بالصور.. فنانة تحول مأساة الفلسطينيين إلى لوحات مشرقة
إسراء صافي تؤكد أنها تأمل في الوصول للشخصيات التي أعادت تشكيل حياتهم في لوحاتها لتعيش فرحتهم على أمل أن يعيشوا ذلك حقيقة وواقعا.
عبر لمسات إبداعية وفنية، استطاعت الفنانة الفلسطينية إسراء صافي أن تحول الواقع المأساوي الذي التقطته عدسات مصورين للأوضاع الفلسطينية إلى لوحات فنية رقمية مشرقة تنطق بالأمل والحب.
وحلقت إسراء، ذات الـ26 عاما، خريجة الصحافة والإعلام، في عالم الخيال والإبداع لتحول مشاهد مصورة إلى عالم آخر متخيل ومأمول مشرق وآمن ضمن مشروع أطلقت عليه "WHY NOT؟" (لم لا؟).
وتقول إسراء لـ"العين الإخبارية": "حملة WHY NOT؟ التي أطلقتها مساء السبت، جاءت لتعكس الأمل والحلم في أن يكون الواقع الذي تعيشه غزة أجمل وأفضل وأكثر أمنا بعيدا عن الدمار والحصار".
وتوضح أنها اختارت بعض الصور من مصورين بغزة أو من صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، لمشاهد تعكس الواقع المأساوي وأعادت تقديمها بشكل جديد يحاكي الأمل والإشراق والحب. وتوظف إسراء التي احتفلت بتخرجها هذا العام الرسم الرقمي لتعيد تشكيل المشاهد المصورة عبر برنامج الفوتوشوب، وبرامج التصميمات المختلفة إلى ما تتمناه وتحلم به، ويحلم به أشخاص هذه الصور.
وذكرت أنها بدأت هذا المشروع منذ بداية عام 2018 حيث اختمرت الفكرة، واختارت الصور المناسبة التي أعادت تشكيلها من جديد.
إعادة تصميم المشاهد
وتشير إسراء إلى واحدة من أجمل لوحاتها وهي صورة لطفلة شقراء ذات عينين زرقاوين متسخة الثياب، ملامحها جميلها رغم الفقر الذي تعيشه، وحولتها بالرسم الرقمي مستخدمة الإطار والألوان ذاتها، لتقدمها بصورة جميلة ونظيفة ومشرقة.
وأشارت إلى صورة أخرى مشابهة لطفل يحمل زجاجة ماء ويبدو وسط تجمع للنفايات، قدمته بشكل جديد يحمل كرة القدم وسط ملعب رياضي جميل.
وقالت: "هكذا يجب أن يكون أطفالنا، لماذا قدرهم أن يعيشوا الفقر والألم، هذه هي رسالتي".
وفي صورة أخرى ظهر 3 أطفال يلهون بسعادة في خلفية باب سيارة خربة للأونروا، لتعيد تقديم المشهد وكأنهم في سيارة حديثة وسط واقع مشرق، وتقول: "أليس من حق أطفالنا أن يعيشوا في بيئة سليمة وأن ينعموا بالسعادة كباقي أطفال العالم".
وأعادت إسراء، التي تعيش في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة، تقديم بيت متهالك من الصفيح على شاطئ البحر إلى منزل جميل، لتحاكي أملها وأمل شباب غزة بالمسكن اللائق في وقت لا تزال مئات المنازل المدمرة جراء الغارات الإسرائيلية في الحروب السابقة لم يعاد إعمارها.
وفي مشهد آخر يظهر فيها عروسان على خلفية ركام منازل مدمرة لتقدمها وسط واحة خضراء وورود.
تبدو إسراء سعيدة بإبحارها في عالم الفن والرسم الرقمي مشيرة إلى أن الاهتمام بهذا الفن في قطاع غزة لا يزال في بداياته.
وتقول: "كل لوحة لها رسالة خاصة، والرسالة العامة نريد أن نعيش ونحيا كباقي العالم، أليس هذا من حقنا".
ولم تقتصر لوحات إسراء على جانب واحد، فقد حاكت آمال الأطفال والشباب والنساء والشيوخ، وعالجت الظواهر الاجتماعية المختلفة.
وفي لوحة تعبر عن العنف ضد المرأة أعادت تشكيل صورة تظهر يدا تمتد على امرأة تبدو آثار العنف على وجهها، لتظهر أن اليد تقدم الوردة للمرأة التي ظهرت بوجه مشرق مبتسم.
وفي لوحة أخرى قدمت امرأة عجوزا كانت تسمع للراديو بحثا عن أخبار ابنها الأسير، لتجده يمد إليها يده بالوردة كعنوان للحب والأمل.
ورغم أن إسراء تستخدم البرامج الإلكترونية في الرسم الرقمي، إلا أن إحساس الفنان يبدو حاضرا في اختيار المشاهد الأصلية والتأثيرات الداخلة عليها، ولا يبدو ذلك غريبا عليها فشغفها بالرسم والفن وظفته لتخرج بهذه اللوحات المشرقة.
ومنذ صغرها اكتشفت إسراء ومعلماتها موهبتها في الرسم، التي نمت مع كبر سنوات عمرها، وباتت تبدع في فن الرسم بالفحم، ثم بدأت بالرسم بالألوان، وركزت في هذين المجالين خلال العامين الأخيرين لتضيف لهما الرسم الرقمي مستفيدة من دراستها في الصحافة ومن التعلم الذاتي عبر منصات التعلم الإلكتروني.
وخلال رحلة الرسم بالفحم، تخصصت إسراء برسم الشخصيات: مثل محمود درويش وناجي العلي، ومحمد صلاح، وعهد التميمي وغيرهم.
رسم الشخصيات
ويبدو من اللوحات التي اطلعت "العين الإخبارية" عليها، تركيز إسراء الشديد على ملامح الوجه خاصة لكبار السن بتجاعيدها وتفاصيلها التي تحمل عمقا ورسائل متعددة تجاه الصمود والألم والأمل.
وتشعر الفنانة الفلسطينية بالفخر من الدعم الذي وجدته من أسرتها في خوض هذه التجربة، مستفيدة من بعض الميول الفنية لدى عمها وخالها وأحد أشقائها وفق قولها.
ملاحقة الشغف
وتقول إسراء إن الانطباعات التي حصلت عليها بعد نشر لوحاتها جعلتها تشعر بالسعادة، مشيرة إلى أنها حريصة على تطوير موهبتها، متأملة أن تتمكن من الوصول للشخصيات التي أعادت تشكيل حياتهم وتقديمها بالوجه المشرق لتقرأ انطباعاتهم وتعيش فرحتهم على أمل أن يعيشوا ذلك حقيقة وواقعا.
وتؤكد أنها تأمل أن تنظم معرضا لهذه اللوحات لتقول لكل العالم: "نريد أن نعيش بسلام وأمن وأمل، من حقنا أن نعيش كباقي العالم".