الفنان السوداني صلاح المُر يروي حكايات مهجورة من مسرح الفوتوغرافيا
معرض جديد للفنان السوداني صلاح المر بعنوان "صور لعمال شركة القطن" يستضيفه جاليري المشربية للفنون المعاصرة بالقاهرة.. تعرف عليه.
عبر تكوينات تشكيلية ونحتية يلتقط الفنان السوداني صلاح المُر شذرات من ذاكرته الشخصية والاجتماعية في معرضه الجديد "صور لعمال شركة القطن"، الذي يستضيفه جاليري المشربية للفنون المعاصرة بالقاهرة.
المعرض يتضمن لوحات ومنحوتات خشبية وبرونزية مركبة متنوعة، يتجسد بها الفلكلور السوداني عبر لغة بصرية خاصة، ويروي الفنان السوداني صلاح المُر لـ"العين الإخبارية" أن منهل إلهامه في معرضه الجديد كان ستوديو التصوير الفوتوغرافي القديم الخاص بوالده، ويقول " نشأت على الصور الفوتوغرافية، والنيجاتيف، استلهمت من الصور التي أتذكرها منذ طفولتي صورا جديدة مُتخيلة في المعرض".
تشبع مخيلة صلاح المُر، مواليد 1966، بفن الفوتوغرافيا منذ الطفولة انعكس على أعمال المعرض ومشروعه بشكل عام، فتجد روح البورتريه تتجسد في أعمال المعرض، حيث عبر الفنان السوداني بشخوصه المتخيلة داخل أطر لوحاته مُلتقطا بها فيضا من النوستالجيات التي عبر عنها من خلال كلمته للمعرض بقوله: "ولدت في إحدى القرى التي تقع على الضفة الغربية للنيل الأزرق. نشأت مع تصاميم الكروشيه المحبوكة من صنع والدتي. صور لحيوانات وهمية، رجال ونساء في حالة حب، دوائر ومثلثات متشابكة إلى ما لا نهاية، مع ألوان لا يمكن لأحد أن يراها غيري.
هكذا فتحت عيني على العالم. ومن صبر جدي وقوته ومهارته في صنع شباك الصيد، علمت أن للصبر مذاق العسل المصنوع من رحيق زهور الليمون. عندما كنت طفلاً، بدأت النقش بالألوان قبل أن أقول كلماتي الأولى. اعتدت على رؤية شخصيات بين خطوط ودوائر ومثلثات رسومات والدتي، كل شيء من حولي يلهمني. زغاريد النساء، الأغاني في سيارات الأجرة، رسومات ملونة بالطباشير الأبيض على الجدران من أحد المارة، رسومات غير مكتملة لطفل، امرأة ترتدي ملابس جريئة في الشارع، وامرأة أخرى تسير بخجل، جلباب رجل مطرز بحرفية أو بشكل عشوائي علي الأكمام. ذكريات عالقة في ذهني عندما قدم السيرك الروسي عروضًا لا تُنسى في الحديقة العامة للسكان المحليين. يأتي كل ذلك وغيره في وجهي أمام قماش أبيض ممدود على الإطار الخشبي".
يطرح صاحب المعرض عبر أعمال المعرض سيناريوهات لأبطالها، وكأنه يضع بهم مفردات عالم سينمائي عبر أسلوبه التشخيصي التجريدي، وألوانه الصريحة، وملمسه في النحت، التي تكاد تنطق بفصول من حكايات مهجورة من حكايات الفلكلور السوداني، وهو من صميم مشروع الفنان صلاح المر الذي عبر بمشروعه من حيز المحلية للعالمية، عبر اشتباكه مع عدة فنون كالرسم والنحت والتصوير الفوتوغرافي وصناعة الأفلام، التي يسعى من خلالها لإعادة إنتاج بحثه عن الناس والشوارع والمدن والقرى وكل ما مرَّ به على مدار حياته.
تحضر ملامح استوديو الأب في لوحات المعرض، التي تتكرر بعضها بشكل مقصود كعنصر مشترك، على رأسها أرضيات الاستوديو التي تشبه بلاط الشطرنج والستائر المنسدلة على جانبي الإطار، لتظل أرضية ستوديو الأب مسرحا للحنين، ولحكايات الابن صلاح المُر.