صنعاء في ظل انقلاب الحوثي.. قمع وإرهاب للفرقاء السياسيين
العشرات من قيادات عدد من الأحزاب اليمنية لا يزالون قابعين في معتقلات مليشيا الحوثي، بعضهم مخفي قسريا ولا يعرف مصيرهم منذ اجتياح صنعاء
اغتالت مليشيا الحوثي كافة مظاهر الحياة العامة في العاصمة صنعاء بعد 5 سنوات من اجتياحها، لكن الحياة السياسية كانت أحد أبرز ضحايا الانقلاب المشؤوم عشية 21 سبتمبر/أيلول 2014.
وعقب السيطرة على مطار صنعاء والبنك المركزي وباقي المؤسسات السيادية للدولة، شرعت المليشيا الحوثية الموالية لإيران في تنفيذ حملة إرهاب طالت كافة الفرقاء السياسيين الذين كانوا معها على طاولة حوار واحدة قبل أشهر من أجل مستقبل اليمن.
- مقتل قائد عسكري بارز في مليشيا الحوثي بصعدة اليمنية
- داعش والقاعدة.. ورقة "إخوان اليمن" للانتقام من المدن المحررة
ونفذت المليشيا حملة مداهمات على كافة مقرات الأحزاب السياسية المناهضة للانقلاب، كما صادرت منازل قيادات تلك الأحزاب، وشردتهم خارج اليمن على مدار 5 سنوات.
تقارير حقوقية أشارت إلى أن العشرات من قيادات الصف الأول والثاني لعدد من الأحزاب اليمنية لا يزالون قابعين في معتقلات مليشيا الحوثي، بعضهم مخفي قسريا، ولا يُعرف مصيرهم منذ اجتياح صنعاء.
كما نفذت المليشيا الحوثية حملة مداهمات طالت مقرات المؤسسات الإعلامية والصحفية في صنعاء، لتفرض لونا إعلاميا واحدا يمجد الانقلاب، ويخوّن كل الأصوات الوطنية المناهضة للانقلاب المدعوم إيرانيا.
استبداد سياسي
ودشنت المليشيا الحوثية مرحلة الاستبداد السياسي في صنعاء بعد أيام من اجتياحها، وحاولت إرهاب عدد من قيادات الأحزاب بمحاصرة منازلهم وأسرهم، كما لجأت لابتزازهم سياسيا باختطاف أقاربهم من أجل المقايضة بمواقف وبيانات سياسية مؤيدة لإجراءاتها.
وكانت العاصمة صنعاء قبيل نكبة 21 سبتمبر/أيلول تضم مقرات رئيسية لنحو 29 حزبا يمنيا، فضلا عن عشرات المنتديات السياسية ومنظمات المجتمع المدني.
وحسب مصادر سياسية، فقد صادرت المليشيا الحوثية تلك المقرات، وحوّلت بعضها إلى سجون خاصة ومنتديات طائفية تابعة للجماعة، كمقدمة لإلغاء الحياة السياسية في صنعاء.
وأكدت المصادر أن المليشيا المدعومة إيرانيا كانت تخشى في الأيام الأولى للانقلاب من دعوات الأحزاب اليمنية لقواعدها للتظاهر ضد الانقلاب، كما حدث في الأسابيع الأولى لطلاب جامعة صنعاء، الذين واظبوا على التظاهر ضد المليشيا مطالبين بتطهير الحرم الجامعي وكافة مناطق صنعاء منها.
ونفذت المليشيا موجة قمع وإرهاب ضد المسيرات والمظاهرات المناوئة لها، ورصدت منظمات حقوقية يمنية اعتقال العشرات من طلاب جامعة صنعاء وشباب الأحزاب، بعضهم لا يزالون خلف القضبان حتى اليوم.
وفي محاولة منها لإضفاء شرعية لقراراتها الانتقامية ضد اليمنيين، شرعت المليشيا الحوثية في إنشاء كيانات ظل، مهمتها دعم الانقلاب وتأييد خطواتها الإرهابية ضد اليمنيين.
وعلى الرغم من بقاء حزب المؤتمر الشعبي العام حليفا لها حتى ديسمبر/كانون الأول 2017، إلا أن المليشيا غدرت به عندما اغتالت رئيسه علي عبدالله صالح، وشرعت بعدها في الاستيلاء على كافة مقراته وقراره السياسي.
وقال مصدر لـ"العين الإخبارية" إن المليشيا الحوثية جردت المؤتمر من أي ملامح للشراكة السياسية في الحكومة غير المعترف بها دوليا، وباتت تتحكم بالقرار العسكري والسياسي بشكل كلي.
وأكد خبراء أن دعوات المصالحة الوطنية التي تتشدق بها المليشيا الانقلابية ليست سوى تصريحات للاستهلاك الإعلامي، كونها أعدمت كافة مظاهر الحياة السياسية.
وقال الناشط اليمني محمد الوهباني إن المليشيا نسفت كافة مظاهر التعايش بين اليمنيين طيلة 5 سنوات من القمع والترهيب، ومن الصعوبة أن يتم تصديقها بأنها جادة بالمصالحة ومد يد السلام.
وأضاف الوهباني لـ"العين الإخبارية" "منذ اجتياح صنعاء عملت المليشيا على زرع الكراهية وتعميق الشرخ المجتمعي وإلغاء كافة مظاهر الحياة السياسية بالقتل والإرهاب، فالعصابات لا يمكن أن تمد يدها للسلام ولا يمكن لأحد أن يثق في سلامها".
وخلافا للمناخ السياسي، سممت المليشيا الحوثية المناخ الإعلامي وحرية التعبير، بالاستيلاء وإغلاق أكثر من 40 صحيفة ومؤسسة إعلامية كانت تعمل من العاصمة صنعاء قبل اجتياحها في 21 سبتمبر/أيلول.
ولا يزال أكثر من 15 صحفيا يقبعون في سجون المليشيا الحوثية التي شرعت بإجراء محاكمات صورية، وصفتها نقابة الصحفيين ومنظمات دولية بأنها باطلة ولا أساس لها.
aXA6IDE4LjE4OC4xODMuMjEg جزيرة ام اند امز