قصر الأمير سعيد حليم.. حكاية أثرية من قلب القاهرة الخديوية
منذ أكثر من 15 عاما تم تسجيله كمبنى أثري.. تعرف على قصة التحفة الأثرية للأمير سعيد حليم التي تنتظر مشروعات للصيانة والترميم.
ما زال قصر الأمير سعيد حليم باشا الأثري بوسط القاهرة ذو الطابع المعماري النادر، والتاريخ الطويل، يعاني من الفوضى والإهمال، على الرغم من مرور أكثر من 15 عاما على تسجيله كمبنى أثري عام 2002، وفشل مشروع صيانته وترميمه وتركه فريسة للإهمال والاعتداءات المختلفة.
تاريخ القصر
يرجع بناء القصر المعروف خطأ باسم قصر شمبليون لوقوعه بشارع شمبليون، وليس كما يظن البعض أنه قصر العالم الأثري شمبليون، الذي فك رموز حجر رشيد واللغة المصرية القديمة، بل أنشأه الأمير سعيد حليم حفيد محمد علي باشا عام 1895 لزوجته، وقد أوكل المعماري الإيطالي الشهير"أنطونيو لاشياك" بتصميم القصر والإشراف على بنائه، الذي صممَ العديد من الأبنية الشهيرة في القاهرة، منها قصر المنتزه والمقر الرئيسي لبنك مصر، واستغرق بناءه حوالي 4 سنوات.
والغريب أن زوجة الأمير سعيد حليم رفضت الإقامة بالقصر وفضلت العيش في قصر آخر، على الرغم من بناء القصر خصيصا لها، وبعد قيام الحرب العالمية الأولى عام 1914 بسبب معارضة الأمير دخول تركيا الحرب ومعاداته السياسة الإنجليزية قلصت سلطاته، وتم عزله من منصبه كرئيس للوزراء، وتم مصادرة القصر، وفي عام 1921 تم اغتيال الأمير سعيد حليم في روما.
وفي عام 1934 أصدر الملك فؤاد الأول مرسوما بتحويل قصر الأمير سعيد حليم إلى مدرسة تابعة لوزارة المعارف، وأطلق عليها المدرسة الناصرية، وتحول القصر لمعسكر تدريب الضباط وقت ثورة يوليو 1952، وبعد ذلك أخلَت المدرسة القصر وظل مغلقا ومهجورا لا يتم الاستفادة منه.
البهو
تم بناء القصر على مساحة 4781 مترا مربعا، وتم تصميمه على نمط الطراز "الباروك"، الذي انتشر في أوروبا خلال عصر النهضة، والقصر عبارة عن مبنى رئيسي من طابقين وبدروم وجناحين، ويطل على 4 واجهات تحيط بالقصر، الواجهة الرئيسية تتميز بنمط معماري رائعة التصميم ذات تماثيل فخمة، ذات عمودين يعلوهما عقد على هيئة نصف دائرة مزين بتماثيل صغيرة لرأس سيدة، ومزخرفة برسومات نباتات طبيعية وحيوانات، وللمدخل الرئيسي سلم يؤدي إلى سلمان فرعيان، أما المدخل الصغير يفتح على بدروم القصر.
الطابق الأول من القصر عبارة عن بهو كبير يمتد بطول القصر وينتهي بسلم مزدوج له فرعان يؤديان إلى الطابق العلوي، وللطابق الأول 6 أبواب تفتح على حجرات واسعة، والطابق الثاني يماثل الأول تماما، وللقصر بدروم يحتوي على غرف للخادمات، ومطبخ وحجرات للتخزين، ودورات مياه، أما الجناحان هما عبارة عن عنابر ذات حجر كبيرة، يحتويان على ملحقات للقصر يتصلان من خلال ممر ذات أعمدة على الجانبين.
رسوم وإضاءات
يتميز القصر بوجود زخارف بارعة الجمال عبارة عن رسومات لنباتات وحيوانات وأشكال هندسية، أما نوافذ القصر الخشبية تحتوي على عقود نباتية ذات أزهار، وأشكال لدروع وفيونكات للتزيين، إضافة إلى أنه يتميز بإضاءة مميزة جدا، حيث يحتوي على مصابيح للإضاءة الليلية أسفل التماثيل تجعل القصر تحفة معمارية.
بعد غلق القصر لفترة طويلة صدر قرار في عام 2000 بضم القصر لوزارة الثقافة وترميمه، وقدم المجلس الأعلى للآثار مشروعا مشتركا مع معهد بحوث التنمية الفرنسي في القاهرة لترميم القصر وتحويله إلى متحف يحكي تاريخ القاهرة، ولكن لم يتم تنفيذ المشروع، بل ظل القصر طوال السنوات الماضية يعاني من الإهمال والفوضى الشديدتين نتيجة عدم الاهتمام به أو ترميمه أو صيانته، مما جعله عرضة للتشوه، وإلصاق الدعاية الانتخابية، ولا من منقذ لأهم قصور القاهرة التي تحكي تاريخها خلال الفترة الخديوية من تاريخ مصر الحديث. حتى الآن.