العميل الروسي المزدوج.. تسميم يُفرز حمى تضامنية غربية مع بريطانيا
موجة طرد سفراء روس من عدد من البلدان الغربية لم يشهدها العالم حتى في أحلك فترات الحرب الباردة.
موجة طرد سفراء روس من عدد من البلدان الغربية لم يشهدها العالم حتى في أحلك فترات الحرب الباردة المندلعة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي وحلفائهم، منذ منتصف الأربعينيات حتى أوائل التسعينيات.
فمن الولايات المتحدة إلى كندا وأوكرانيا مرورا بالعديد من البلدان الأوروبية، بينها فرنسا، جميعها أعلنت عزمها طرد سفراء موسكو لديها، على خلفية قضية تسميم العميل الروسي المزدوج سيرجي سكريبال على الأراضي البريطانية.
رئيس المجلس الأوروبي، دونالد تاسك، قال في تصريحات إعلامية من مدينة فارنا البلغارية التي توجه إليها لحضور القمة الأوروبية: "بطريقة متناسقة، قررت 14 دولة من الاتحاد الأوروبي طرد الدبلوماسيين الروس".
تاسك لم يستبعد "اتخاذ تدابير إضافية، بينها عمليات طرد أخرى، في الأيام والأسابيع القليلة المقبلة".
إجراءات متزامنة اتخذها رؤساء بلدان وحكومات دول أوروبية، خلال اجتماع عقد الخميس الماضي بالعاصمة البلجيكية بروكسل، عقب اعتماد بيان يجرّم روسيا في قضية تسميم سكريبال وابنته يوليا.
وفي الرابع من مارس/ آذار الجاري، عُثر على العميل الروسي المزدوج وابنته، مغمى عليهما على أريكة في مدينة سالزبوري جنوب شرقي بريطانيا.
واتهمت لندن موسكو بتسميم سكريبال وابنته، ما فجّر أزمة دبلوماسية بين الجانبين، لم تضع أوزارها حتى الساعة، في وقت اصطف فيه عدد كبير من البلدان الغربية خلف المملكة المتحدة، مؤيدين اتهاماتها ضد موسكو و"حقها في الدفاع عن سيادتها وحرمة أراضيها".
حمى الطرد تجتاح الغرب
وتصدرت عدة بلدان أوروبية طليعة المؤيدين للموقف البريطاني، عبر طرد دبلوماسيين روس من على أراضيها، وهي: ألمانيا التي أعلنت طرد 4 دبلوماسيين، وفرنسا (4)، وبولونيا (4). تليها تشيك التي طردت 3، وليتوانيا (3)، وإيطاليا والدنمارك وهولندا (اثنان لكل منها).
أما إستونيا ولاتفيا وفنلندا، فقد أعلنت كل منها طرد دبلوماسي روسي، لتنسج على منوالها رومانيا والسويد وكرواتيا.
ففرنسا التي كانت من أوائل البلدان الأوروبية التي سارعت بإعلان دعمها للمملكة المتحدة، لم تتأخر في تفعيل دعمها عبر إعلان وزير خارجيتها، جان إيف لودريان، في بيان: "أبلغنا السلطات الروسية بقرارنا طرد 4 من الموظفين الروس الحاملين للصفة الدبلوماسية، وقد أمهلناهم أسبوعا لمغادرة أراضينا".
وعلاوة على ما تقدم، أعلنت أوكرانيا طرد 13 دبلوماسيا روسيا من على أراضيها، في قرار قال رئيس البلاد، بترو بوروشنكو، إنه يأتي "في إطار روح التضامن مع شركائنا البريطانيين وحلفائنا عبر الأطلسي، وبالتنسيق مع بلدان الاتحاد الأوروبي".
من جهتها، أعلنت واشنطن، الإثنين، طرد 60 "جاسوسا" روسيا، في إطار تدابير التضامن المتخذة بالتنسيق بين الدول الغربية.
مسؤول رفيع المستوى بالإدارة الأمريكية، قال في تصريحات نقلتها وسائل إعلام فرنسية، إن "واشنطن أمهلت 48 من عملاء المخابرات المعروفين"، العاملين ضمن بعثات مختلفة في الولايات المتحدة، و12 آخرين يعملون في إطار البعثة الروسية للأمم المتحدة، أسبوعا لمغادرة أراضيها".
وتوضيحا لدوافع القرار الذي يعتبر الأقوى من نوعه منذ نهاية الحرب الباردة، قالت الخارجية الأمريكية، في بيان: "نتخذ هذه الإجراءات لنظهر تضامننا الراسخ مع بريطانيا، ولفرض عواقب وخيمة على روسيا لانتهاكاتها المتواصلة للمعايير الدولية".
موقف لا يختلف في عمقه عن قرار كندا التي أعلنت بدورها طرد 4 دبلوماسيين روس، وفق ما صرحت به وزيرة خارجيتها كريستينا فريلاند.
موسكو تتوعد بالرد
في الوقت الذي أشادت فيه لندن بموجة التضامن الغربية معها، توعدت موسكو بالرد.
وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، حيا ما وصفه بـ"الرد الاستثنائي" لحلفاء بلاده ضد روسيا، معتبرا في تغريدة عبر «تويتر» أن "أكبر موجة طرد للعملاء الروس في التاريخ، من شأنها أن تحمي أمننا المشترك".
رد "جماعي" رأت فيه موسكو "استفزازا"، وفق الخارجية الروسية التي قالت في بيان: "نستنكر بشدة قرار العديد من بلدان الاتحاد الأوروبي ودول الناتو (حلف شمال الأطلسي) طرد دبلوماسيين روس".
واعتبر البيان أن "هذه الحركة الاستفزازية للتضامن المزعوم مع لندن (…) يشهد على استمرار خط مواجهة يرمي لتصعيد الوضع"، لافتا إلى أن البلدان التي اختارت طرد الدبلوماسيين "إنما سارت وراء لندن دون أن تكلف نفسها عناء الفهم (…)، وهذا ما حدث".
وجددت الوزارة استنكارها لـ "الاتهامات المجانية" ضد موسكو، مشيرة إلى أن "هذا القرار غير الودي لن يمر دون عواقب، وسنرد عليه بالضرورة".