كيف برر إعلام بوتين تدخل الدب الروسي في سوريا؟
الإعلام الروسي الرسمي هو السر في تقبل الروس لتدخل بلادهم في حرب سوريا، وهذا الأسلوب ظهر في واقعة اغتيال السفير الروسي لدى تركيا
إذا تساءل البعض كيف يتقبل الروس الجرائم، التي يقترفها بلدهم في سوريا، فالإجابة هي "الإعلام الروسي الرسمي"، حسب تقرير نشرته مجلة "ذا أتلانتيك" الأمريكية، قالت فيه إن هذا الأسلوب ظهر في التعليق على واقعة اغتيال السفير الروسي لدى تركيا، أندريه كارلوف.
وأشارت إلى أنه في مواجهة موجة غضب هائلة أثارها هذا العمل الإرهابي في أنحاء روسيا، وصف رئيس مجلس النواب الروسي، السفير القتيل بـ"الوطني والدبلوماسي الماهر" الذي لقى مصرعه أثناء تأدية وظيفته ومهامه، بينما أدان الرئيس فلاديمير بوتين عملية اغتياله معتبرا إياها صفعة ضد العلاقة الروسية التركية و"عملية السلام في سوريا".
وأشارت إلى أن الإعلام علق بشكل مماثل أو مشابه، بالقول إن روسيا تعرضت لضربة قوية بسبب حربها ضد الإرهاب، وأن اغتيال السفير الروسي رد فعل وحشي على مهمة روسيا البديهية في سوريا، عبر وسائل الإعلام الرسمية الروسية التي تعتبر المصدر الأساسي لمعلومات الروس.
لكنها رأت أن ثمة عنصر غائب بشكل ملحوظ، هو مدينة حلب السورية التي كانت المعارضة المسلحة تفرض سيطرتها عليها منذ سنوات، واستعادها مؤخرا نظام بشار الأسد بعد خسائر هائلة.
ورجحت المجلة أن الغارات والمساعدات العسكرية الروسية الأخرى التي جعلت انتصار نظام الأسد ممكنا، بالإضافة إلى اغتيال السفير الروسي، ربما تبعث برسالة إلى موسكو.
ولفتت المجلة إلى أن العبارات التي هتف بها قاتل السفير الروسي "لا تنسوا حلب"، و"نحن نموت في حلب، وأنتم تموتون هنا"، كانت بارزة جدا في وسائل الإعلام الغربية التي تناولت تفاصيل عملية الاغتيال، في حين غابت تماما عن الصحافة الروسية.
وأشارت إلى أن قناة "فيستي" الإخبارية الرسمية الروسية تقريبا هي الوحيدة التي عرضت تسجيلا مصورا للمسلح منفذ الاغتيال وهو يصرخ بهذه العبارات أمام الكاميرات، لكن بدون صوت أو ترجمة مصاحبة.
كما ضربت المجلة مثلا بقناة روسية أخرى ذكرت أن هناك العديد من الروايات حول دوافع القاتل ينبغي التحقيق فيها جميعا، متحدثة عن نظريات أخرى يتداولها مسؤولون أتراك مفادها أن القاتل مرتبط بحركة فتح الله كولن، دون الإشارة إلى حلب أو الكارثة الإنسانية هناك على الإطلاق.
ولفتت أيضا إلى تقرير أذاعته وكالة أنباء "نوفوستي" قالت فيه إن الحياة بدأت تعود إلى حلب، وأجرت فيه عدة مقابلات مع سوريين هناك وهم يتحدثون عن سوء معاملتهم في حكم المعارضة المسلحة التي يشير إليها الإعلام الروسي بالإرهابيين والميليشيات.
وعلى غرار رئيس النظام السوري بشار الأسد، يصف الإعلام الروسي كل من يعارض الجيش السوري بالإرهابي دون أي تمييز، حسب المجلة التي أوضحت أنه يركز على إزالة الألغام وتقديم المساعدات الغذائية دون تقديم سياق أوسع لما يحدث في حلب.
وارتأت المجلة أن هذا النوع من التقارير، يروج إلى أن الوجود الروسي في سوريا مهمة للتحرير والتجديد، وهذه التغطية الإعلامية تصب في مصلحة رواية الصحافة الروسية الرسمية التي تتبناها حول سوريا منذ التدخل لدعم نظام الأسد في صيف 2015، وبالتالي، يعتبر التقدم السوري المدعوم من روسيا في حلب، تحريرا للمدينة من الإرهابيين.
وبالنسبة للروس، بدت معركة حلب انتصارا للمدنية لا خرابا وتدميرا، تماما كما يتم الترويج لـ"تحرير" السوفييت لأوروبا الشرقية من النازيين.
وبالرغم من تقديم الإعلام الغربي صورة مختلفة عن الحرب في سوريا، مقارنة بوسائل الإعلام الروسية، لكنه يتعرض أيضا لانتقادات لفشله في تقديم صورة كاملة لما يحدث في سوريا.
وضربت المجلة مثالا بالفيديو الذي نشرته شبكة "فوكس نيوز" الأمريكية لتفسير سقوط حلب، حيث عرض الحرب في المدينة السورية كشد حبل بين طرفين، الحكومة والمعارضة، تقوم فيها الحكومة بارتكاب الأعمال الوحشية.
وتابعت المجلة أن بعض الهيئات الإخبارية الغربية لديها مشكلة أخرى، وهي الاعتماد الزائد على المصادر الرسمية، وخير مثال على ذلك صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
واختتمت بالإشارة إلى أنه من المهم الانتباه إلى الطريقة التي يروي بها الإعلام الروسي الحكاية وراء التقدم الذي حققه النظام السوري في الأسابيع الأخيرة والدور الحقيقي الذي لعبته موسكو.
aXA6IDMuMTI4LjE3MS4xOTIg جزيرة ام اند امز