الروسي «توشكا-يو»... صاروخ «لا يموت»

في ساحات حرب أوكرانيا التي لم تهدأ منذ أكثر من ثلاث سنوات، ينقب طرفاها في الماضي، بحثا عن أسلحة يمكن إعادة إحيائها، متحدين عاملي الزمن والتكنولوجيا، بهدف تخفيف الضغط على الترسانة العسكرية الأحدث.
وبينما تعتمد أوكرانيا على مخزون أمريكي – أوروبي من العتاد والأسلحة، استدعت روسيا «توشكا-يو» من التقاعد القسري، كأثرٍ سوفياتي يتحدى تقادم الزمن وقيود التكنولوجيا.
ومع أن منظومة «توشكا-يو» تشيخ تحت ضغط السنوات والضربات، إلا أنها منظومة صواريخ لا تزال تحتفظ بـ«حقنة سمّ» قادرة على قلب معادلة محلية في لحظة.
لتعويض النقص الحاد في صواريخ «إسكندر-إم» خلال المراحل السابقة، أعادت القوات الروسية تفعيل منظومات الصواريخ السوفياتية المتقاعدة "توشكا-يو" (OTR-21 توشكا-يو) عام 2022.
فماذا نعرف عن الصاروخ توشكا؟
- توشكا-يو.. نسخة مطورة من صاروخ توشكا التكتيكي الباليستي، والذي تم تطويره في عام 1968 ليحل محل صاروخ فروغ-7بي.
- دخل الخدمة في الجيش السوفياتي عام 1976، ودخل الإصدار الأكثر حداثة توشكا-يو الخدمة رسميًا في عام 1989.
- يجرى نقل الصاروخ وإطلاقه على قاذفة ذاتية الدفع من طراز 9P129 ، باستخدام نظام توجيه بالقصور الذاتي من أجل الدقة النسبية عند تدمير هدف.
مميزات:
"توشكا-يو" يتمتع بخصائص تشغيلية مميزة:
- تنقُّله العالي وتشغيله بوقود صلب يقلص زمن الإطلاق
- قادر على إعادة الانتشار السريع لتجنب الضربات المضادة.
- يستخدم توشكا-يو لتدمير أهداف مثل المركبات الأرضية لمجمعات الاستطلاع والهجوم ومحطات التحكم والمطارات والاحتياطيات ومستودعات الذخيرة والوقود التي تقع في عمق خط دفاع الخصم.
- يبلغ مدى هذا النوع من الصواريخ 185 كيلومترًا.
- يحمل كل صاروخ رأسًا حربيًا يصل وزنه إلى نصف طن لتدمير الهدف.
- عند الضرورة، يمكن تجهيز هذا النوع من الصواريخ برؤوس حربية بيولوجية وكيميائية وحتى نووية ذات قوة تدميرية كبيرة.
وللمناورة في ساحة المعركة، يتم وضع الصاروخ على مركبة الإطلاق. هذه المركبات مزودة بمحرك ديزل بقوة 300 حصان يسمح لها بالعمل بسرعة قصوى تبلغ 60 كم / ساعة على الطرق الإسفلتية والتحرك فوق الماء بسرعة 8 كم / ساعة.
تحديات مصيرية:
وتواجه المنظومة تحديات مصيرية تُهدد بقاءها، أبرزها:
- نضوب المخزون الروسي بعد نقل كميات كبيرة منها للجيش السوري خلال العقد الماضي، مما يجعل حجم الترسانة المتبقية غير مؤكد.
- تقلص أعدادها بفعل الضربات الخارجية، حيث دُمّرت ترسانات سوريا من هذه الصواريخ في غارات إسرائيلية في ديسمبر/ كانون الأول 2024.
- إضافةً إلى ذلك، يُسرع استنزاف الحرب في أوكرانيا - واستهلاك كميات كبيرة من الصواريخ من كلا الطرفين - من نضوب مواردها المتبقية.
يأتي ذلك فضلا عن أن مداها المحدود وضعف قدراتها المناورية مقارنةً بمنظومتي "إسكندر-إم" (500 كم) والصاروخ الكوري الشمالي "كيه إن-23" (800 كم) يُضعفان فعاليتها العملياتية ويُفرضان قيودًا كبيرة على أدائها.
ومنذ مطلع 2024، كثَّفت روسيا ضرباتها الباليستية بشكل ملحوظ، مدعومةً بشراء كميات كبيرة من صواريخ "كيه إن-23" الباليستية من كوريا الشمالية، التي يبلغ مداها 800 كم وتوسيع إنتاج صواريخها المحلية 9كيه720 الخاصة بمنظومة إسكندر التي يبلغ مداها 500 كم.
ورغم خروج آخر أنظمة توشكا-يو من الخدمة رسميًا في عام 2017 واستبدالها بمنظومة إسكندر-إم، أظهرت لقطات على وسائل التواصل الاجتماعي عودة هذه الأنظمة إلى الخدمة عام 2022، حيث جرى نقلها إلى مدينة ميليتوبول في يوليو/تموز 2022.
يأتي استخدام صواريخ توشكا القديمة بدلًا من صواريخ إسكندر-إم الحديثة كجزء من استراتيجية للحفاظ على الأخيرة لاحتمال نشوب مواجهات مع حلف شمال الأطلسي (الناتو).
هذه الآلية تشبه نهج إعادة تدوير صواريخ كروز القديمة "كيه إتش 22" التي كان مُقررا إحالتها إلى التقاعد. ورغم عُمر المنظومة الطويل، تظل "توشكا-يو" قابلة للتشغيل بسهولة نسبية في الجيوش الحديثة، بينما تُحافظ قدرتها الدقيقة (المتطورة في عصرها) على قيمتها العملية في خطوط الجبهة الحالية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTEzIA== جزيرة ام اند امز