«كسوف» جزئي لسوق الأسلحة الروسية.. 4 أسباب
من رائدة في صادرات الأسلحة العالمية إلى «انحسار» مكانتها جزئيًا، تحول مثير في كمية شحنات الأسلحة الروسية الوافدة منها إلى العالم الخارجي.
تحول تحدث عنه معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) في تقرير حول نفقات الدفاع والواردات والصادرات للدول في جميع أنحاء العالم، مشيرًا إلى أنه رغم أن الدول الخمس الأكثر تصديرًا للأسلحة ظلت في القائمة نفسها: الولايات المتحدة، وفرنسا، وروسيا، والصين، وألمانيا، فإن البيانات تظهر تحولا دقيقا لكنه مهم؛ فحصة موسكو الدولية من صادرات الأسلحة تواجه تحديا من قبل فرنسا والصين وكوريا الجنوبية، مما جعلها (روسيا) تفقد مكانتها باعتبارها المصدر الثاني للأسلحة للمرة الأولى منذ عقود.
وبحسب صحيفة «ذا ناشيونال إنترست»، فإن تصدعات ظهرت في القاعدة الصناعية الدفاعية الروسية، مشيرة إلى أنه رغم تفوق إنتاج الذخائر الروسية على الأمريكي والأوروبي بنسبة ثلاثة إلى واحد، إلا أن موسكو لم تتمكن من تلبية الطلب.
ويظهر تقرير حديث، أن 80% من الدبابات والمركبات القتالية المدرعة التي سلمتها روسيا هي مجرد معدات قديمة تم تجديدها أو تحديثها.
فما الأسباب؟
السبب الأول الذي أشارت إليه الصحيفة الأمريكية، يعود إلى مشكلات الإنتاج والتي أدت إلى تعليق موسكو تسليم أسلحة إلى الهند، التي تعد تاريخياً أكبر عميل لروسيا من حيث القيمة.
وعلى الرغم من الانخفاض المطرد في الواردات الروسية بدءًا من منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لا تزال الهند تعتمد بشكل كبير على المعدات الروسية.
وأخرت روسيا تسليم الأسلحة الصغيرة للجيش الهندي، ونظام الصواريخ أرض-جو S400 Triomf ، وفرقاطتين صاروخيتين من طراز Krivak-V إلى البحرية الهندية.
ومع ظهور تقارير مماثلة حول عدم القدرة على تسليم الأسلحة، مثل ادعاء أرمينيا لعام 2023 بأن روسيا «فشلت» في إكمال عقود متعددة، فإن ذلك لن يؤدي إلا إلى تقويض تصور الموثوقية الصناعية الروسية.
وأشارت إلى أن تراجع روسيا عن تسليم كل الطائرات التي تعاقدت على تصديرها، يفسر إلى حد كبير، قفز فرنسا على المركز الثاني الذي احتلته روسيا منذ فترة طويلة.
السبب الثاني
يشير تراجع روسيا إلى اتجاه مهم آخر؛ فموردون بديلون بدأوا يتسللون إلى سوق الأسلحة الدولية ذات القيمة العالية، بينها الصين التي تجاوزت حصة السوق الروسية، ووسعت النطاق الجيوسياسي لها.
يأتي ذلك، إضافة إلى أن كوريا الجنوبية تعمل على زيادة صادراتها من القدرات الجديدة المتطورة، مما يؤدي إلى المزيد من تآكل مكانة روسيا العالمية، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي توقعت استمرار تراجع حصة موسكو في الصادرات العالمية، حيث يواجه موقفها كمصدر عالمي للأسلحة تحدياً بسبب توسع الصين في البلدان ذات الدخل المنخفض وتوسع كوريا الجنوبية في سوق البلدان المتوسطة الدخل.
ووفقا لمعهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام، فإن الصين تفوقت على روسيا في عام 2023 كأكبر مصدر إلى منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وبلغت حصة الصين الإجمالية من سوق صادرات الأسلحة العالمية 5.8%، وكان عملاؤها الأساسيون هم باكستان وبنغلاديش وتايلاند.
