بالصور.. الفلسطينية رواء النجار تشق طريقها بالورود في غزة
"العين الإخبارية" تزور رواء النجار، البالغة من العمر 22 عاماً، في مشتل الورود الذي جهزته بنفسها، لمشروع قد يحقق لها طموحها
وجدت في زراعة الورود بديلاً جيداً عن عملها في مجال التمريض الذي بدأته من الصفر، فادخرت لنفسها مبلغاً من المال، واستأجرت أرضاً قريبة من سكنها، لتبدأ مشروعها الطموح.. إنها الفلسطينية الشابة رواء النجار.
"العين الإخبارية" زارت رواء النجار، البالغة من العمر 22 عاماً، في مشتل الورود الذي جهزته بنفسها، لمشروع قد يحقق لها طموحها، وقالت: "تخرجت من الجامعة تخصص تمريض، وعملت متطوعة لفترة، وبعدها فكرت بإنشاء مشتل ورود في منطقة سكني بمدينة خان يونس جنوب قطاع غزة".
وأضافت "وضعت دراسة جدوى للمشروع، واستشرت متخصصين في الأمر، وتشجعت للفكرة، فاستأجرت أرضاً وأقمت عليها المشتل، ومن هنا بدأت مشواري مع الورود والأسمدة والأدوية الزراعية والتربة والماء".
وتابعت "النجار" خلال حديثها لـ"العين الإخبارية": "لأنني مغرمة بالورود وأحب زراعتها، جاءتني فكرة إنشاء مشتل زراعي لمتابعته وإدارته، ومن ثم تطويره لكي يكون مصدراً للرزق، على الرغم من أن دافعي بالأساس كان مبنياً على حبي لزراعة الورود، فسطعت الفكرة وصارت واقعاً في شهر يوليو/تموز العام الماضي، وركزت على أن يكون مشتل الورود منسجماً مع قدرتي المالية وطاقتي وتفرغي له".
وأوضحت "وضعت دراسة الجدوى لكي أبدأ بطريقة علمية ودقيقة، وقبل الدخول بالمشروع أخذت فكرة عن زراعة الورود، وحضرت العديد من الدورات الزراعية، وقرأت الكثير عن هذا المجال، ووضعت نفسي تحت اختبار مهندس زراعي لمدة 6 أشهر، حتى جمعت معلومات لا بأس بها لكي أخوض غمار التجربة، التي أزهرت فعلاً وهذا العام أول مواسمها".
وقالت "لزراعة الورود في قطاع غزة معاملة خاصة، فغالباً ما تخسر مثل هذه المشاريع إذا لم يتم البناء فيها على جدول محسوب جيداً، وتقدر لها موازنة معقولة، ومتابعة يومية، تبدأ من ساعات الصباح الباكر إلى مغيب الشمس، فالورود نباتات حساسة وتحتاج إلى عناية خاصة، وصبر كبير، لذلك كان لا بد من وضع تصور واضح أمامي، وأن أجد من يدعمني لإنجاح فكرتي، وهذا ما شجعني إلى مواصلة المشروع وربطه بتخطيط مهني وسليم".
وأردفت: "كل ما في أسواق غزة اليوم من أدوية وأسمدة وبذور يحتاج إلى خبرة لمعرفة الأصيل منه والبديل عنه، وكان لا بد من دراسة وضع التربة أيضاً ونسبة الملوحة في الماء، وإخضاع كل هذه الأشياء لتجارب، ولا أنكر أنني فكرت أكثر من مرة بالعدول عن مشروعي والبحث عن عمل أقل منه جهداً، ولكن إصراري على بلوغ مرامي وتشجيع أهلي لي جعلني على ثقة بالنجاح".
وتتكيف رواء مع الطقس والعوامل الجوية الملائمة لزراعة الورود، ولا تترك صغيرة ولا كبيرة في هذا الخصوص، حتى أنها أدمنت سماع نشرات الطقس والأحوال الجوية، ولم تغفل أسلوب التجار ومطباتهم في تمرير ما هو أقل كفاءة من البذور والأسمدة عليها، وتخص معاملاتها مع التجار بقولها: "منهم من استغرب شابة مثلي تنزل سوق الورود وتنافس في زراعتها، وتمتلك مشتلاً خاصاً بها، معتبراً هذا الأمر خروج عن العادات والتقاليد، فيتعامل معي وكأنني أرتكب ذنباً عظيماً".
وأضافت: "ومنهم من يتفهم الأمر فيساعدني، وهكذا مرت أيام وأشهر وأنا بين حيوية زائدة، وإحباطات شديدة، ولكن اليوم أستطيع أن أقول إنني نجحت، وورودي نبتت وأزهرت، وصار لي صفحة خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي سواء فيسبوك أو انستقرام أو واتساب، ومن خلالها أنشر ما أزرع ويزهر، وأستقبل طلبات الراغبين بالشراء، وأحدد لهم مواعيد وأخصص لهم رغباتهم مسبقاً، وفق اتفاقيات أبرمها معهم عبر الاتصالات، وهناك زبائن يأتون مباشرة إلى المشتل ويشترون، وأصبحت معروفة بعد أن كتبت عن تجربتي القصيرة في عمرها والبديعة في طرحها الكثير من وسائل الإعلام المحلية، واسمي يُردد في سوق زراعة الورود اليوم، وضمن الممولين من التجار لبعض أنواع الورود التي نجحت في المشتل ولم تنجح عند غيري".
وعن العقبات التي واجهتها تقول رواء النجار "هناك العديد من العقبات التي لا تزال تواجه المشروع، ومنها الحصار المفروض على قطاع غزة، وصعوبة دخول بذور حديثة، مما يضطرني إلى استخدام البذور المحلية، والتي يتم تنبيتها في ظروف غير مناسبة، كما أن المياه وعدم توفرها بكل وقت أحد أهم الأسباب التي تهدد حياة الورود، ورداءة أنواع الأسمدة وأزمة الكهرباء المستمرة، وطريقة تعامل بعض التجار، وأكيد مستوى المعيشة الذي بات متردياً في قطاع غزة، كلها عقبات تواجه المشروع، ولكنني مستمرة إلى أن يتطور الأمر وأتوسع في المشتل، وربما أضيف إلى الورود أصنافا أخرى من النباتات والأشجار التي يطلبها المزارعون".
ولا ترى رواء النجار أنها أخطأت باختيارها مشتل الورود لكي يكون مشروع حياتها، بل تفكر جدياً إذا ما نجح المشروع واستفادت منه مالياً، أن تفتح أول مركز لتعليم زراعة الورود وكيفية التعامل معها للفتيات والنساء خاصة، وهي تدعو إلى دعمها معنوياً لكي تنتصر للورد الذي يزين الحياة، ويضاهي بجماله سمو الروح، فتقول "من لا يحب الورد لا يعرف معنى الحياة، ومن يحبه تسمو روحه وتتطهر مشاعره، ويعيش جمال الحياة، وينتصر على همومه".
رواء النجار وقصة كفاحها لم تنته، بل تؤكد أنها كل يوم تفتح فيه باب مشتل الورود تولد من جديد أمام أزهارها، وتكبر معها وعندما تمسك مرش الماء لتبدأ السقاية تكون أرسلت اعتذارها الخجول لكل زهرة ذبلت قبل أن تصلها، وتبتسم لكل زهرة تفتحت تحت يديها.
في قطاع غزة ورغم ما يعيشه هذه الأيام من وضع معيشي صعب، تقرأ الورود للحياة حكاية البقاء على إيقاع ووتر وعطر يستحقه أهل الحصار.
aXA6IDE4LjExOS4xMjAuNTkg
جزيرة ام اند امز