محمد بن سلمان إلى نيودلهي.. زيارة تاريخية تعزز العلاقات الاستراتيجية
يبدأ ولي العهد السعودي زيارة إلى الهند ضمن جولة آسيوية تشمل باكستان والصين، وتهدف إلى تعزيز أهداف رؤية "السعودية 2030.
يتوجه الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، إلى نيودلهي، الثلاثاء، في زيارة تاريخية بثاني محطات جولته الآسيوية.
وبدأ ولي العهد السعودي، الأحد، جولة آسيوية من باكستان تشمل الصين أيضًا، وتهدف إلى تعزيز أهداف رؤية "السعودية 2030" في مجالات الطاقة الشمسية والسياحة والبنية التحتية.
- في جولة آسيوية.. محمد بن سلمان يعزز أهداف رؤية "السعودية 2030"
- محمد بن سلمان بباكستان.. توطيد للعلاقات التاريخية و7 اتفاقيات اقتصادية
وقالت وزارة الشؤون الخارجية الهندية، في بيان، إن الأمير محمد بن سلمان، سيبدأ زيارة رسمية، اليوم، على رأس وفد رفيع المستوى يضم وزراء وعددًا من كبار المسؤولين ورجال الأعمال تستمر يومين.
ويلتقي خلال زيارته التي تستغرق يومين، كلاً من الرئيس الهندي، رام ناث كوفيند؛ ونائب الرئيس فينكايا نايدو، ورئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي.
ويتضمن جدول أعمال الاجتماعات بحث التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، إضافة إلى الاستثمارات الثنائية والدفاع والأمن، والطاقة المتجددة، وفق وزارة الشؤون الخارجية الهندية.
الطاقة
وأشارت وسائل إعلام هندية إلى أن أسعار النفط ستكون محور مناقشات ولي العهد السعودي في زيارته إلى نيودلهي.
وأضافت أن الرسوم الإضافية المفروضة على الدول الآسيوية من قبل منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك)، والتي تعتبر المملكة عضوًا مؤسسًا لها، من المرجح أن تكون محورًا لمناقشات رئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي مع الأمير محمد بن سلمان.
وأكدت على أن الزيارة مهمة لتعزيز علاقات الطاقة بين البلدين في أعقاب القيود الأميركية على إيران وفنزويلا وموردي النفط الرئيسيين الآخرين.
وعلى صعيد الطاقة النظيفة، تستضيف الهند في عاصمتها التحالف الدولي للطاقة الشمسية الذي أُطلقت دعواته من باريس عام 2015 من قِبل الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا هولاند، ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي.
وفي نوفمبر/تشرين ثان الماضي، التقى الأمير محمد بن سلمان، رئيس الوزراء الهندي، على هامش قمة مجموعة العشرين في الأرجنتين حيث دعاه الأخيره للانضمام للتحالف.
ولدى السعودية في هذا الشأن خطة كبرى للطاقة الشمسية، وهي مشروع عملاق، يمكنه إنتاج 200 جيجا/ وات من الطاقة الشمسية بحلول عام 2030 هو ثمرة مذكرة تفاهم، وقَّعها الأمير محمد بن سلمان في أبريل/نيسان الماضي أثناء زيارته الولايات المتحدة مع ماسايوشي سون، رئيس مجلس الإدارة لصندوق رؤية سوفت بنك.
كما تشمل زيارة ولي العهد السعودي توقيع مذكرات تفاهم مع رئيس الوزراء الهندي في مجالات السياحة وشؤون الجمارك، وإنشاء آلية استثمار في البنية التحتية.
70 عامًا من العلاقات
وبدأت علاقات البلدين منذ أكثر من 70 عامًا، وتحديدًا في 1947م عندما تم تأسيس العلاقات الدبلوماسية وتبادل الزيارات.
وشهد عام 1955 زيارة الملك سعود والملك فيصل بن عبدالعزيز (ولي العهد) آنذاك إلى الهند، فيما شهد 1956 زيارة جواهر لال نهرو (أول رئيس وزراء للهند بعد الاستقلال) إلى الرياض.
