روسيا والأزمة الليبية.. زيارات متبادلة وتنسيق مع دول الجوار
المتابع للشأن الليبي يلحظ نشاطا روسيّا، تجسد في زيارات متبادلة بين أطراف الأزمة ومسؤولين روس، وتنسيق في المواقف مع دول جوار ليبي
رغم تصريحاتها المساندة لمجلس النواب و"الجيش الليبي" بقيادة المشير خليفة حفتر، ظلت روسيا لفترة طويلة تراقب الأزمة الليبية عن بُعد ونأت بنفسها عن التدخل الفعلي فيها بأي شكل من الأشكال، غير أن المتابع للشأن الليبي يلحظ هذه الفترة نشاطا روسيا ملحوظا في هذا الملف، تجسد في زيارات متبادلة بين أطراف الأزمة ومسؤولين روس، وكذلك تنسيق في المواقف مع دول جوار ليبيا.
واستقبل، الثلاثاء، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني بليبيا، فائز السراج، نائب وزير الخارجية الروسي "ميخائيل بوغدانوف"، الذي يزور طرابلس، وقال بيان صادر عن المجلس، إن السراج طلب من بوغدانوف أن تساعد روسيا بما لديها من ثقل دولي في رفع حظر السلاح المفروض على ليبيا، كما طالبه بأن تتدخل روسيا بما لديها من علاقات بأطراف النزاع في ليبيا لوقف التصعيد العسكري غير المبرر في الجنوب الليبي.
وقبل هذه الزيارة بـ26 يوما، التقى السراج أيضا بوغدانوف على هامش القمة العربية في عمان، وأكد السراج، خلال اللقاء، أهمية دور روسيا في خلق التوازن الدولي، داعيا إلى أن ينعكس هذا الدور إيجابيا على الحالة الليبية.
ومن جانبه، أكد بغدانوف حرص روسيا على عودة الأمن والاستقرار إلى ليبيا، وقال إن بلاده تريد أن ترى ليبيا دولة مزدهرة، وهي حريصة على وحدة التراب الليبي، ومستعدة لتقديم المساعدة لتتجاوز ليبيا الأزمة التي تمر بها، مشددا على ضرورة أن يعمل الليبيون بأنفسهم على تسوية خلافاتهم من خلال الحوار الوطني.
ولم يقتصر الدور الروسي على التواصل مع المجلس الرئاسي؛ فبعد 3 أيام من لقاء بوغدانوف مع السراج على هامش القمة العربية، كان هناك لقاء جمعه في موسكو مع عبد الباسط البدري، مبعوث قائد الجيش الوطني الليبي، خليفة حفتر.
وجاء في بيان صدر عن الخارجية الروسية، أن المحادثات بين الاثنين شملت "تبادلا مفصلا للآراء حول تطورات الوضع في ليبيا بالتركيز على أهمية ترتيب حوار شامل بمشاركة ممثلين عن جميع القوى السياسية الأساسية والمجموعات القبائلية والمناطق".
وشدد البيان على أن تنفيذ هذه الخطوة "أمر ضروري للتوصل إلى اتفاقات صامدة هادفة إلى إخراج البلاد من الأزمة السياسية الداخلية التي طال أمدها".
وأضاف البيان أن بوغدانوف، الذي يتولى أيضا منصب المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أكد موقف موسكو "الصارم لدعم العملية السياسية القائمة على ضرورة ضمان وحدة ليبيا وسيادتها ووحدة أراضيها، وكذلك استعدادها للإسهام في دفعها (العملية السياسية) قدما نحو الأمام بشكل ناجح".
وقبل هذا اللقاء بنحو شهرين، كانت هناك زيارة قام بها قائد الجيش الليبي خليفة حفتر إلى حاملة الطائرات الروسية "الأدميرال كوزنيتسوف"، وذلك خلال عبورها المياه الإقليمية الليبية في طريق عودتها من سوريا إلى روسيا.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إن حفتر أجرى جولة على متن حاملة الطائرات وسلمه الجانب الروسي خلالها دفعة من الأدوية الضرورية للجيش الليبي والسكان المحليين، بحسب الوزارة.
وبعد إنهاء جولته على متن حاملة الطائرات، أجرى حفتر مباحثات مع وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، تناول خلالها جملة من القضايا الملحة المتعلقة بمكافحة الإرهاب الدولي في منطقة الشرق الأوسط.
وإضافة لهذه الزيارات المتبادلة، بذلت روسيا جهودا في التنسيق مع دول جوار ليبيا، فاستضافت الجزائر في 18 إبريل/نيسان الجاري الدورة الثانية للمشاورات الثنائية بين روسيا والجزائر حول الأمن ومكافحة الإرهاب، وكانت ليبيا حاضرة بقوة في هذه المشاورات، بحسب بيان للخارجية الجزائرية.
وقال البيان، إن الجانب الروسي أبدى تأييدا للرؤية الجزائرية في حل الأزمة الليبيبة، والقائمة على حل النزاعات من خلال الحوار الشامل والمصالحة الوطنية.