مهرجان الشيخ زايد التراثي يحتفي بإقبال الشباب على "القرقور" و"السدو"
يلعب مهرجان الشيخ زايد التراثي دورا بارزا في المحافظة على الهوية الوطنية وموروثها التراثي من العادات والحرف التقليدية
ويعزز المهرجان الإماراتي استدامة التراث في نفوس الأجيال الناشئة ونقلها للأبناء جيلا بعد جيل وصون التراث من الاندثار.
وتقدم الأجنحة المشاركة في المهرجان لزوارها من فئة الأطفال منصة ثرية تطلعهم على كتاب تاريخ آبائهم وأجدادهم وعاداتهم وتقاليدهم وأنماط حياتهم الذي تفتح صفحاتهم في فعاليات مهرجان الشيخ زايد التراثي أمام الزوار من المواطنين والمقيمين.
وأكد عدد من المسؤولين في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الإمارات "وام" أهمية هذا المهرجان الذي يحمل رسائل تعليمية تثقيفية بتفاعل الأجيال الجديدة بموروثهم الثقافي فتصطحب الشباب في رحلة إلى الماضي تنسيهم ولو قليلا واقع حياتهم المتسارع فيرسخ في اذهانهم كل ما هو جميل ونبيل من قيم ومفردات تعزز انتماءهم في هذا الوطن.
وقال محمد حاجي الخوري، مدير عام مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، إن جناح المؤسسة يجمع بين الماضي والحاضر ويعتبر الطريق الأمثل لترسيخ مفردات ومفهوم الماضي في أذهان الأجيال الجديدة وإبعادهم قليلا عن ثورة التقنيات الحديثة التي شغلتهم كثيرا عن تراث أجدادهم.
ولفت الخوري إلى الإقبال الكبير على أجنحة الأشغال اليدوية التي تثري تجربة الموروث الشعبي في إظهار اهم الصناعات التراثية الإماراتية.
وأشار إلى مشاركة "الأسر المواطنة" التي تدعمها المؤسسة من خلال 98 أسرة إماراتية حيث تم تخصيص محل لكل أسرة لعرض أهم منتجات التراث الإماراتي منها الأشغال التراثية ودلال القهوة والأواني والدخون والعطور والملابس التراثية وبهارات القهوة الإماراتية والإكسسوارات والشيل والعباءات والمنتجات الطبيعية والورد والتمور وأطقم الضيافة المتنوعة والرسم على الدلال والمفارش والحلويات وغيرها الكثير.
وذكر الخوري أن جناح مؤسسة خليفة الإنسانية يقيم الكثير من الورش اليومية لتعليم الحرف التراثية للزوار من مختلف الأعمار والجنسيات، يتولى التدريب والإشراف عليها 15 امرأة إماراتية متخصصة يقمن بتعليم الزوار كيفية غزل القطن والصوف والسدو والألي والخوص وقرض البراقع والغزل.
سباق الخيول العربية
وقالت لارا صوايا، المدير التنفيذي في مهرجان سباقات الشيخ منصور بن زايد آل نهيان العالمي، إن جناح مهرجان سباقات الشيخ منصور يحرص على تقديم معلومات قيمة ومهمة عن الخيول العربية الأصيلة لزواره خاصة عشاق الخيول من فئة الشباب وعلى ما يقدمه من جهود وسباقات وصلت بها إلى العالمية.
وشددت على أهمية زيارة الأسر باصطحاب أبنائهم إلى مهرجان الشيخ زايد التراثي لأنه يحمل فعاليات تثقيفية وتعليمية تسعى الى غرس القيم الأصيلة وتعزز روح الانتماء لدى أبنائها تربط الجيل الناشئ بأجواء الماضي بطريقة تشويقية.
وقالت إن جناح مهرجان سباقات الشيخ منصور بن زايد آل نهيان العالمي يقدم الكثير من الجوائز القيّمة للزوار عبر العديد من السحوبات التي تجرى في أوقات متفرقة طوال فترة إقامة المهرجان، تتضمن سحوبات على 5 سيارات نيسان صني موديل 2021، وهدايا عينية قيّمة، وعطوراً فاخرة، وقسائم إقامة في فنادق 5 نجوم، بينما يبلغ عدد الفائزين نحو 125 فائزاً، بواقع 25 فائزاً في كل سحب.
