الجزائر تتعهد بالقضاء على الإرهاب.. وخبراء: إعلان حرب
الهجوم الانتحاري الذي نفذه إرهابي يوم 9 فبراير الجاري حاول خلاله استهداف وحدة عسكرية في أقصى جنوب الجزائر على الحدود مع مالي.
تعهد الجيش الجزائري بتطهير البلاد من الإرهابيين ورد قاس على منفذي الهجوم على الوحدة العسكرية، فيما اعتبر خبراء أن التصريحات بمثابة "إعلان حرب" على الإرهاب.
- مقتل جندي جزائري منع سيارة مفخخة من اقتحام وحدته
- سعيد شنقريحة.. رفيق قايد صالح "يخلفه مؤقتا" بالجيش الجزائري
هذة التصريحات تعد أول موقف رسمي من الجيش الجزائري عقب الهجوم الانتحاري الذي نفذه إرهابي يوم 9 فبراير/شباط الجاري، حاول خلاله استهداف وحدة عسكرية على الحدود مع مالي، أدى إلى مقتل جندي.
وأوضح بيان لوزارة الدفاع الجزائرية أنه "تم استهداف مفرزة للجيش الوطني الشعبي من الكتيبة 62 مشاة آلية مستقلة بمنطقة تيمياوين الحدودية ببرج باجي مختار بالناحية العسكرية السادسة، من طرف انتحاري كان على متن مركبة رباعية الدفع مفخخة".
وأضاف أنه "فور كشفها تمكن الجندي المكلف بمراقبة المدخل من إحباط محاولة دخول هذه المركبة المشبوهة، غير أن الانتحاري قام بتفجير مركبته متسبباً في استشهاد الجندي الحارس".
واختار قائد الجيش الجزائري بالنيابة اللواء سعيد شنقريحة توجيه رسائله من منطقة "تيمياوين" التي شهدت العملية الإرهابية، التي بدأها بالثناء والترحم على روح الجندي المتعاقد "بن عدة إبراهيم" الذي قرر أن يسدي إليه وسام الشجاعة.
وقال إن هذا الجندي تمكن بشجاعته ويقظته من إفشال هذه المحاولة الإجرامية اليائسة، ومن إنقاذ زملائه ومفرزته ووحدته، منوهاً بالنتائج الإيجابية التي حققتها القوات في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة بشكل "ساهم في التحكم بصفة كاملة في الوضع الأمني في البلاد".
الشراذم الضالة
ووصف قائد الجيش الجزائري بالنيابة الإرهابيين بـ"الشراذم الضالة"، وتعهد بأن يظل الجيش "بالمرصاد دوماً في مواجهتها إلى غاية استئصالها نهائياً من أرض الجزائر الطيبة".
كما توعد منفذي العملية الإرهابية و"عملاءهم ومن يقف وراءهم" بـ"رد الصاع صاعين وحاسم بقوة السلاح والقانون"، وهو التصريح الذي عده المراقبون "الأكثر جرأة وقوة ضد الجماعات الإرهابية والأطراف التي تقف وراءها منذ تسعينيات القرن الماضي".
وقال اللواء شنقريحة "وأنا اليوم من هذا المكان، من أقصى الحدود الجنوبية لبلادنا، وبالتحديد من تيمياوين، أقول لهؤلاء الإرهابيين، ولعملائهم، ولمن يقف وراءهم، أن محاولتكم الجبانة واليائسة، فشلت بفضل بسالة وشجاعة ويقظة أفراد قواتنا المسلحة".
كما خاطب تلك الجهات بالقول: "ولتعلموا جيداً، أننا في الجيش الوطني الشعبي، سنكون دوماً لكم بالمرصاد، ونعرف كيف نرد لكم الصاع صاعين".
وأشار قائد الجيش الجزائر إلى أن الرد "سيكون قوياً وحاسماً بقوة السلاح، والقانون حتى استئصالكم نهائياً وتخليص وطننا من شروركم".
إعلان حرب
تصريح قائد الجيش الجزائري بالنيابة، فسره خبراء ومحللون بأنه تحول جديد في ملف مكافحة الإرهاب ويشكل إعلان حرب على مخطط الجماعات الإرهابية والأطراف الأجنبية.
وتعد عملية تيمياوين الإرهابية الأولى منذ حادث الاعتداء الإرهابي على منشأة تينغتورين الغازية بمنطقة "عين أميناس" (وسط الجنوب الجزائري) عام 2013 الذي نفذه إرهابيون ينتمون لتنظيم القاعدة الإرهابي يقودهم الإرهابي الجزائري "مختار بلمختار".
