غياب روسي وشروط أوكرانية «منقوصة».. كل ما تريد معرفته عن قمة سويسرا
قمة سلام لا تحمل ملامح معتادة لمثيلاتها، فأحد طرفي الصراع غائبا، والطرف الآخر الممثل بسلطته وحلفائه، لم يستطع فرض إرادته كاملة.
المقصود هنا قمة السلام في أوكرانيا التي تنطلق فعالياتها غدا السبت، بتنظيم الحكومة السويسرية، وحضور دولي لافت، وغياب روسي.
وتعد هذه القمة الفعالية الأكثر طموحا حتى الآن لجهود أوكرانيا المستمرة لحشد الدعم العالمي لرؤيتها لتحقيق سلام عادل ودائم في البلاد، وفقا لمؤسسة "المجلس الأطلسي" البحثية.
ومن المقرر أن تجمع القمة رفيعة المستوى في سويسرا، يومي السبت والأحد، 15 و16 يونيو/حزيران الجاري، رؤساء الدول والحكومات والمنظمات بهدف تطوير فهم مشترك للطريق نحو السلام في أوكرانيا.
ولا تُمثل القمة، التي ستُعقد في منتجع بورجنشتوك فوق بحيرة لوسيرن، مفاوضات سلام، حيث لن تحضر روسيا فعاليتها.
ومع ذلك، من المهم مراقبة هذا المؤتمر لسببين، الأول تحضر أوكرانيا المناقشات على أمل زيادة الدعم لخطة السلام المكونة من عشر نقاط التي طرحها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في نوفمبر/تشرين الثاني 2022.
ووفقا للمجلس الأطلسي، لن تكون جميع النقاط العشر مدرجة على جدول الأعمال في سويسرا، ولكن العديد منها ستكون بمثابة نقاط بداية في المناقشات المختلفة.
أما السبب الثاني فمع تأكيد حضور ممثلين عما يقرب من تسعين دولة ومنظمة فإن القمة قد تكون فرصة كبيرة لإظهار الدعم بعيد المدى لأوكرانيا بين الدول غير الغربية، حتى لو كان هناك العديد من الغيابات الملحوظة عن المؤتمر، خاصة الصين.
ما يمكن توقعه؟
وتعتمد القمة المقبلة في سويسرا على المناقشات والتجمعات الأخرى التي عقدت في كوبنهاغن وجدة ومالطا ودافوس.
وتهدف الحكومة السويسرية إلى إنهاء القمة بإعلان نهائي، وهو إعلان يحظى -كما قال وزير الخارجية السويسري إجنازيو كاسيس- بدعم "مثالي" بالإجماع من قبل المشاركين.
وعلى الرغم من أن روسيا لم تتم دعوتها فإن هذا لم يمنع الكرملين من إعلان أنه لم يكن ليحضر لو تمت دعوته، والإصرار على أن القمة لا معنى لها من دون حضور روسي.
وعلى الرغم من رفض روسيا قالت الرئيسة السويسرية فيولا أمهيرد إن القمة هي "الخطوة الأولى" نحو تحقيق سلام دائم في أوكرانيا.
ووفق رؤية الحكومة السويسرية، فإنها تستضيف القمة لتعزيز الحوار العالمي وتحسين آفاق التوصل إلى حل تفاوضي في المستقبل.
ومن المقرر أن تركز هذه القمة على ثلاث نقاط من خطة السلام الأوكرانية المكونة من عشر نقاط، وهي الأمن النووي، والأمن الغذائي، والإفراج عن أسرى الحرب والأطفال الأوكرانيين المختطفين.
وجرى تحديد هذه النقاط الثلاث كمواضيع يمكن أن تؤدي إلى مشاركة إيجابية من جانب مجموعة من البلدان ذات مستويات متفاوتة من الدعم لأوكرانيا.
وبينما ستتناول هذه القمة هذه النقاط الثلاث فقط، أكد وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا للأوكرانيين أن الحكومة لن تحيد عن النقاط العشر لصيغة السلام.
وتابع أن طرح النقاط الثلاث الآن هو تكتيك لتعزيز استراتيجية كييف الشاملة، مضيفا "يبقى الهدف الاستراتيجي دون تغيير، وهو تحقيق جميع النقاط".
ماذا يمكن تحقيقه؟
إلى ذلك، أشار المجلس الأطلسي إلى أن معركة أوكرانيا ضد روسيا لا تقتصر على ساحة القتال، إذ إن الارتباطات الدبلوماسية، والرأي العام العالمي، والاهتمام الدولي، كلها عوامل تؤثر على قدرة كييف على الاستمرار في التصدي للهجوم الروسي.
وفي هذا الإطار، تتيح القمة لأوكرانيا وحلفائها فرصة لإظهار التضامن من جميع أنحاء العالم ومنتدى لتسليط الضوء على تأثير الحرب على أوكرانيا.
كما تأتي القمة في وقت حرج، حيث تهيمن الحرب في الشرق الأوسط على عناوين الأخبار، وتواجه أوكرانيا وضعا خطيرا في ساحة المعركة، ويستعد حلفاء حلف شمال الأطلسي "الناتو" لقمة واشنطن المقبلة.
وفيما يتعلق بالتكتيك، إن التركيز الضيق على ثلاث نقاط من خطة السلام، "يوفر لأوكرانيا فرصة أكبر لإشراك حتى الدول الأقرب إلى روسيا".
وتوفر النقاط المختارة فرصة للدول للموافقة على مبادئ أوكرانيا في هذا الصراع، حتى ولو بشكل مجزأ في البداية، والبدء في وضع شكل ما يمكن من خلاله التوصل إلى اتفاق نهائي لإنهاء الحرب بشروط يمكن لكييف الموافقة عليها.
وتتمثل أحد الأهداف السويسرية والأوكرانية من القمة، في تحقيق أقصى قدر من الحضور من جميع أنحاء العالم، مع التركيز على الجنوب العالمي وآخرين خارج دائرة الدعم الحالية لكييف.
وحتى 10 يونيو/حزيران، أكدت ما يقرب من تسعين دولة ومنظمة مشاركتها، وجاء أكثر من نصف هذه التأكيدات من خارج أوروبا، بما في ذلك تشيلي وتايلاند والرأس الأخضر.
ومع ذلك، فإن العديد من الدول المؤثرة، بما في ذلك البرازيل وتركيا وجنوب أفريقيا، لم تؤكد بعد ما إذا كانت ستحضر أم لا، فيما قالت الهند إنها ستشارك، لكن لم يتضح بأي مستوى من التمثيل.