مبادرة الصدر بـ"مرحلة انتقالية".. وصفة للحل أم تعقيد لأزمة العراق؟
من جديد تطرأ على أزمة العراق السياسية المتصاعدة منذ شهور، مبادرة جديدة ولكنها تأتي هذه المرة من تحت عباءة الصدر.
في محاولة لدفع المشهد المعقد نحو طريق الحلحلة وإنهاء حالة الاحتدام الذي بات ينذر بتطورات وخمة وعسيرة قد تضع البلاد أمام "مطاحن دامية".
وكان الصدر، عبر لسان وزيره القائد، قد كشف عن رؤية جديدة لتخريج الأزمة الحالية من مستنقع الانسداد حين رمى الكرة في ملعب حلفاء الأمس من القوى السنية والكردية في إنهاء عمل البرلمان من الداخل.
مبادرة الفترة الانتقالية
وقال في تغريدة جاءت رداً على مساعٍ قضائية للطعن باستقالة النواب الصدريين، أكد فيها أن "عودتهم ممنوعة والانسحاب من مجلس النواب كان لإنهاء شرعية البرلمان".
ودعا "وزير الصدر" من أسماهم "الحلفاء والمستقلين لموقف شجاع ينهي الأزمة برمتها".
وأكد أن الحل حينئذ لن يكون "تياريا (في إشارة للتيار الصدري) بل وطنيا، سنيا وشيعيا وكرديا ومستقلين وليبقى رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء على رأس حكومة لتصريف الأعمال وللإشراف على الانتخابات المبكرة أو بمعونة آخرين عراقيين أو دوليين".
ويبدي الصدر عبر ذلك الموقف مرونة كبيرة بحسب ما تضمنت تغريدة وزيره ما بين السطور بقبول استئناف البرلمان لجلسته، على شريطة أن تتقدم القوى النيابية بطلب حل البرلمان والتهيؤ للمرحلة المقبلة، كخطوة أولى لتحقيق المطالب الجماهيرية المطالبة بتغيير الطبقة السياسية التي حكمت البلاد منذ عقدين.
وتنص المادة 64 من الدستور العراقي، أن حل البرلمان يجري بإحدى طريقتين: إما بطلب من رئيس الحكومة وموافقة رئيس البرلمان، وإما بطلب من ثلث أعضاء البرلمان على أن يجري التصويت على حله بالأغلبية نصف زائد واحد.
تحركات الإطار التنسيقي
يأتي ذلك في وقت تتحرك قوى الإطار التنسيقي بمعية أطراف أخرى لاستئناف عمل مجلس النواب العراقي المعطل منذ نحو أكثر من شهرين، إلا أن الأهداف والغايات تبتعد عما يريده الصدر ومطالب العديد من الجهات السياسية.
ويسعى الإطار من خلال ذلك إلى تمرير جلسة انتخاب رئيس الجمهورية إعلان الكتلة البرلمانية الأكبر المخولة بترشيح التكليف لرئيس الوزراء الجديد، وهو ما يمثل تصعيداً واستفزازا للصدر والقوى المستقلة التي تطالب بإدارة الظهر لنتائج أكتوبر والذهاب نحو انتخابات مبكرة.
ويبدي الإطار مواقف رفض متواصلة لبقاء مصطفى الكاظمي على رأس الوزارة الحالية حتى وإن كانت انتقالية، في ظل خلاف متصاعد ما بين الطرفين ابتدأ في مايو 2020، حين شرعت الحكومة بحملات ملاحقة وكبح لجماح الدولة العميقة.
ورداً على تلك المبادرة، قال القيادي في ائتلاف دولة القانون عادل المانع، في تصريح تابعته "العين الإخبارية"، إن "رئيس الوزراء مدلل لدى التيار وإن الإطار لن يسمح بإجراء انتخابات فيل حل حكومة يترأسها".
لا تعارض دستوري
الخبير القانوني علي التميمي، خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، قال إنه "لا يوجد تعارض دستوري أو عائق قانوني يمنع إجراء الانتخابات المبكرة في ظل حكومة انتقالية أو تصريف أعمال يقودها الكاظمي".
وأوضح التميمي أن "الكاظمي يمتلك الصلاحيات بوصفه رئيس الوزراء في الإدارة والإشراف على إجراء انتخابات مبكرة أو اعتيادية".
الحلفاء والمستقلون
الأكاديمي والمحلل السياسي عصام الفيلي يرى أن "مبادرة الصدر قد لن تجد لها استجابة من تحالف السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني، على الرغم من أنهم متقاربين في مشروعهما الرامي إلى تحقيق حكومة أغلبية وطنية ولكن تدخل حسابات أخرى في تلك المعادلة بما قد يأتي عليهم بالضرر".
ويوضح الفيلي أن "انسحاب الصدر من البرلمان شكل صدمة للحلفاء من السنة والكرد بما أفقدهم حليفاً استراتيجيا مهماً ذا مقدرة كبيرة على تحريك الشارع، وبالتالي فإنهم يسعون إلى البقاء داخل البرلمان وعدم تقديم الاستقالة خشية أن يستثمر ذلك من قبل قوى الإطار كما حصل مع النواب الصدريين".
ويتابع: "قوى السيادة والحزب الديمقراطي يحاولون أن يبقوا داخل البرلمان لإحداث حالة من التوازن وبما يصنع من حجومهم النيابية قدرة على تحقيق الثلث المعطل في حال إذا ما أراد الإطار تمرير قرارات وإرادات لا تنسجم ومصالح المناطق الكردية والسنية".
خطوة باتجاه الحل
من جانبه يقول رئيس مركز "تفكير" السياسي إحسان الشمري إن "مبادرة الصدر جاءت لتحقيق الالتقاء عند المنتصف وبما يعكس رغبته في تقديم الحلول والنأي بعيداً عما يثور الشارع، وكذلك التأكيد على اتباع المعالجة السلمية بما يمنع عودة الاشتباكات المسلحة".
ويصف الشمري تلك المبادرة بأنها "خطوة باتجاه الحل ولا بد من الاستدارة نحوها من قبل القوى السياسية". ويتبع بالقول: "إنه مخرج للأزمة عبر بوابة الإطار بعد إشكالات الثلثين لتمرير مرشح رئيس الجمهورية وما ينبثق عنه من تكليف لرئيس الوزراء".
ويرى الشمري خلال حديثه لـ"العين الإخبارية" أنه "من الصعوبة أن يمضي جميع الإطار نحو مبادرة الصدر، خصوصاً أن هنالك انقساما في المواقف ما بين اليمين، متمثلاً بدولة القانون وعصائب أهل الحق، حيث يبدون مواقف رفض مما يطرح وما بين الوسط واليمين، حيث بدى عليهم ومن خلال المواقف السابقة المرونة والقبول بما يطرح من قبل رئيس التيار الصدري".
aXA6IDE4LjIyMC4xMTIuMjEwIA== جزيرة ام اند امز