل، أن حزبه كان لديه "نقاط عمياء في التعامل الرسمي مع روسيا"، مضيفا "كان ذلك خطأ".
كما أقر الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير، والذي كان مهندس خط "نورد ستريم 2" إبان توليه وزارة الخارجية، بأنه كان على خطأ، وقال "تمسكي بنورد ستريم 2.. كان ذلك من الواضح أنه خطأ".
لكن ميركل التي تتهم في هذه الفترة على أنها حعلت ألمانيا أكثر اعتمادا على روسيا في إمدادات الغاز، لا تزال ترى سياستها في مجال الطاقة "عقلانية للغاية ومفهومة".
وقال في معرض دفاعها عن هذه السياسة، "كان الاعتماد بشكل أكبر على الغاز الروسي صحيحًا من منظور ذلك الوقت"، لذلك لا ترى أن عليها الاعتذار عن هذه السياسة.
هذا "العناد"، وفق صحيفة "بيلد" الألمانية، فاجأ رفيق ميركل في مؤسسات الحكم، الحكومة والبرلمان، خلال جزء كبير من حياتها السياسية؛ السياسي المخضرم في الاتحاد المسيحي ورئيس البرلمان السابق فولفغانغ شويبله (80 عاما).
وقال شويبله لصحيفة "هاندلسبلات" الألمانية ، إنه:"ملفت للنظر بشكل كبير أن المستشارة السابقة لا يمكنها القول إننا ارتكبنا أخطاء فيما يتعلق بروسيا".
وعن خطر اندلاع حرب، قال شويبله "لم نكن نريد رؤيته في ذلك الوقت (وقت حكم ميركل).. هذا ينطبق على الجميع"، مضيفا "يعني: أيضا ميركل".
ولا يقبل شويبله ما تردده المستشارة السابقة بأن سياستها كانت صحيحة في ضوء الظرف الزمني التي صنعت فيه، مضيفا "كان يستطيع المرء أن يعرف" أن الحرب القادمة.
وعلى عكس المستشارين السابقين، كونراد أديناور ويلي براندت وهيلموت كول، لا يريد شويبله المنحدر من نفس تكتل المستشارة المسيحي وصف ميركل بأنها مستشارة عظيمة.
لكن ميركل حظت بدفاع من آخر شخص متوقع، زعيم الاتحاد المسيحي الحالي وزعيم المعارضة فريديريش ميرتس، وهو دفاع غير متوقع، لأن الأخير والمستشارة كانا على خلاف دائم وانتقادات متبادلة في السنوات الماضية.
ففي فعالية للاتحاد المسيحي أشاد زعيم الاتحاد المسيحي بإرث المستشارة السابقة، بل إنه وضع ميركل في صف المستشارين الكبار المنحدرين من الاتحاد، وبالتالي ناقض شويبله بشكل غير مباشر.
وقال ميرتس "أظهر أديناور وكول قيادة، أما أنجيلا ميركل فنقلت هذه القيادة إلى المستوى الأوروبي أوروبيا".
لكن في نفس الفعالية وأمام أنظار ميرتس، صب رئيس شبيبة الاتحاد المنتخب حديثا، يوهانس وينكل (31 عامًا)، غضبه على أنجيلا ميركل بجلاء دون تسميتها.
وقال إن ألمانيا "نسيت على ما يبدو الروابط الغربية" التي صاغها كونراد أديناور وهيلموت شميدت وهيلموت كول.
وتابع "لا يمكن أن تضع إمدادات الطاقة في أيدي رجل كرس حياته لجهاز المخابرات السوفياتي"، في إشارة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
انتقادات سياسية ميركل لم تقف عند الاتحاد المسيحي ورفقاء الماضي، أو حتى الحزب الحاكم الحالي، بل إن الأمين العام للحزب الديمقراطي الحر بيجان جير ساراي قال، في تصريحات لصحيفة بيلد "ارتكبت ميركل والاتحاد المسيحي أخطاء جسيمة فيما يتعلق بروسيا".
وتابعت "قادت هذه السذاجة تجاه روسيا ألمانيا إلى اعتماد دراماتيكي في سياسة الطاقة".
وطالب جير سراي الاتحاد المسيحي بالتخلي عن الخوف من انتقاد ميركل، مضيفا "هناك حاجة إلى التواضع والموضوعية والشجاعة للتعامل مع أخطاء الحكومة السابقة".
ولم يكن ملف روسيا فقط مصدر الغضب ضد ميركل في الأسابيع الأخيرة، إذ حركت تسريبات عن نفقات كبيرة لمكتبها بعد التقاعد، والممول من الدولة انتقادات أيضا.
وكشف تقرير لمجلة دير شبيجل الأسبوع الماضي أن المستشارية أجرت مشاورات مع مكتب ميركل، وأوصت بتقليل النفقات، لأن المستشارة السابقة توظف عدداً قياسياً يصل لـ9 موظفين.
ما يتناقض مع ما كان متوافقاً عليه في مجلس النواب قبل سنوات، وهو 5 موظفين في البداية، ثم يتم التخلي عن موظف بعد سنوات قليلة من التقاعد.
هذه التقارير أثارت انتقادات واضحة للمستشارة السابقة، خاصة في ظل أزمة التضخم وزيادة أسعار الطاقة الحالية في البلاد، وحصول ميركل بالفعل على حوافز تقاعد كبيرة.
aXA6IDMuMTMzLjEwOC4yMjQg
جزيرة ام اند امز