قمة سويسرا.. سلام بعيد المنال مع تمترس روسيا وأوكرانيا خلف مواقف مسبقة
تمترس طرفا الأزمة الأوكرانية، موسكو وكييف، خلف مواقف مسبقة، فيما يلتقي عشرات من قادة الدول خلال قمة سلام في سويسرا لإنهاء الحرب بينهما.
وبحضور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، انطلقت اليوم السبت القمة التي دعت لها برن، لكن غياب ممثلين روسيين أو حتى حلفاء لموسكو جعلها خطوة على طريق طويل وغير مأمون العواقب.
وعشية القمة التي لم تحضرها الصين أيضا أقرب حلفاء موسكو، أطلق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، شروط بلاده لبدء حوار مع كييف.
وقال إن روسيا لن تنهي الحرب إلا إذا وافقت أوكرانيا على التخلي عن طموحاتها بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) وتسليم أربعة أقاليم تطالب بها موسكو.
الرد الأوكراني لم يتأخر، إذ رفضت كييف المطلبين سريعا واعتبرتهما بمثابة "استسلام".
وأطلقت روسيا عمليتها في أوكرانيا في فبراير/شباط عام 2022، قائلة حينها إنها خطوة ضرورية لمنع تمدد الناتو إلى حدودها الجنوبية.
واليوم السبت، علق الكرملين على الردود الغربية الرافضة للشروط الروسية، قائلا إن رد فعل الغرب على مقترحات الرئيس بشأن هيكل أمني جديد ومحادثات سلام مع أوكرانيا كان غير بناء.
ونقلت وكالات أنباء عن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف قوله "هناك الكثير منها، قدر كبير منها.. ردود فعل رسمية وتصريحات رسمية ذات طبيعة غير بناءة".
وقال المستشار الألماني أولاف شولتس، لهيئة "إيه آر دي" للبث قبل التوجه إلى القمة: "ما نحتاج إليه ليس سلاما يتمّ إملاؤه، بل سلام عادل ومنصف يأخذ بالاعتبار سلامة أراضي أوكرانيا وسيادتها".
التاريخ يتحقق
وأعرب زيلينسكي عند بدء القمة عن أمله في التوصل "إلى سلام عادل بأسرع وقت ممكن"، مؤكدا أن "كل ما سيتم الاتفاق عليه سيكون جزءا من عملية إعادة السلام الذي نحتاج إليه جميعا".
وأكد "سنرى التاريخ يتحقق خلال هذه القمة".
وسعت سويسرا التي تستضيف القمة على مدى يومين في منتجع بورغنستوك الجبلي الفخم للحد من التوقعات، فأعلنت أن الاجتماع يرسي الأسس لمسار سلام مع ترقب عقد اجتماعات قمة في المستقبل بمشاركة موسكو.
وتجمع القمة مئة بلد وهيئة دولية وتنعقد في مرحلة حرجة لأوكرانيا المنهكة بعد أكثر من سنتين.
وبين المشاركين أكثر من 50 رئيس دولة وحكومة بمن فيهم قادة دول مجموعة السبع الذين عقدوا قمة في إيطاليا، باستثناء الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي أرسل نائبته كامالا هاريس.
وكتبت هاريس على منصة "إكس" (تويتر سابقا)، قبل أن تتوجه إلى القمة: "أتطلع للوقوف بجانب حلفائنا وشركائنا دعما لجهود أوكرانيا لضمان سلام عادل ودائم".
ويشارك في القمة قادة دول مجموعة السبع الآخرون: بريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا واليابان وإيطاليا، إضافة إلى مسؤولي الاتحاد الأوروبي ورؤساء الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وفنلندا وبولندا وفيجي وكينيا وغانا.
أما حليفتا روسيا في مجموعة بريكس، البرازيل وجنوب أفريقيا، فستوفدان مبعوثين فقط. كما ستكون الهند ممثلة على المستوى الوزاري، في حين لن تشارك الصين في غياب موسكو.
الأمل ضئيل
وبعد نحو عام من الجمود اضطرت أوكرانيا للتخلي عن عشرات القرى على الخطوط الأمامية هذا الربيع، أمام تفوق القوات الروسية عليها في العدة والعتاد.
وعلى الجبهة الشرقية، تبقى الآمال بتحقيق اختراق كبير شبه معدومة.
وقال ماكسيم قائد الدبابة في منطقة دونيتسك لفرانس برس: "بودي أن آمل بأن ذلك سيأتي ببعض التغيير في المستقبل، لكن التجربة أثبتت أن لا شيء يأتي من ذلك".
وفي كييف، قالت فيكتوريا (36 عاما) العاملة في قطاع إنتاج الطاقة، إنها "منهكة" جراء الحرب وتود الاعتقاد أن القمة ستساعد في وضع حد لها"، لكنها أضافت "إنني واقعية في الحياة، وبالتالي لا آمال كبيرة لديّ".
كذلك حذر المراقبون من المراهنة كثيرا على القمة.
وقالت "مجموعة الأزمات الدولية"، إن "المفاوضات المجدية التي يمكن أن تضع حقا حدا للحرب المدمرة في أوكرانيا لا تزال بعيدة المنال، إذ تتمسك كل من كييف وموسكو بنظريات الانتصار وتغلب إحداهما على الأخرى".
أضاف مركز الدراسات "ستواجه كييف وداعموها ضغوطا شديدة للخروج بنتائج ملموسة من الاجتماع".
ماذا تريد القمة؟
وتسعى القمة في سويسرا لإيجاد مسارات نحو سلام دائم لأوكرانيا على أساس القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، ووضع إطار ممكن لتحقيق هذا الهدف وخريطة طريق تمكن الطرفين من الوصول إلى عملية سلام مستقبلية.
وتعقد السبت جلسة عامة تضم جميع الوفود.
والأحد، يناقش المجتمعون بالتفصيل ضمن مجموعات عمل ثلاثة مواضيع هي:
- السلامة النووية.
- حرية الملاحة والأمن الغذائي.
- مسائل إنسانية.
وستنظر مجموعات العمل في:
- مسألة الشحن في البحر الأسود.
- أسرى الحرب والمعتقلون المدنيون والأطفال المرحّلون.
قمة أخرى في الأفق
ويُرتقب عقد قمة ثانية، وقال رئيس مكتب الرئاسة الأوكرانية أندري يرماك، الثلاثاء، إن كييف تأمل أن تحضرها روسيا وتتسلم "خطة مشتركة" يقدمها المشاركون الآخرون.
وقال الخبير بشؤون روسيا لدى مركز راند للأبحاث سامويل شاراب عن القمة في سويسرا: "من الواضح أن روسيا تبذل قصارى جهدها لإظهار غضبها من القمة.. ما يريدونه هو عدم اتساع التحالف المؤيد لأوكرانيا".
aXA6IDMuMTMzLjEyNC4yMyA=
جزيرة ام اند امز