سريلانكا ومأزق الوقود.. هل تنجح المحاولات الروسية في إنهاء الأزمة؟
كشف مسؤول بوزارة الكهرباء والطاقة في سريلانكا عن وصول ممثلين لشركتي نفط روسيتين إلى بلاده، لبحث استمرار إمدادات النفط الروسي.
الزيارة تأتي بعد أقل من يوم من مناشدة الرئيس جوتابايا راجاباكسا نظيره الروسي فلاديمير بوتين الحصول على إمدادات الوقود.
وكتب راجاباكسا تغريدة قال فيها "حظيت بمحادثة بناءة للغاية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ولدى تقديمي للشكر على كل الدعم الذي قدمته حكومته للتغلب على التحديات في الماضي، طلبت عرضا لدعم ائتماني لاستيراد الوقود لمواجهة التحديات الاقتصادية الحالية".
وقال راجاباكسا إنه ناشد بوتين استئناف رحلات الخطوط الجوية الروسية "إيروفلوت" إلى سريلانكا. وكانت شركة إيروفلوت قد علقت رحلاتها التجارية إلى كولومبو في الرابع من يونيو/حزيران الماضي بعد عدم السماح بتحرك طائرة مؤجرة تقوم الشركة بتشغيلها بناء على أمر محكمة طلبته شركة في أيرلندا، تمتلك الطائرة.
بعد ذلك ألغت المحكمة الأمر، ما سمح للطائرة بالمغادرة. ولكن إيروفلوت لم تستأنف الرحلات إلى سريلانكا، مما مثل ضربة قوية لقطاع السياحة.
يشار إلى أن سريلانكا تعاني من أزمة اقتصادية، حيث لا تمتلك النقد الأجنبي لشراء الوقود والغاز والأدوية والإمدادات الغذائية.
وذكرت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء أن نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف قال أمس الخميس إن خطط فرض حدود قصوى لأسعار النفط الروسي "ستنهار" وستجد روسيا سبلا لتأمين إيرادات ميزانيتها.
وناقشت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين خطة الحد الأقصى لأول مرة الشهر الماضي كجزء من حملة لزيادة الضغط على روسيا بسبب ما تطلق عليه موسكو "عملية عسكرية خاصة" في أوكرانيا.
ولم يتم الإعلان بعد عن شكل الاتفاق النهائي ومستوى السعر.
لا يكفي سوى يوم واحد
صرح مسؤول حكومي بارز في سريلانكا يوم الإثنين بأن البلاد تناشد الدول والموردين الأجانب لإمدادها بمخزونات من الوقود خلال الأسبوعين المقبلين، بعدما نفدت الإمدادات لديها وتعتمد حالياً على مخزونات من شركة هندية لتوفير الديزل والبنزين للمستهلكين الذين يتملّكهم الغضب جراء الأزمة في محطات الوقود.
وقال مسؤول من وزارة الكهرباء والطاقة إن شركة النفط الهندية لانكا، وردت يوم الأحد الماضي مليون لتر من البنزين والديزل لعدد 202 محطة وقود لها في سريلانكا.
وأضاف وزير الكهرباء والطاقة كانشانا ويجيسكارا إن الحكومة لم يعد لديها سوى إمدادات وقود تكفي ليوم واحد، كما أن شحنة البنزين التالية مقررة في غضون أسبوعين.
غضب من غلاء الوقود
رفعت سريلانكا في 28 يونيو/ حزيران الماضي سعر الوقود بنسبة تصل إلى 22% بعد أن حذر كانشانا ويجيسكيرا وزير الطاقة من نفاد البنزين والديزل تقريبًا لتعذر وصول شحنات عدة كانت متوقعة والإرجاء أجل غير مسمي.
وذكرت شركة "سيلان بتروليوم" أنها رفعت سعر الديزل، المستخدم على نطاق واسع في وسائل النقل العام، بنسبة 15% إلى 460 روبية أي ما يعادل (1.27 دولار) للتر، بينما زاد البنزين بنسبة 22% إلى 550 روبية (1.52 دولار).
وأدى النقص في كل الاحتياجات من الغذاء إلى غاز الطهي إلى أسرع تضخم في آسيا، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 30% تقريباً، وتطور الأمر إلى اضطرابات اجتماعية وسياسية.
وهناك انقطاع للتيار الكهربائي ونقص في الأدوية ما أدى بالنظام الصحي إلى حافة الانهيار.
