لماذا غيّر الغرب سياسة تسليح أوكرانيا؟
أحجمت واشنطن على مدار شهور عن إرسال دبابات "إم 1 أبرامز" إلى أوكرانيا، مصرة على أنها معقدة للغاية ومن الصعب صيانتها وإصلاحها.
لكن ذلك تغير فجأة يوم الأربعاء، حيث تمت الاستجابة لمناشدات أوكرانيا اليائسة للحصول على الدبابات الثقيلة، بحسب وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية.
وجاء ذلك التغيير نتيجة الضغوط الدولية المتزايدة ودبلوماسية "لي الذراع" التي شهدها الأسبوع الماضي، وأسفرت عن سلسلة من الإعلانات المتتالية.
إذ قالت الولايات المتحدة إنها سترسل 31 من دبابات أبرامز إلى أوكرانيا، فيما أعلنت ألمانيا عن إرسال 14 من دبابات ليوبارد 2، وسمح كذلك لدول أخرى بفعل الأمر نفسه.
دبابات أبرامز
قادت دبابات "إم 1 أبرامز" المعارك الأمريكية على مدار عقود، وبحسب الوكالة الأمريكية فهي قادرة على حمل طاقم مكون من أربعة أفراد، ونٌشرت للمرة الأولى في الحروب عام 1991.
وتتمتع الدبابة بدروع سميكة، ومدفع رئيسي عيار 120 ملم، وقدرات خارقة للدروع، وأنظمة استهداف متقدمة، وعجلات مجنزرة سميكة، ومحرك توربيني بقوة 1500 حصان وتصل سرعته القصوى لـ42 ميلا في الساعة (68 كيلومترا في الساعة).
وأشادت الطواقم التي أجريت معها مقابلات في مراجعة لمكتب المساءلة الحكومية عام 1992، بقدرة الدبابات من هذا النوع على النجاة في ساحة المعركة، وقالوا إن "العديد من طواقم الدبابة إم 1 آيه 1 أبلغوا عن التعرض لضربات مباشرة من دبابات تي-72 لكنهم خرجوا بأضرار طفيفة".
وقادت إبرامز المعروفة بـ"عملاق المعارك" الهجوم على بغداد خلال الغزو الأمريكي عام 2003، حيث تمكنت من اختراق الدفاعات العراقية.
وقال الملازم السابق في الجيش الأمريكي كيفين باتلر إن محرك دبابات أبرامز القوي يمكنه دفعها عبر أي تضاريس تقريبا، سواء كانت ثلوجا عميقة أم وحلا كثيفا، متذكرا تدريبا نهاية التسعينيات في جورجيا، حين أعرب عن قلقه من تعثر الدبابات بسبب الطين الذي تسبب في تعثر سيارات الهامفي بالفعل.
لكنه قال إن دبابات أبرامز "لم تلحظ حتى" وجود الوحل.
الرفض الأمريكي
يحتاج محرك دبابات أبرامز لمئات الجالونات من الوقود لتشغيلها، وتحرق وقودا بمعدل لا يقل عن جالونين لكل ميل (4.7 ليتر لكل كيلومتر)، سواء كانت الدبابة تتحرك أم متوقفة، بحسب باتلر، مما يعني أنه يتعين على شاحنات الوقود البقاء قريبة باستمرار حتى يمكن للدبابة مواصلة تقدمها.
وتقلق الولايات المتحدة من أن طلبات الوقود ستتسبب في كابوس لوجيستي للقوات الأوكرانية، ففي حين يمكن لدبابات أبرامز التوغل عبر الثلوج والوحل، لا يمكن لشاحنات الوقود القيام بذلك.
وعلاوة على ذلك، ومثل أي محرك نفاث، يحتاج المحرك التوربيني الموجود في أبرامز إلى الهواء الذي تتلقاه عبر فتحات فلاتر التهوية، لكن عندما تنسد تلك الفتحات، سواء بسبب الرمال أو الحطام الذي قد يعلق بها في أوكرانيا، لا يمكنها العمل.
وقال وكيل وزارة الدفاع لشؤون السياسات كولن كال، للمراسلين الأسبوع الماضي في البنتاغون، إن "دبابات أبرامز قطعة معقدة للغاية، كما أنها باهظة الثمن، ومن الصعب التدريب عليها.. ليست أسهل نظام يمكن صيانته".
كما ستتطلب دبابات أبرامز شهورا من التدريب، حيث سيتعين على القوات الأوكرانية تعلم كيفية تشغيل أنظمتها الأكثر تعقيدا، وكيفية مواصلة تزودها بالوقود.
"لي الذراع"
رغم هذه العوائق التي أعربت عنها الولايات المتحدة أصبح تسليم هذه الدبابات رهن الواقع السياسي والمراوغة الدبلوماسية.
وترددت ألمانيا في إرسال دبابات ليوبارد، أو السماح للحلفاء بإرسالها، ما لم ترسل الولايات المتحدة دبابات أبرامز الخاصة بها، بسبب المخاوف من التورط بشكل مباشر في الحرب.
وفي غضون ذلك، جادلت الولايات المتحدة بأن الدبابات الألمانية ملائمة أكثر، إذ يمكن للقوات الأوكرانية التدريب عليها بشكل أسرع وأسهل.
وأغضب ذلك الخلاف الحلفاء الأوروبيين مثل بولندا، التي أرادت إرسال دبابات ليوبارد لكن لم يكن بإمكانها ذلك بدون موافقة ألمانيا، لذلك بدأت المفاوضات الأكثر شراسة.
واستخدم كل من المسؤولين الأمريكيين والألمانيين كلمة "محتدمة" لوصف المحادثات الثنائية التي قادت في النهاية إلى تحول تاريخي بشأن الدبابات من جانب البلدين.
ويوم الجمعة الماضي كان الضغط ملموسا، واجتمع كبار قادة الدفاع من أكثر من خمسين دولة في ألمانيا لمناقشة الاحتياجات الأوكرانية المستمرة من الأسلحة والمعدات، وكانت الدبابات نقطة أساسية.
كما التقى القادة من الدول التي تمتلك دبابات ليوبارد مع وزير الدفاع الألماني الجديد، على هامش الاجتماع الأكبر.
وبدأ النهج الألماني تدريجيا يلين علانية وصولا إلى الإعلان الصادر، الأربعاء. فيما تجنب المسؤولون في إدارة بايدن، عند سؤالهم مرارا عما تغير في موقف أمريكا الذي كان رافضا تسليم إبرامز، الإجابة.
ولدى سؤاله مباشرة عن الضغط الألماني، قال بايدن للمراسلين: "لم تجبرني ألمانيا على تغيير رأيي".
aXA6IDE4LjIyMi4xNjMuMTM0IA== جزيرة ام اند امز