الدبابات تزحف للجبهة.. الغرب يناور روسيا بثقة "جيوسياسية"
بعد أسابيع من المشاحنات والضغوط جاءت اللحظة المهمة في الحرب الأوكرانية، إعلان ألمانيا إرسال دباباتها "ليوبارد 2" إلى كييف.
وأعلن المستشار الألماني أولاف شولتز الخطوة الأربعاء، مذعنا للضغوط الدولية المتزايدة، بقيادة الولايات المتحدة وبولندا ومجموعة من الدول الأوروبية الأخرى، التي دعت برلين لتكثيف دعمها العسكري والتزامها تجاه كييف، بحسب شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
ويبدو أخيرا أن الولايات المتحدة وبعض حلفائها الغربيين سيرسلون أيضا مدرعات إلى الخطوط الأمامية ضد روسيا، في خطوة لم يكن يمكن التفكير فيها قبل شهور.
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن، الأربعاء، إنه سيزود أوكرانيا بـ31 دبابة من طراز "إم 1 أبرامز"، ليتراجع بذلك عن المعارضة الممتدة منذ فترة طويلة لطلبات كييف بإرسال المركبات المتطورة للغاية.
في المقابل، اعتبر الكرملين الخميس أن قرار الدول الغربية إرسال دبابات لكييف يجعلها طرفا في النزاع.
وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف لصحفيين "تدلي العواصم الأوروبية وواشنطن باستمرار بتصريحات، مفادها بأن إرسال أنواع مختلفة من الأسلحة، بما في ذلك الدبابات، لا يعني بأي حال تورطها في القتال، نحن لدينا رأي مختلف تماما بشأن ذلك".
وتابع "في موسكو، يُنظر إلى هذا الأمر على أنه تورط مباشر في النزاع وأن ذلك يزداد".
خطوة غربية شرسة
ورأت شبكة "سي إن إن" الأمريكية أن القرار الغربي بالغ الأهمية، ويرجع ذلك جزئيا إلى أنها ليست أسلحة دفاعية، على عكس منظومات الدفاع الجوي أو الصواريخ المضادة للدبابات، لافتة إلى أن تدفق الدبابات الغربية إلى الصراع قادر على تغيير شكل الحرب.
ومثل أنظمة المدفعية والصواريخ التي سبقتها فإن دفعات الأسلحة الغربية الثقيلة تستهدف ضرب القوات الروسية بقوة عبر هجوم بري.
لكن على عكس تلك الأنظمة، فإن الأسلحة الجديدة مرتبطة قطعا باستعادة أوكرانيا للأراضي، وبحسب "سي إن إن" تعتبر تلك الخطوة جديدة وشرسة، وتعكس عدم شعور حلف شمال الأطلسي "ناتو" بالخوف".
وقال مسؤولان أمريكيان إن خطط أمريكا لإرسال 30 دبابة أبرامز الرمزية إلى حد كبير شجعت ألمانيا بما يكفي للتراجع عن اعتراضها على إرسال دبابات "ليوبارد ٢".
وسيشكل إدخال تلك الدبابات إلى الخدمة عبر المساحات الشاسعة لأوكرانيا وصيانتها تحديا كبيرا، لكنه يعكس استعداد واشنطن للاضطلاع بالكثير من التزامها تجاه الحرب ورؤيتها لاحتمالات تحقيق أوكرانيا نصرا أوسع نطاقا.
وبحسب "سي إن إن"، تعكس هذه الموجة الأخيرة من المساعدات الغربية أمرين، الأول أن تلك الدول ليست قلقة حيال خرق "الخطوط الحمراء" الروسية، والثاني شعور الدول الأعضاء في الناتو بقلق أقل حيال تعرضها لهجوم روسي في المستقبل المنظور، حيث يرسلون الأسلحة التي سيحتاجون إليها بصورة ملحة حال وقوع مثل هذا الصراع.
الاستخدام الأوكراني
بدوه رحب أندريه يرماك، مدير مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بأنباء إرسال ألمانيا دبابات ليوبارد 2 القتالية إلى بلاده، مكررا أن كييف تحتاج "الكثير" منها.
ويتمثل هدف إرسال هذه الدبابات، بحسب بيان الحكومة الألمانية، في تشكيل كتيبتين اثنتين من دبابات ليوبارد 2 بسرعة، على أن يبدأ تدريب الطواقم الأوكرانية بسرعة أيضا في ألمانيا.
وبالإضافة إلى التدريب ستتضمن الحزمة أيضا أنظمة لوجيستيات، وذخيرة وصيانة. وقال وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس إنه سيصبح بالإمكان تشغيل دبابات ليوبارد في ساحة المعركة، خلال حوالي ثلاثة أشهر.
لكن من المرجح أن تكون خطة إدخال دبابات أبرامز الأمريكية أكثر تعقيدا، إذ إنها لا تحتاج عبور المحيط الأطلسي فقط، بل تعتبر أنظمتها أكثر تعقيدا كذلك وتحتاج لتدريب معقد.
ويعني الإعلان الصادر، الأربعاء، أن أوكرانيا ستحصل قريبا على دبابة حديثة من شأنها تعزيز ترسانتها بشكل كبير قبل تجدد القتال البري المتوقع في الربيع.
وتستعد أوكرانيا لهجوم روسي خلال الأسابيع المقبلة، والذي يستهدف استكمال السيطرة على منطقتي لوهانسك ودونيتسك، الأهداف الرئيسية التي حددها الرئيس فلاديمير بوتين لما يصفه بـ"عملية عسكرية خاصة".
ولعبت المساعدات العسكرية الغربية السابقة، مثل منظومة صواريخ هيمارس، دورا حيويا في مساعدة أوكرانيا في عرقلة التقدم الروسي، وشن سلسلة من الهجمات المضادة الناجحة خلال الشهور الأخيرة.
وبعد عاصفة الدعم الأخيرة تأمل كييف أن تكون للدبابات الغربية تأثيرا مشابها لـ"هيمارس" على الحرب البرية البطيئة الطاحنة في شرق أوكرانيا.