وتستورد باكستان وتايلاند الأسلحة القيمة والمعدات باهظة الثمن عالية التقنية من الشركات المصنعة في أوروبا والولايات المتحدة.
كوريا الجنوبية.. منافس شرس
وتضع كوريا الجنوبية نفسها كما فعلت روسيا ذات يوم، البديل الأرخص للمعدات الأمريكية ذات الأسعار الأعلى. وتصدر كوريا الجنوبية منصات أرضية أكثر من روسيا والصين مجتمعتين؛ ففي عام 2023، صدرت كوريا الجنوبية 1233 نظام مدفعية، بينما صدرت الصين أكثر من 126 نظامًا، ولم تصدر روسيا شيئًا.
وفي عام 2022، صدرت كوريا الجنوبية 1232 نظامًا، في حين صدرت الصين 128 نظامًا، ولم تصدر روسيا شيئًا.
وتعمل كوريا الجنوبية على ترسيخ نفسها كبديل عملي للقدرات الروسية والأمريكية؛ فالتركيبة التي تتمتع بها سول والتي تتكون من معدل الإنتاج السريع، وأحياناً أسرع بسنوات من معدلات الإنتاج الأمريكية المماثلة، والقدرة على إنتاج أسلحة متوافقة مع حلف شمال الأطلسي، تعمل على تقوية قاعدتها الصناعية الدفاعية الموجهة نحو التصدير.
أوكرانيا.. والعقوبات
أحد الأسباب التي قوضت سوق الأسلحة الروسية بشكل جزئي، العقوبات الاقتصادية الغربية، والتي فرضت على موسكو بعد العملية العسكرية في أوكرانيا، إضافة إلى قيود الإنتاج المحلي، مما شكل عوائق أمام الصادرات ذات الآفاق الزمنية المحدودة المحتملة.
ورغم ذلك، إلا أن روسيا لا تزال تتمتع بمرونة كافية في مواجهة العقوبات الغربية لمواصلة التصنيع الدفاعي. وكان تعزيز روسيا لقاعدتها الصناعية من خلال الاستحواذ على الأدوات الآلية وغيرها من التكنولوجيات ذات الاستخدام المزدوج، فضلاً عن الاستثمار المركز في الصناعات الدفاعية، سبباً في زيادة معدل إنتاج العديد من القدرات العسكرية الحيوية المستخدمة في أوكرانيا، بما في ذلك الذخيرة .
وعلى الرغم من المنافسة المتزايدة، قد تظل روسيا المورد العالمي المهيمن للأسلحة. وقد تحتل المراكز الخمسة الأولى في سوق بيع الطائرات وأنظمة الدفاع الجوي المتطورة، بحسب «ذا ناشيونال إنترست».
هل من محاولات روسية للعودة مجددا؟
الرئيس التنفيذي لشركة «روس أوبورون إكسبورت» الروسية ألكسندر ميخييف، قال في تصريحات سابقة، إن موسكو تعتزم طرح أسلحة ومعدات عسكرية جديدة بما في ذلك الطائرات المسيرة، في السوق العالمية.
وقال ميخييف: نتوقع أن تقوم شركات التصنيع الروسية في عام 2024، بتكثيف إصدار وثائق الترخيص للنماذج الجديدة، بما في ذلك تلك الموجودة في قطاع الطائرات المسيرة. بالإضافة إلى ذلك، يُظهر السوق طلبا مرتفعا على منتجاتنا التي خضعت للتحديث بناء على نتائج الاستخدام العملي في القتال.
وأشار إلى أن عددا من العملاء الأجانب أبدوا اهتماما متزايدا بمنظومة المركبات المسيرة تحت الماء من طراز «كلافيسين - 1 آر إي»، التي تم عرضها في المعرض البحري الدولي في مدينة كرونشتات الروسية، مؤكدا أن المفاوضات جارية معهم حاليا بهذا الشأن.