قرى روسية تحمي نفسها من الزوال بتبني الأطفال
الانهيار الديموجرافي يهدد القرى الروسية، فمن بين 26 ألف مدرسة أغلقت خلال العقدين الأخيرين كانت 22 ألفا منها في مناطق ريفية
تلجأ قرى روسية إلى تبني الأطفال لأنها تواجه الموت البطيء جراء البطالة والانخفاض الحاد في عدد السكان، ومن ثم إغلاق المدارس والعيادات الطبية.
ففي مناطق تعاني البطالة المزمنة مثل نوفجورود الريفية، الواقعة بين موسكو وسان بطرسبرج، يبلغ البدل المقدم في مقابل رعاية طفل كبير 6 آلاف روبل في الشهر (93 دولارا).
وتوصل السكان في بعض القرى إلى حل، وهو رعاية عدد كبير من الأطفال في الوقت نفسه، وبهذه الطريقة يمكنهم إنقاذ المدرسة المحلية من إغلاق أبوابها، وفي الوقت ذاته يحافظون على مؤسسة مهمة يعمل فيها أشخاص مقابل أجر.
وتوضح فيرا جالينداباييفا المتخصصة في علوم الاجتماع من أكاديمية العلوم الروسية التي تدرس هذه الظاهرة "يغادر الناس القرية مع أطفالهم ما يؤدي إلى إغلاق المدارس فيها وبقاء الأشخاص المتقاعدين فقط"، وأضافت "وفي النهاية تختفي مثل هذه القرى".
وتقدر جالينداباييفا أن مئات المدارس تمكنت من تجنب قرار "التحسين"، وهو تعبير ملطف تستخدمه الحكومة الروسية لإغلاق المرافق الصحية والتعليمية عندما تعد أن وجودها غير ضروري، فكانت منطقة موشنسكوي، حيث تقع قرية برودي، تضم 15 مدرسة، أما اليوم فلم يتبقَ إلا ثلاث منها.
ومن بين تلك القرى قرية برودي الواقعة في شمال غرب روسيا، التي تتبنى 13 من تلاميذ المدرسة المحلية البالغ عددهم 36، في محاولة لإنقاذ بلدتهم من الأزمتين الاقتصادية والديموجرافية اللتين تضربان روسيا، التي انخفض عدد سكانها بأكثر من 5 ملايين منذ 1991، وهذه الأزمة الديموجرافية تفاقمت بسبب التبعات الاقتصادية المؤلمة لانهيار الاتحاد السوفيتي.
ورغم المبادرات التي أطلقت في السنوات الأخيرة مثل الحوافز المالية لإنجاب أكثر من طفل واحد والإنجاب في سن أبكر، انخفض عدد السكان في البلاد بمقدار 68 ألفا في النصف الأول من 2019.
وأصاب الانهيار الديموجرافي القرى الروسية خاصة، فمن بين 26 ألف مدرسة أغلقت خلال العقدين الأخيرين كانت 22 ألفا منها في مناطق ريفية.
وقد أصبح الأطفال هؤلاء شريان الحياة ليس فقط لقرية برودي الواقعة على مسافة نحو 500 كيلومتر شمال موسكو، لكن أيضا لعدد لا يحصى من المجتمعات الريفية الأخرى.
ويقول مدير المدرسة ببرودي جينادي تشيستياكوف "تبني الأولاد هو ما أنقذ المدرسة والقرية من الزوال"، مضيفا "لولا وجود هؤلاء الأطفال لكانت المدرسة أغلقت أبوابها".
لكن فيما نجت برودي من الأزمة الديموجرافية تواجه حاليا تحديا آخر، غياب جيل جديد من المدرّسين، وقالت جالينداباييفا "لا يوجد مدرسون شباب في القرى، ستواصل المدارس العمل حتى يتقاعد المدرسون الحاليون".
aXA6IDE4LjExNy45OS4xOTIg جزيرة ام اند امز