"مفرمة اللحم" في باخموت.. مراهقو أوكرانيا بين البقاء والثأر
يعيش مراهقو العالم أحلاما وردية بمستقبل زاهر، إلا أن مراهقي أوكرانيا وضعهم مختلف.
والسبب في ذلك أن كييف قررت إرسالهم للانضمام إلى قواتها التي تخوض معارك شرسة مع القوات الروسية في باخموت.
وبحسب صحيفة "التايمز" البريطانية فإن فاديم فلاسينكو (18 عاما) هو أحد هؤلاء المجندين الذين نشرتهم أوكرانيا في منطقة دونيتسك استعداد "لمفرمة باخموت".
فلاسينكو، الذي يعرف باسم "مالوي" أو "الطفل" بين زملائه الجنود، كان يجلس بهدوء وهو يحمل بندقية هجومية في يديه، فيما ترتفع أصوات قذائف المدفعية من بعيد، في تذكير دائم بـ"مفرمة لحم" باخموت القريبة، موقع أعنف المعارك في الحرب.
وحتى 6 أشهر ماضية، كان هذا الجندي يدرس الضيافة في الجامعة، وبعد أكثر من 40 يوما من التدريب العسكري الكثيف، يستعد الآن للذهاب إلى أطلال باخموت الرهيبة. لكنه لم يطلق النار من سلاحه بعد، تعبيرا عن الغضب.
فلاسينكو قال لـ"التايمز" من قاعدة عسكرية أوكرانية: "فكرت لقرابة الشهرين قبل أن أتخذ قراري بالانضمام إلى القتال.. حاول كثيرون إقناعي بالعدول عن ذلك، وقالوا لي: اجلس. ماذا ستفعل هناك؟ حياتك بأكملها تنتظرك".
فلاسينكو، وهو طفل يتيم، نشأ في دار للأيتام ومع أسرة حاضنة، لم يخبر والداه بالتبني بقراره بشأن القتال، وكما الحال مع العديد من الجنود الأوكرانيين، فإنه فرد من الأجيال الأولى التي بلغت السن القانوني بعد استقلال البلاد عن روسيا في 1991.
وقال: "العديد من أصدقائي ومعارفي قتلوا بالفعل في هذه الحرب.. صديق جيد لي قتل.. أود الانتقام، والدفاع عن وطني، وتحقيق العدالة".
وأضاف "استيقظت ذات صباح وذهبت إلى مكتب التجنيد في الجيش.. حاول بعض المسؤولين هناك أيضًا تغيير رأيي، في حين كان آخرون سعداء بذلك."
وتمكنت أوكرانيا، بعد شهور من التقدم الروسي في باخموت، من إخراج القوات الروسية من المناطق على مشارف المدينة.
وقال العقيد أولكسندر سيرسكي، قائد العمليات الأوكرانية في المنطقة، إن قواته نفذت أول هجوم مضاد في المعركة، فيما اعترفت موسكو بمقتل اثنين من قادتها.
ومع ذلك، كان لهذا الاختراق ثمنا باهظا، إذ أن الكتيبة 228 التي انضم إليها فلاسينكو مؤخرا، انسحبت من باخموت بعد تكبدها خسائر فادحة.
وقال قائد الكتيبة كوستيانتين زايدكوف: "نصف الكتيبة من المصابين.. وهناك أيضا قتلى، والعديد من الأفراد يعانون جروحا طفيفة، ومستعدون للخدمة مجددا".
فلاسينكو ليس المجند الجديد الوحيد في الكتيبة؛ إذ قال يوري دياتشكوف (38 عامًا) وجندي آخر (24 عامًا)، إنهما كانا يعيشان في بولندا المجاورة عندما بدأت الحرب.
وكما الحال مع فلاسينكو، لم تكن لديهم خبرة سابقة في القتال، لكن أصروا جميعهم على أنهم مستعدون نفسيا لقتل الجنود الأعداء.
وقال زايدكوف إن المجندين لم يتم الإلقاء بهم مباشرة في أكثر المناطق سخونة في معركة باخموت.
وأضاف "لا يمكنهم فعل شيء بعد ولا يعرفون شيئا في الأساس.. أخبرتهم أن مهمتهم الأساسية الآن تعلم كيفية البقاء على قيد الحياة، والاستماع إلى القادة، ومراقبة ما يفعله المقاتلون الأكثر خبرة.. لا نريدهم أن يصابوا أو يقتلوا أو يصبحوا أبطالا.. لا نحتاج أبطالا، نحتاج مقاتلين يمكنهم تحقيق النصر لبلدنا".