الإرث الإماراتي الأصيل
تتوسط منطقة الحرفيين أرض المهرجان لتشكل محورا مهما من رحلة الزائر الذي يمكنه التعرف إلى تشكيلة كبيرة من مفردات التراث الإماراتي والحرف التقليدية، عبر مجموعة من الحرفيات والحرفيين المهرة الذين يستعرضون مهاراتهم ضمن ورش حية.
ومن الأركان الجاذبة للجمهور ركن صناعة القراقير، حيث يقف الزوار أوقاتاً طويلة للاستمتاع بحرفية صانعها، والتي لم تتمكن أي آلية صناعية من إقصائها مثل العديد من الحرف التقليدية الأخرى، حيث لا يمكن صناعة القرقور الذي يستخدم في صيد الأسماك إلا بشكل يدوي.
وأثناء انهماكه في تشكيل القرقور عبر أسلاك معينة، يعمل الحرفي على تقديم شرح وافٍ للزوار عن هذه الأقفاص التي تستخدم لصيد الأسماك، وتأخذ شكلاً بيضاوياً بقاعدة مسطحة من الأسفل، وبه فتحة مخروطية تسمح بمرور الأسماك إلى الداخل بسهولة وبطريقة ذكية تمنعها من الخروج مرة أخرى، ويثبت بالقرقور حجر ثقيل يمكنه من الغطس إلى القاع، كما يربط بعلامة تطفو على سطح الماء ليستدل إليه الصياد عند العودة لاستخراجه من الماء في نهاية عملية الصيد.
حرف تقليدية
وعلى جانب آخر يمارس أحد الحرفيين صناعة "الديين"، وهو عبارة عن سلة مشبكة مصنوعة من حبال الكمبار أو القطن وبها عقلة يضعها الغواص في عنقه ليجمع فيها المحار أثناء الغوص بحثاً عن اللؤلؤ.
ويعمل الحرفي كذلك على تقديم شرح تفصيلي لزوار المهرجان عن رحلة الغوص وكافة الأدوات التي كانت تستعمل أثناء نزول الغواص قاع البحر، واضعاً على أنفه "فطاما" وهو يشبه الملقاط ليمنع التنفس أو دخول الماء إلى الأنف، وعند نزوله إلى القاع يربط في إحدى رجليه حصاة عبارة عن حجر أو رصاص يتراوح وزنه من 10 إلى 14 رطلاً لتسرع عملية نزوله إلى القاع، فإذا وصل نزعها من رجله فيسحبها السيب بوساطة الحبل المسمى "الزيبن".
كما تضم المنطقة الكثير من الحرفيات اللاتي يقمن بدورهن بممارسة العديد من الحرف النسائية التي كانت تمارسها الجدات والأمهات وتدر عليهن دخلاً يساهم في تدبير أمور البيت، ومنها: السدو، والتلي، والخوص، وقرض البراقع والغزل.
وتعمل إحدى الحرفيات على غزل القطن والصوف بواسطة المغزل المصنوع من الأشجار وهو أداة بسيطة يتم بواسطتها برم الصوف والقطن وشعر الماعز كما تعمل حرفية أخرى على ممارسة حرفة "التلي" التي تعتبر من أعرق فنون التطريز وهو عبارة عن خيوط الحرير والخوصة المعدنية يُنسج على أداة تسمى "كاجوجة" وهي مخدة على قاعدة حديدية تُثبت الخيوط عليها حيث كان التلي ومازال يستخدم لتزيين الملابس النسائية الإماراتية ويصنع باستخدام الفضة وأصبح اليوم يستخدم في أشياء مختلفة غير الملابس.
ومن أبرز الحرف التي تمارسها النساء، حرفة "السدو"، وهو نسيج من خيوط الصوف الطبيعية، ينسج على أداة خشبية وكان يستخدم قديماً لصناعة السجاد والخيام، وكذلك حرفة سف الخوص من سعف النخيل، الذي كان يستخدم قديماً في سقف المنزل وفرش الأرض، والذي تطورت استخداماته اليوم أيضاً، حيث يستخدم كسلة لتقديم التمر والأكل وحقيبة للبحر.