حوار وطني بدون الصدر.. خبراء: العراق تائه في "سكة الإصلاح"
لم يقدم حوار وطني عقد بدون الكتلة الأكثر شعبية في العراق، روشتة تحظى بقبول سياسي، للخروج من حالة الانسداد المؤسسي والسياسي في البلاد.
وبحسب مراقبين ومتابعين للشأن السياسي، فإن البيان الختامي لجلسة الحوار الوطني الثانية التي عقدت صباح اليوم في القصر الحكومي ببغداد، لم تقدم مواقف تعكس بادرة حسن النوايا، ولم تسر في اتجاه تلبية مطالب التيار الصدري، وخاصة حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة في توقيتات معلومة ومحددة.
وللمرة الثانية، يغيب زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر أو من يمثله عن جلسة الحوار التي جاءت كمبادرة تقريب بين الفرقاء، ومحاولة لشد البلاد بعيدا عن التصعيد على الأرض.
وكان رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، أطلق مبادرة الحوار الوطني في ظل احتدام وشيك بين طرفي الصراع الشيعي؛ التيار الصدري، والإطار التنسيقي المدعوم إيرانيا، في أغسطس/آب الماضي.
ويرفض الصدر استئناف الحوار مع الإطار التنسيقي بعد سلسلة من المفاوضات التي دارت بينهما خلال الفترة التي تلت إعلان نتائج انتخابات أكتوبر/تشرين أول التشريعية.
ويعكف رئيس التيار الصدري على مخاطبة خصومه، عبر ضغط الشارع الاحتجاجي ورفع سقف المطالب من حكومة أغلبية وطنية إلى إنهاء عمل البرلمان والمضي نحو انتخابات مبكرة.
لجنة فنية
وفي الجلسة الثانية من الحوار الوطني، خرج المجتمعون في القصر الحكومة، بجملة من التوصيات والنقاط بينها الدعوة إلى التهدئة وتشكيل لجنة فنية تأخذ على عاتقها تنضيج المواقف والمسارات التي من شأنها التهيئة لانتخابات مبكرة.
وكان الطرفان؛ التيار الصدري والإطار التنسيقي، دخلا في خلاف سياسي أدى إلى تحريك السلاح والمواجهة المباشرة عند المنطقة الخضراء ببغداد أواخر الشهر الماضي مما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات أغلبهم من أتباع الصدر.
ورغم بيان الصدر التاريخي الذي نزع فتيل الصراع، وسحب أنصاره ودعا إلى التزام السلمية، تبدي قوى الإطار التنسيقي وخصوصاً الجناح اليميني منه (ائتلاف دولة القانون وعصائب أهل الحق)، مواقف استفزازية تتمحور حول المضي نحو تشكيل الحكومة والعمل على تفعيل مجلس النواب والعودة به من التعطيل.
وباتت مطالب الصدر التي رفعها بعد أيام من اقتحام أنصاره للمنطقة الرئاسية في يوليو/تموز الماضي، هي نفس المطالب التي ترفعها العديد من القوى الساخطة على الأداء السياسي الذي ساد العراق في العقدين الماضيين، لذلك تجد صدى وتفاعلاً كبيراً بين أغلب الأوساط الشعبية.
وحتى الجناح اليساري في الإطار التنسيقي (تحالف الفتح بقيادة هادي العامري وقوى الدولة برئاسة حيدر العبادي)، تبدي مرونة وتضامناً صريحاً مع تلك المطالب إلا أن الجناح اليميني في الإطار، لا يزال يعتمد على عامل الوقت والتسويف والمراهنة على الأنفاس الطويلة.
"لم تحدث فارقا"
وفي هذا الإطار، قال رئيس مركز "تفكير"، السياسي، إحسان الشمري، إن طاولة الحوار الوطني الثانية، جاءت بعد وقوع الصدام المسلح بين معسكري النزاع الشيعي-الشيعي، إلا أن ما خرج به المجتمعون لم يحدث على أقل تقدير فارقاً كبيراً في تفكيك الأزمة".
ويضيف الشمري لـ"العين الإخبارية"، أن "الحوارات تبقى غير مجدية ولا طائل منها سوى اجترار الأزمة وتطوير نسخ منها أكثر تعقيداً، إذا لم يكن هناك موقف واضح وبيان رسمي من القوى السياسية المناوئة للصدر، تعلن فيه موقفها من الانتخابات المبكرة وحل مجلس النواب والطريق الواضح لتنفيذ ذلك".
وتماشيا مع هذا الرأي، قال الأكاديمي مناف الموسوي، إن "مقدمات الحوار الحقيقية ما زالت مفقودة في ظل تغييب المطالب الشعبية التي تبناها الصدر، ووجود إرادة واضحة في معسكر الخصوم، ترمي إلى تفريغ تلك المضامين من محتواها".
ويشير الموسوي خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، إلى أن "الصدر انسحب من السلطة بتقديم استقالة نوابه من البرلمان، بعد اعتراض مشروع الأغلبية الوطنية من قبل الإطار، وتفسير المحكمة الاتحادية لنصاب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية".
وتابع أن "ذلك يفرض أن يعود الصدر ثانية عبر مشروع إصلاحي شامل متكامل بمعية الجماهير الغاضبة، وبالتالي فإن على القوى المناوئة أن تعي مدى ومساحة ذلك الأمر".