كما جاءت بعد أيام فقط من مناورات عسكرية برية وجوية قام بها الجيش الجزائري على الحدود مع دولتي مالي وليبيا لـ"صد أي هجوم عسكري أو اختراق إرهابي"، استعملت فيها مختلف أنواع الأسلحة الحربية.
واعتبر الخبراء أن تنفيذ العملية الإرهابية في هذا التوقيت "محاولة "من أطراف أجنبية متورطة في خراب ليبيا أزعجها الدور الجزائري للتشويش على عودة دبلوماسيتها".
رد قاس
ويرى الخبير الأمني أحمد كروش أن رد الجيش الجزائري على العملية الإرهابية كان في حينه، مشيراً إلى أن تلك "اليقظة لم تكن متوقعة لدى الجماعة الإرهابية التي تقف وراء العملية".
وقال في حديث لـ"العين الإخبارية" إن تصريح اللواء شنقريحة "كان واضحاً بأن الجيش يعرف الزمان والمكان كيف يرد"، مشيراً إلى أن "الدور الذي يقوم به الجيش ومختلف الأجهزة الأمنية الجزائرية أفشلت مخططات الإرهابية في بعض دول الجوار لاختراق الحدود وأن يجدوا موطأ قدم لهم".
ولفت إلى أن العمليات الاستباقية الأمنية والعسكرية من كشف الأسلحة ومخابئها والقضاء على الإرهابيين التي قامت بها قوات الجيش تحد من قدرة الإرهابيين على القيام شن عمليات إرهابية على الأراضي الجزائرية.
وكشف "كروش" عن أن "النشاط الإرهابي في الجزائر يقتصر على بعض الذئاب المنفردة المنعزلة في بعض الجبال ولا تستطيع تكوين مجموعات ضاربة، بل بالعكس، هي مجموعات منفردة وصغيرة جداً، وتريد تنفيذ أعمال أمنية، ومن المستحيل قيامها بأعمال عسكرية في أرض الجزائر".
"الضجة" الإعلامية
وربط مراقبون العملية الإرهابية في جنوب الجزائر مع تزامنها وعملية إرهابية بشمال مالي في التوقيت نفسه، وبإعلان الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون من أديس أبابا عن إنشاء "وكالة أفريقية للتضامن والتنمية لحماية القارة الأفريقية من التدخلات الأجنبية"، بالإضافة إلى بدء الجزائر وساطة لحل الأزمة الليبية.
وفسر الخبير الأمني الجزائري تلك المعطيات المترابطة بأن "الجماعات الإرهابية العالمية تعتمد على الضجة الإعلامية أكثر منها عملية أمنية، وتريد فقط توجيه رسائل بوجودها".
وأضاف أنه "من منطلق علمنا بالإرهاب، فإن المخططين يختارون المناسبات الدينية أو الوطنية، أو حتى الأحداث الدولية، خاصة أن رئيس الجزائر كان في منبر دولي للحديث عن دور الجزائر وقدرتها على محاربة الإرهاب".
انتقام فاشل
أما المحلل السياسي الدكتور عبدالرحمن بن شريط أعطى قراءة مختلفة لتصريح قائد الجيش الجزائري، وأشار إلى أن اللواء سنقريحة كان يقصد في كلامه "الدولة العميقة ومن يقف وراءها خارج البلاد".
وأوضح أن هدف العملية الإرهابية "هو الانتقام من الدور الحاسم الذي لعبه الجيش الجزائري خلال الأزمة السياسية التي مرت بها العام الماضي".
ونوه بن شريط في تصريحاته إلى أنه "لا يوجد بالجزائر في الوقت الراهن جبهة داخلية وأخرى خارجية، بل نحن أمام جبهة واحدة لأن الخارج الذي كنا نتحدث عنه هو موجود في الداخل بعملائه".
وأضاف أن "الخطر اليوم على الجزائر ليس من دولة أوروبية بل من الداخل، والمعروف أن الأذرع الإدارية للنظام السابق ما زالت موجودة، وبالتالي فإن الخطر في عقر دار الجزائر، حتى الحراك الحالي مشبوه".
وأضاف الأكاديمي الجزائري أن "حديث قائد الجيش بالنيابة يمهد للمحطة الوطيدة بين المؤسسة العسكرية والمؤسسة السياسية، ولا ننسى أن الرئيس الحالي مدعوم عسكرياً، وهو قوي بقوة الجيش".
كما أشار إلى "وجود محاولات من عدة أطراف لتكدير الوضع في الجزائر، وأن هناك إعادة لتدوير الإرهاب حالياً لخدمة أجندات مرتبطة بما بعد الحراك الشعبي، وبمعاقبة المؤسسة العسكرية على مواقفها الوطنية.
aXA6IDE4LjIxNy40LjI1MCA= جزيرة ام اند امز