سانتوريني وميكونوس تتنفسان الصعداء بعد سنوات من «الاختناق السياحي»

بعد أن كانت وجهة الأحلام لعشاق البحر والشمس ومشهد الغروب الأسطوري، تعيش جزيرتا سانتوريني وميكونوس اليونانيتان موسما مختلفا هذا العام.
فالتدفق السياحي الذي كان يغمر شوارعهما الضيقة حتى الاختناق، تراجع بشكل ملحوظ، في تطور رحب به السكان والسلطات المحلية، الذين وجدوا في هذا التراجع "فسحة تنفس" بعد سنوات من السياحة المفرطة (Overtourism) التي أنهكت المكان وأهله.
وبحسب أرقام رسمية، فقد استقبلت جزيرة سانتوريني بين يناير/كانون الثاني ويوليو/تموز من هذا العام حوالي 1.26 مليون زائر عبر الطائرات، وهو ما يمثل انخفاضا بنسبة 18.2% مقارنة بالعام الماضي. أما ميكونوس، الوجهة الأخرى الشهيرة في أرخبيل الكوكلايد، فقد شهدت بدورها تراجعا مشابها في أعداد الوافدين.
أسباب التراجع
أما عن أسباب التراجع، فقالت صحيفة "ليزيكو" الفرنسية، إن التساؤلات كثيرة حول هذا الانخفاض الملحوظ: هل كان السبب هو فيض الصور التي غزت وسائل التواصل الاجتماعي وأظهرت شوارع مكتظة وزحاما خانقا؟ أم أن الهزات الأرضية الغامضة التي ضربت الأرخبيل مطلع العام، وأثارت المخاوف من ثوران بركاني محتمل، لعبت دورا في عزوف السياح؟
أم أن الأمر ببساطة يتعلق بـ الأسعار الباهظة التي لم تعد تتناسب مع مستوى الخدمات المقدمة، كما قال أحد الزوار الفرنسيين: "لم يعد هناك توازن بين الجودة والسعر، لقد فقدت هذه الجزر سحرها مقابل تكاليف مرتفعة بلا مبرر".
ارتياح السكان والسلطات
بالنسبة للسكان، مثل هذا التراجع "نعمة غير متوقعة".
من جانبها، قالت جورجيا نوميكو، رئيسة لجنة السياحة في بلدية سانتوريني: "لم نشهد هذا الصيف الازدحام الخانق المعتاد، سواء في قرية فيرا أو أويا. كل شيء كان أكثر هدوءا، السكان والزوار على حد سواء شعروا بالراحة. كانت الأجواء أكثر سلاسة من أي وقت مضى".
السلطات المحلية، التي كانت تكافح لسنوات للحد من الضغط السياحي الخانق، رأت في هذا الانخفاض فرصة لإعادة التفكير في استدامة السياحة وضبط التوازن بين الاستفادة الاقتصادية والحفاظ على البيئة الاجتماعية والطبيعية للجزر.
الفرنسيون يتخلون عن الجزر
وأضافت الصحيفة الفرنسية أن من المثير أن جزءا كبيرا من هذا التراجع يعود إلى غياب السياح الفرنسيين، الذين اعتادوا لسنوات أن يكونوا من بين أكثر الجنسيات حضورا في سانتوريني وميكونوس.
وتابعت: "فضل العديد منهم هذا العام وجهات أقل ازدحاما وأقل تكلفة، سواء داخل اليونان أو في بلدان متوسطية أخرى مثل تركيا وإسبانيا".
ووفقا للصحيفة الفرنسية، فإنه إذا كان موسم هذا العام قد مثل ضربة اقتصادية لأصحاب الفنادق والمطاعم، فإنه في المقابل أعاد الحياة الطبيعية إلى سكان سانتوريني وميكونوس، الذين عاشوا لسنوات تحت وطأة السياحة المفرطة.
وبينما يرى البعض أن هذا التراجع ظرفي، يرى آخرون أنه مؤشر على تغير في توجهات السياح العالميين، الباحثين عن وجهات أكثر هدوءا وأقل ازدحاما.