مأزق الديون
بدأت الأزمة المالية في سريلانكا خلال الربع الأول من عام 2020، مع بداية انتشار جائحة كورونا، والتي أسفرت عن نفاد احتياطيات سريلانكا من العملات الأجنبية فعليًا.
وفي مايو/ أيار، فشلت في سداد ديونها الخارجية، لأول مرة في تاريخها، بعدما راكمت حكومة سريلانكا 51 مليار دولار من الديون الخارجية.
وهذا العام، سيُطلب منها دفع 7 مليارات دولار لخدمة هذه الديون، وكذلك مبالغ مماثلة لسنوات قادمة. تسعى الحكومة للحصول على قروض مؤقتة طارئة، بقيمة 3 مليارات دولار، من صندوق النقد الدولي حتى تتمكن من السداد.
وتدين سريلانكا بمبلغ 6.5 مليار دولار للصين، وتجري الدولتان محادثات حول كيفية إعادة هيكلة الديون.
وقال صندوق النقد الدولي إن الحكومة يجب أن ترفع أسعار الفائدة والضرائب كشرط لأي قرض.
ووافق البنك الدولي من جانبه على إقراض سريلانكا 600 مليون دولار.
وخصصت الهند 1.9 مليار دولار لسريلانكا، وقد تقرضها 1.5 مليار دولار إضافية للواردات.
وقالت مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى - كندا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، اليابان، بريطانيا، والولايات المتحدة - إنها ستقدم المساعدة لسريلانكا في تخفيف أعباء الديون.
"كورونا أصاب السائحين بالخوف"
وتلقي الحكومة باللوم على جائحة كوفيد، التي أثرت على قطاع السياحة في سريلانكا - أحد أكبر مصادر الدخل القومي بالعملة الأجنبية. كما تقول إن السائحين شعروا بالخوف من سلسلة من الهجمات القاتلة بالقنابل على الكنائس في عام 2019.
ومع ذلك، يقول العديد من الخبراء إن اللوم يقع على الحكومة بسبب سوء الإدارة الاقتصادية.
في نهاية الحرب الأهلية في عام 2009، اختارت سريلانكا التركيز أكثر على توفير السلع للسوق المحلية، بدلاً من محاولة اقتحام الأسواق الأجنبية. لذلك ظل الدخل من الصادرات منخفضًا، بينما استمرت فاتورة الواردات في النمو، حسبما ذكرت BBC.
تستورد سريلانكا الآن بنحو 3 مليارات دولار أكثر مما تصدره كل عام، وهذا هو سبب نفاد العملات الأجنبية لديها.
في نهاية عام 2019، كان لدى سريلانكا 7.6 مليار دولار من احتياطيات العملات الأجنبية.
بحلول مارس/أذار 2020 انخفض هذا المبلغ إلى 1.93 مليار دولار، وقالت الحكومة مؤخرا إنه لم يتبق سوى 50 مليون دولار.
كما تراكمت على الحكومة ديون ضخمة لدول من بينها الصين، لتمويل ما وصفه منتقدون بمشاريع البنية التحتية غير الضرورية.
جزء كبير من الغضب الشعبي بسبب الأزمة الاقتصادية موجه إلى الرئيس غوتابايا راجاباكسا وشقيقه ماهيندا، الذي عينه رئيساً للوزراء، لكن أقيل في مايو/أيار.
تعرض الرئيس راجاباكسا لانتقادات، بسبب التخفيضات الضريبية الكبيرة التي أدخلها في عام 2019. وقال وزير المالية، علي صبري، إن هذه التخفيضات قللت الدخل الحكومي بما يزيد على 1.4 مليار دولار سنويا.
عندما أصبح نقص العملات الأجنبية في سريلانكا مشكلة خطيرة في أوائل عام 2021، حاولت الحكومة الحد منه عن طريق حظر استيراد الأسمدة الكيماوية.
وطلبت من المزارعين استخدام الأسمدة العضوية من مصادر محلية بدلاً من ذلك.
أدى هذا إلى تراجع إنتاج المحاصيل الزراعية على نطاق واسع. كان على سريلانكا أن تكمل مخزونها الغذائي من الخارج، ما زاد من نقص العملة الأجنبية لديها.
وقال تقرير لصندوق النقد الدولي في مارس/أذار من هذا العام إن حظر الأسمدة (تم التراجع عنه في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2021) أضر أيضًا بصادرات الشاي والمطاط، ما سيؤدى إلى خسائر "كبيرة محتملة".
aXA6IDE4LjIyNS41Ni43OSA= جزيرة ام اند امز