نحن اليوم في زمن تجاوز تلك المرحلة التي تقسم العالم إلى أقطاب تحتكر التأثير بنفس الدرجة التي كانت قبل انهيار الاتحاد السوفيتي
زيارة الرئيس الروسي بوتين إلى المنطقة هي انعكاس متوقع لما لها من أهمية ليس لروسيا فقط بل للعالم كله، وعندما نتحدث تحديدا عن المملكة العربية السعودية وعن دولة الإمارات العربية المتحدة فنحن نتحدث عن أهم البلدان العربية وفقا لمكانة كل دولة في الخارطة السياسية العربية والدولية.
ولعل السؤال المهم المطروح هو ما الذي يمكن أن تمثله زيارة الرئيس بوتين ممثل روسيا ورئيسها لهاتين الدولتين السعودية والإمارات؟ في الحقيقة قبل الإجابة على هذا السؤال علينا أن ندرك أن الرئيس بوتين يفهم المنطقة بشكل كبير ويدرك كل الأزمات والتعقيدات التي تحيط بالشرق الأوسط بل إن روسيا اليوم طرف مهم في كثير من قضايا المنطقة بكل تنوعها وأشكالها.
روسيا اليوم تفكر بطرق مختلفة، دول الخليج وعلى رأسها السعودية والإمارات أيضا تفكر اليوم بطرق مختلفة، فالكل يبحث عمن يحقق معه الأهداف والمصالح بطرق سريعة وناجحة، وهنا يمكن القول إن روسيا في السعودية والإمارات أصبحت مفهوما سياسيا منطقيا ومطلوبا من أجل الاندماج مع نظام دولي مختلف يحقق التوازن للجميع
السعودية والإمارات اليوم تفكران بطريقة مختلفة عن الماضي عندما كان الاتحاد السوفيتي موجودا كقطب في مقابل أمريكا، اليوم هذه المعادلة تصاغ من جديد فالمنطلقات في علاقة روسيا في المنطقة أتت بمفاهيم جديدة ومختلفة مع الرئيس بوتين، فلم يعد الانحياز وعدم الانحياز هو المتغير الثابت الذي يتحكم في علاقات دول المنطقة مع روسيا وتحديدا السعودية والإمارات.
مفهوم المصالح المشتركة والسياسات ذات الاتجاه الواحد وبناء العلاقات وفقا لمتطلبات المرحلة هو ما يحكم العلاقات الروسية الخليجية بشكل تام، ولم تعد تلك النظرة القائمة على مفهوم القوة والسيطرة من متطلبات بناء العلاقات أو عدمها. العالم اليوم يتجاوز مرحلة "القطبية السياسية"، ويتجه نحو بناء المصالح المشتركة بغض النظر عن استدامتها أو تحديد عمرها الزمني، بمعنى دقيق فإن العلاقات الدولية اليوم ونظرياتها تكتسب منعطفا جديدا تحكمه المصالح الاقتصادية وتبادل المنافع بغض النظر عن نوع تلك المنافع سواء كانت اقتصادية أو جيوسياسية.
اليوم تشهد المنطقة الخليجية من خلال السعودية والإمارات انفتاحا غير مسبوق على جميع الاتجاهات في العالم ولعل تكرار التواجد السياسي الروسي أو الصيني أو الأوروبي في المنطقة خلال السنوات العشر الماضية يؤكد أن العالم يستعد لنظام جديد تتساوى فيه الفرص وتتشارك فيه الدول، كل بحسب إمكاناتها ومعاييرها السياسية والاقتصادية.
نحن اليوم في زمن تجاوز تلك المرحلة التي تقسم العالم إلى أقطاب تحتكر التأثير بنفس الدرجة التي كانت قبل انهيار الاتحاد السوفيتي، اليوم تغيرت المفاهيم وذابت عناصر القوى الدولية وفقا لمعطيات اقتصادية ومواقع جيوسياسية وخطط واستراتيجيات جديدة، النظام العالمي اليوم يفرض نفسه بطرق جديدة ومختلفة، ومن خلال هذا المفهوم علينا أن نقيم علاقات الدول.
روسيا اليوم تفكر بطرق مختلفة، دول الخليج وعلى رأسها السعودية والإمارات أيضا تفكر اليوم بطرق مختلفة، فالكل يبحث عمن يحقق معه الأهداف والمصالح بطرق سريعة وناجحة، وهنا يمكن القول إن روسيا في السعودية والإمارات أصبحت مفهوما سياسيا منطقيا ومطلوبا من أجل الاندماج مع نظام دولي مختلف يحقق التوازن للجميع وتتشارك به الدول وتنسقه على أرض الواقع.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة