أزمة العراق بعيون أمريكية.. "رقصة خطرة" على أبواب "حرب أهلية"
حذر معهد "الشرق الأوسط" الأمريكي من أن تؤدي الأزمة السياسية في العراق، إلى مزيد من الخطر وصولاً لـ"حرب أهلية شاملة".
وقال التقرير الأمريكي، إن "العراقيين أمضوا ليلة كاملة يفكرون في أن البلد كان ينحدر نحو حرب أهلية بين الشيعة، بعد الاشتباكات التي جرت في 29 أغسطس/آب الماضي بين قوى الإطار التنسيقي والتيار الصدري عقب إعلان زعيم الأخير، مقتدى الصدر، انسحابه النهائي من السياسة وإغلاق غالبية مؤسساته".
وبعد إعلان الصدر أن أنصاره بحل منه ولن يملي عليهم أفعالهم بعد الآن، فسر هؤلاء ذلك على أنه بمثابة ضوء أخضر لهم لاقتحام المنطقة الخضراء، بما في ذلك القصر الرئاسي ومقر الحكومة والبرلمان، وفق التقرير.
إلا أن الصدر عقد في اليوم التالي مؤتمرا صحفيا نأى خلاله بنفسه عن العنف، ودعا أتباعه إلى الانسحاب بشكل فوري من المنطقة الخضراء المحصنة في بغداد.
وأشار التقرير إلى أنه من المحتمل أن يكون قرار الصدر بالتراجع عن شفير الحرب كان بدافع أساسي ناتج عن تدخل مكتب آية الله علي السيستاني، وأن الوضع الأمني في البلد استقر بدرجة ما.
"اتفاق مؤقت"
بيد أن التقرير تحدث عن وجود "اتفاق ضمني" بين القادة العراقيين من أجل تهدئة الأمور نسبيا حتى انتهاء زيارة الأربعين على الأقل، أي في 16 سبتمبر/أيلول، حيث يشارك ملايين الشيعة من كافة أنحاء العالم في إحياء مراسم في النجف وكربلاء.
وفي سياق مواز، لفت التقرير إلى أن العنف الطائفي استقطب انتباه الولايات المتحدة، مشيراً إلى اتصال الرئيس الأمريكي جو بايدن، برئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي وتأكيده على الحوار، وزيارة المسؤولة الأمريكية باربرا ليف إلى كل من بغداد وأربيل ونقلها الرسالة نفسها.
التقرير اعتبر أن تأثير هذه الزيارة المفاجئة والاهتمام الأمريكي بالمسار السياسي على الأرض في العراق، ليس مؤكدا، موضحا أن حسابات الكلفة والفوائد تتحدد من جانب الأطراف اللاعبة المحلية، وهي لا تتأثر كثيرا بالتدخلات الخارجية، خاصة من جانب الولايات المتحدة التي كانت، من الناحية السياسية، غائبة عن الواقع العراقي.
أما بالنسبة لإيران، اعتبر التقرير أنها حاولت التدخل من خلال السعي لتجريد الصدر من شرعيته الدينية عبر تنحي رجل الدين الشيعي كاظم الحائري. ولفت إلى أن لطهران بصمتها الكبيرة في العراق، إلا أن الأزمة الحالية بين الشيعة أجبرتها على القبول بحقيقة أن هناك حدودا لقدراتها في السيطرة على جارتها.
ومع ذلك، فإن إيران، بحسب التقرير، هدفها الأقصى هو ضمان وجود جبهة شيعية موحدة داخل العراق، في وقت يمثل فيه "تمرد" الصدر تحديا من الصعب احتوائه، وفق التقرير ذاته.
الحوار الوطني
التقرير تحدث أيضا عن جلستي الحوار اللتين عقدهما الكاظمي دون حضور الصدر خلال الأيام الماضية، متسائلا "إلى أين يتجه العراق؟"، قبل أن يجيب أن "المناخ السياسي لا يزال متوترا، مع استعداد كلا الطرفين المتنافسين للجوء مجددا إلى السلاح"، وأن "كلاهما عالق حاليا في طريق مسدود، حيث لا يستطيع أي من الطرفين فرض حل لإنهاء الصراع السياسي".
كما تطرق التقرير إلى قرارات القضاء العراقي فيما يتعلق بنصاب الثلثين القانوني لعقد جلسة البرلمان لانتخاب رئيس الجمهورية، والقرار الأخير من المحكمة العليا برفض حل البرلمان بعد الدعوى التي تقدم بها أنصار الصدر، مشيرا إلى أن ذلك يعني أنه "من غير المرجح تسوية المأزق السياسي الحالي من خلال تدخل قضائي".
ولهذا، خلص التقرير إلى أن "ما هو محتمل الآن أن فترة ما بعد ذكرى الأربعين، "ستشهد زيادة في العنف الطائفي، بما في ذلك حملة من الاغتيالات المتبادلة لتصفية حسابات قديمة، وزيادة التكاليف التي يتحملها الخصوم في حال استمرار هذا الجمود".
كما خلص إلى أن قدرة الكاظمي على الوصول بالحوار إلى نهاية ناجحة مسألة خاضعة للنقاش، مضيفا أنه "في حال لم يوافق الصدر على الانضمام إلى الحوار الوطني، فإن الحوار لن يحقق أي نتيجة".
"حافة الهاوية"
ولفت التقرير الأمريكي إلى أن المرجعية الشيعية برهنت في العديد من المناسبات على عدم استعدادها لأن تتوسط في النزاعات السياسية، وأن تدخلها يحدث عندما تتسبب مثل هذه النزاعات بتهديد السلام الأهلي، لإجبار كافة الأطراف على الابتعاد عن حافة الهاوية.
ويتابع "في ظل عدم وجود وسيط خارجي يلقى الاحترام المتساوي وبإمكانه التدخل لقيادة الخصوم نحو حل وسط، فإن الأزمة الحالية مستمرة إلى حين توصل الفرقاء العراقيين إلى حل وسط فيما بينهم"، محذرا من أن "التحدي على المدى القصير سيتمثل في منع هذا الاضطرابات السياسية، من الانتقال الى حرب أهلية شاملة".