أكواب محشوة بالقطن.. إدلب تتأهب لهجوم كيميائي
خلال سنوات النزاع في سوريا، اتُهمت قوات النظام مرارا بتنفيذ هجمات كيميائية في مناطق تحت سيطرة الفصائل.
مع التهديد بتعرض مدينة إدلب السورية لهجوم كيميائي وشيك من قبل قوات النظام وحلفائها، بادر سوري إلى صنع كمامات واقية من الغازات السامة عبر أكواب كرتون محشوة بالقطن ومواد أخرى لحماية أطفاله الثلاثة.
- الأمم المتحدة تؤكد تورط الأسد في هجوم كيماوي على خان شيخون
- النظام السوري ينفي اتهام الأمم المتحدة له بشن هجوم كيماوي
داخل منزله المتواضع في بلدة "معرشورين" في جنوب شرق إدلب، يثقب حذيفة (27 عاماً) عبر إبرة كوبا من الكرتون الملون، بينما تضع طفلته الشقراء رأسها على كتفه ويراقبه ابنه عن كثب، في أسفل الكوب، يضع قطعة من الشاش الطبي الأبيض فوقها طبقة من القطن فقطع صغيرة من الفحم الأسود.. ثم يضع مجدداً القطن وقطعة أخرى من الشاش لتجنب استنشاق الفحم.
ويقول "حذيفة" لوكالة "فرانس برس" للأنباء إنه تعلم الطريقة من يوتيوب بعدما اطلع على أساليب عدة واختار هذه الطريقة بالتحديد لتوفر المواد الأولية المطلوبة لذلك، وبعدما يستحدث فتحة في طرف الكوب تتخذ شكل الأنف، ويضع الكوب داخل كيس من النايلون يستعمل عند استخدام الكمامة لتغطية الرأس والأذنين والعينين.. وفور انتهائه، يطلب من طفلته أن تضع الكمامة على وجهها وأن تتنفس بقوة داخل الكوب، ثم يطلب من ابنه أيضا تكرار العملية ذاتها.
ويخشى حذيفة، على غرار جيرانه، أن تتعرض المنطقة لهجوم بالغازات السامة، مع تلويح قوات النظام، بدعم من حلفائها، بشن هجوم وشيك على محافظة إدلب التي تسيطر "هيئة تحرير الشام" وفصائل معارضة على الجزء الأكبر منها.
ويضيف الرجل، الذي يعمل في جهاز الشرطة التابع للفصائل المعارضة: "نسمع تهديدات كثيرة بأن النظام وروسيا سيقصفاننا بالكيماوي.. اضطررنا إلى صنع الكمامات لحماية نسائنا وأطفالنا، وفي حال لا سمح الله حدث شيء، يكون لدينا إجراء وقائي بسيط ولو من مواد أولية".
قبو تحت المنزل
وخشية من تكرار هجمات كيميائية مماثلة، لجأت "أم ماجد" المقيمة في بلدة بنش شمال مدينة إدلب، بدورها، إلى صنع كمامات بدائية لأطفالها مستخدمة عبوات مياه ومشروبات غازية.. وفي إطار إجراءات الحماية أيضاً، أعاد "حذيفة" تأهيل قبو استحدثه تحت منزله في عام 2012 خشية من الضربات الجوية.
ينزل الوالد مع أطفاله الثلاثة إلى القبو عبر درج من داخل منزله ويجلس على مقعد من الحجارة وضع عليه فراشاً تحت إنارة خافتة.. ويوضح قائلا: "مع بدء التهديد بالقصف، أعدنا تنظيف القبو وسنعاود الإقامة فيه لأن منازلنا لا تتحمل القصف".
وخلال سنوات النزاع في سوريا الذي أدى إلى مقتل أكثر من 350 ألف شخص، اتُهمت الحكومة السورية مرارا بتنفيذ هجمات كيميائية في مناطق تحت سيطرة الفصائل، الأمر الذي نفته دمشق بالمطلق.. وفي محافظة إدلب تحديدا، قتل في 4 أبريل/نيسان 2017، أكثر من ثمانين شخصاً بينهم 28 طفلاً جراء قصف بغازات سامة استهدف مدينة خان شيخون.
وأكد خبراء اللجنة المشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، في وقت لاحق، استخدام غاز السارين، وأعلنوا أن النظام السوري مسؤول بالفعل عن الهجوم، الأمر الذي نفته دمشق.
وفي مدينة دوما، التي شكلت أبرز معقل للفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية قرب دمشق، قتل أكثر من أربعين شخصاً جراء هجوم بالغازات السامة في أبريل/نيسان الماضي، وفق ما أفاد مسعفون وناشطون محليون.. ونفت دمشق وحليفتها موسكو حصول هجوم من هذا النوع.. وتعرضت مواقع عسكرية سورية إثر هذين الهجومين لضربات غربية.
روسيا تحذر من سيناريو مزيف
وفي مقابل خشية المدنيين والفصائل من هجوم كيميائي في إدلب، تكرر روسيا، أبرز حلفاء دمشق، التحذير بدورها من أن الفصائل تعد لسيناريو هجوم كيميائي، لاتهام قوات النظام بتنفيذه.
واتهمت وزارة الدفاع الروسية، الثلاثاء، الفصائل بالعمل على إعداد شريط مصور لعرضه على الإعلام بوصفه هجوما كيميائيا لجيش النظام السوري.. وقالت إن مواد كيميائية حقيقية ستستخدم لجعل التصوير يبدو حقيقيا أكثر ولتوفير عينات مفترضة لأتربة ملوثة من المنطقة.