"حياكة السدو".. قصة خيوط لوّنَت الصحراء في الإمارات
تمد أمامها بساطا من الألوان، تشد خيوطها بقوة أناملها المخضبة بالحناء، وما أن تسألها عن اسم حرفتها حتى تبادر بالقول إنها "حياكة السدو".
بهذه العبارة تختصر الحرفيات المشاركات في جناح "قرية الحرف التراثية" خلال "أيام الشارقة التراثية 18" في الإمارات حكاية أقدم الحرف في شبه الجزيرة العربية ويتركن عملهن يروي بصورة حية سيرة هذه الحرفة وتاريخها وجماليات صناعتها.
ارتبطت حياكة "السدو" بدولة الإمارات منذ عقود طوال ويكفي التأمل في ألوان مشغولاتها ونقوشها الهندسية لمشاهدة صورة صادقة عن أولئك الذين عاشوا في ظلال البيئة الصحراوية وعرفوا جيدا كيف يستغلون مواردها الطبيعية على قلتها وتطويعها لصالحهم.
قديما كانت حياكة السدو تمثل سيدة الحرف التي تعتمد على مواد وأدوات بسيطة فهي تغزل من وبر الإبل وصوف الماعز والأغنام التي تشد على آلة "النول" المصنوعة من أوتاد خشبية أو حديدية على شكل مستطيل و"المنشزة" وهي قطعة خشبية مستطيلة الشكل ذات طرفين حادين وتستعمل لرصف الخيوط بعد تشكيلها.
تشد خيوط الصوف على "النول" بعد أن تبرم على المغزل للحصول على الخيوط التي تستخدم في حياكة بساط السدو وقديما كان الرجال والنساء يمارسونها ولكن النساء كن أشد إتقانا وبراعة فيها.
أما الألوان فكانت قديما قاصرة على الأبيض والأسود والأحمر ولكن مع مرور الوقت بدأت تدخل عليها ألوان أخرى مثل الأخضر والبرتقالي والأصفر وغيرها.
وكانت المرأة الإماراتية قديما تستخدم الأصباغ المستخرجة من الأعشاب الصحراوية، فجماليات قطع "السدو" تكمن في محافظتها على ألوانها الطبيعية، كما كانت الحرفيات يمضين في إنتاج البساط الواحد وقتا طويلا وقد تصل المدة أحيانا إلى شهر ونصف الشهر.
لم تعد حرفة "السدو" رائجة كثيرا، وخوفا عليها من الاندثار بادرت دولة الإمارات في تسجيلها على قائمة التراث غير المادي للبشرية لدى منظمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" رغبة منها في حفظ هذه الحرفة التقليدية التي لا تزال تذكر بدفء الأزمان السابقة.