أزمة العراق.. "مرجعية خامنئي" تدفع الصدر لقلب الطاولة
من جديد يفاجئ الصدر الأوساط السياسية بالعراق بقرار اعتزال العمل السياسي، وغلق المؤسسات التابعة على وقع تطورات تدور في فلكها أزمة البلاد
قرار الصدر جاء قبل يوم واحد من انتظار مرتقب لجلسة المحكمة الاتحادية بشأن البت في دعوى حل البرلمان الحالي.
ومنذ ظهور الصدر في المشهد العراقي ما بعد عام 2003، لجأ لأكثر من مرة إلى الاعتزال السياسي كوسيلة للاحتجاج وعدم الرضا إزاء تفصيلات تحيط بالمشهد تختلف وترتبط بطبيعة المرحلة، ولكنه دائماً ما كان يعود مجدداً.
ويعقد انسحاب الصدر السياسي إيجاد مخارج للحلول وفرص المعالجة لاحتواء الأزمة السياسية الراهنة التي ماتزال في اتساع متصاعد منذ شهور عقب إعلان نتائج الانتخابات التشريعية في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي.
المحلل السياسي غالب الدعمي، يقول خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، "للأسف وقع المحذور وعلى الذين اعترضوا طريق الصدر تحمل النتائج الوخيمة لتطورات الأزمة، خصوصاً في ظل وقوع قتلى وإصابات بين المحتجين خلال اقتحام القصر الجمهوري".
ويضيف الدعمي أن "القوى التقليدية من الخصوم وغيرها جعلوا من المبنى التشريعي والحكم طوال السنوات الماضية مرتعاً للصفقات لتمرير مصالحهم الشخصية على حساب بناء المؤسسات وغياب الدولة مما أوصل البلاد إلى اللحظة الآنية المتفجرة بكل الاحتمالات".
الثلث المعطل
ويقع الخلاف بين الصدر وخصومه بشأن اعتراض مشروعه السياسي الرامي إلى تدشين حكومة أغلبية وطنية، إلا أنها واجهت اعتراضاً كبيراً من قوى الإطار التنسيقي، وما تبعها من قرار قضائي بفرض الثلث المعطل الذي أعادهم إلى واجهة المشهد والثقل السياسي بعد أفولهم وتراجع حظوظهم الانتخابية.
وكان الصدر وعلى لسان "الوزير القائد"، توعد قبل يومين، عقب مظاهرة لأنصاره أمام مبنى مجلس القضاء الأعلى بتصعيد متبوعاً بمواقف ستكون ذات طابع فجائي.
ومن جانبه يقول الأكاديمي والمحلل السياسي مناف الموسوي، إن "اعتزال الصدر حول المشهد السياسي بمجريات الأزمة الجارية نحو زوايا أكثر حرجاً وخطورة بعدما دفع القوى المعترضة على مشروعه ومطالبه بمواجهة مباشرة مع جمهور غاضب دون مرجعية تنظيمية".
ويضيف الموسوي لـ"العين الإخبارية"، أن "قرار الصدر الأخير بالذهاب نحو الاعتزال ورغم أنه قد تحدث عن ذلك في أكثر مرة خلال الفترات السابقة، إلا أن هذا الموقف له وقع مختلف وتداعيات في ظل تطور الأزمة ووصولها إلى منعطف ينذر بطريق اللاعودة".
المحكمة الاتحادية
ويعطف بالقول: "بات على القضاء والمحكمة الاتحادية بوجه الخصوص التحرك نحو إيحاد مخرج عاجل وسريع، وننتظر منها قرارا يعيد الأزمة إلى وضعها المسيطر عليه بحل البرلمان أو ما يدفع بذلك الاتجاه".
ومن المنتظر أن تعقد المحكمة الاتحادية جلستها غدا الثلاثاء، للبت في دعاوى وجهت إليها بشأن حل البرلمان العراقي بعدما أرجأت الحكم فيها الأسبوع الماضي.
إلا أن بعض المراقبين يرون أن هنالك جانبا أبعد لتطورات الأزمة السياسية والدوافع التي تقف وراء اعتزال الصدر الأخير يتعلق بالخارج الإقليمي وهي إيران.
إذ يقول المحلل السياسي، علي الكاتب، إن "قرار الصدر جاء رداً على موقف المرجع الديني كاظم الحائري باعتزال المهمة المرجعية وتكليف مقلديه باتباع المرشد الإيراني علي خامنئي، وهو ما عجل في تلك التطورات".
ويضيف أن "أغلب أنصار التيار الصدري يتبعون المرجع الحائري طبقاً لوصية مرجعه محمد صادق الصدر، وبانتقال ذلك التقليد إلى مرجعية إيرانية سياسية تكون إيران دخلت على خط الأزمة من المنطقة الحساسة والخطرة جداً".
ويتابع: "الصدر اختار قلب الطاولة السياسية برمتها على خصومه والذين أغلبهم يحظون بمكانة وقرابة من ساسة طهران، وبالتالي فإننا أمام انفجارات كبيرة متوقعة إذا لم تتدارك جميع القوى مسؤولية ما يجري في البلاد".
وشهد العراق اليوم الإثنين اشتباكات بين أنصار الصدر وجماعات مدعومة من إيران خارج المنطقة الخضراء بوسط بغداد، وتبادلوا الرشق بالحجارة، وذلك عقب إعلان الصدر اعتزال العمل السياسي.
تلك الاشتباكات دفعت القوات الأمنية لإطلاق الرصاص الحي في الهواء لتفريق المتظاهرين، وقال مصدر أمني إن "القوات الأمنية أطلقت الرصاص الحي في الهواء لتفريق المتظاهرين بالمنطقة الخضراء".
واستخدمت قوات الأمن القنابل المسيلة للدموع والدخانية ضد مقتحمي القصر الجمهوري ببغداد، بهدف إخراجهم من المبنى.
aXA6IDMuMTM4LjE3NS4xMCA= جزيرة ام اند امز