وفي عام 1982م زارت رئيسة الوزراء الهندية أنديرا غاندي المملكة العربية السعودية، وفي عام 2006 كانت زيارة الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز إلى الهند، وتلتها زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى الهند في 2014.
مصالح مشتركة
ويرتكز عمق العلاقات بين المملكة العربية السعودية والهند على نقاط عدة، تعتمد على "المصالح المشتركة" بين الجانبين؛ فضلاً عن الرغبة الصادقة من قيادة البلدين في ترسيخ هذه العلاقات، وتنميتها عاماً بعد آخر، والوصول بها إلى حد التحالفات الاستراتيجية طويلة المدى.
وتستفيد المملكة من بناء شراكة قوية مع الهند لما عند الأخيرة من قوة علمية وقاعدة صناعية وقوة استهلاكية ضخمة، ستستفيد منها الشركات السعودية، في ظل العديد من الشراكات القائمة والتعاون الاقتصادي المثمر.
ويلعب التنسيق والتعاون الهندي- السعودي دورًا مهمًّا أيضًا في دعم الاستقرار والتبادل التجاري في المحيط الهندي، لما يمثله من أهمية كبيرة في الإطار الاستراتيجي العالمي؛ نظرًا لاتصاله بقارات آسيا وإفريقيا، التي تمثل ثقلًا سكانيًّا كبيرًا.
كما يربط المحيط المناطق الغنية بالمواد الخام؛ مثل: النفط، والغاز، والمعادن في منطقتي الخليج العربي وشرق إفريقيا، بمناطق التصنيع في شرق آسيا.
وفي عام 2008، تم إنشاء اتحاد الدول المطلة على المحيط الهندي “IORA”، بغية منع أي صراعات محتملة قد تنشأ في المنطقة، وتبادل المعلومات مع الشركاء، وعلى رأسهم السعودية، وبناء قدرات الدول الأقل قوة.
علاقات اقتصادية
وتعد السعودية رابع أكبر شريك تجاري للهند بعد "الصين والولايات المتحدة والإمارات"، وهي مصدر رئيسي للطاقة؛ حيث تستورد الهند نحو 19% من الزيت الخام من الرياض.
كما أنها ثامن أكبر سوق في العالم للصادرات الهندية، ومن حيث الواردات من السعودية، تحتل الهند المرتبة السابعة.
وتحتضن السعودية نحو 500 شركة هندية مسجلة في الهيئة العامة للاستثمار السعودية؛ حيث إن الشركات الهندية لديها مليارات الريالات من المشاريع في البنى التحتية والمترو والغاز مع "أرامكو"؛ في حين أن هناك عدداً من الشركات الكبيرة والمتوسطة الهندية تعمل في السوق السعودية.
ويبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين العام الماضي 39 مليار دولار، ويعيش في السعودية أكبر جالية هندية تقدر بأكثر من 3 ملايين شخص.
وكان رئيس وزراء الهند نارندرا مودي، في آخر زيارة له للرياض (أبريل/ نيسان 2016)، قد أكد أن بلاده تخطط لإنشاء 170 جيجاواط من محطات توليد الطاقة، وأنها تحتاج لبناء 50 مليون وحدة إسكانية؛ داعياً رجال الأعمال السعوديين للاستثمار فيها؛ مشيراً إلى أن بلاده على استعداد لتمليك أي مستثمر أي مصنع أو مؤسسة بنسبة 100%..
وتطلع نيودلهي للاستثمار السعودي في تنقيب البترول والغاز والطاقة المتجددة والسكة الحديد والصناعات التكنولوجية، بجانب عدة مجالات؛ منها الأسمدة والنقل، بالإضافة إلى تكنولوجيا المعلومات والأمن والتعدين والإسكان، ومجالات التصنيع الغذائي والرعاية الصحية وقطاع التأمين وغيرها من المجالات.
وشهدت زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى باكستان، اليومين الماضيين توطيدا للعلاقات الاستراتيجية والتاريخية وتوقيع 7 اتفاقيات اقتصادية بقيمة 20 مليار دولار اعتبرها مراقبون أنها فتحت الباب أمام شراكة غير مسبوقة بين البلدين.