كيف تسبب الدهون المشبعة مرض السكري؟.. كلمة السر في البروتين (فيت 2)
رسم علماء جامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة، مسارا خلويا جديدا يُظهر أن الدهون المشبعة تساهم في تطور مرض السكري ويمكن أن تؤدي إلى تفاقم المرض، مما يؤكد دورها في أمراض التمثيل الغذائي.
ومن خلال التجارب التي أجريت على خلايا الفئران المزروعة في المختبر، والفئران التي تم تغذيتها بنظام غذائي غني بالدهون المشبعة، وجد علماء جامعة نانيانغ في سنغافورة، أن الأحماض الدهنية المشبعة يمكن أن تحلل بروتينا يسمى (فيت 2 FIT2 )، مما يؤدي إلى سلسلة من الأحداث الجزيئية التي تسبب فقدان الخلايا المنتجة للإنسولين وظيفتها، ومن ثم وفاتها.
وعندما تموت هذه الخلايا تضعف قدرة الجسم على إفراز كمية كافية من الإنسولين استجابةً للكربوهيدرات، مما يؤدي إلى الإصابة بمرض السكري.
ووجد العلماء أن استعادة مستويات بروتين (فيت 2) جزئيا في الخلايا المنتجة للإنسولين يمكن أن تخفف الضرر الناجم عن الدهون المشبعة.
وتشير هذه النتائج، التي نُشرت في العدد الأخير من دورية "بروسيدنجز أوف ذا ناشونال أكاديمي أوف ساينس"، إلى إمكانية زيادة إنتاج بروتين "فيت 2" في الجسم كطريقة جديدة لإدارة مرض السكري الناجم عن النظام الغذائي، والذي يعرف باسم "مرض السكري من النوع 2 ".
ويقول العلماء إن الدراسة تؤكد أيضا أهمية الاعتدال في استهلاك اللحوم والألبان، بالإضافة إلى السكر والكربوهيدرات، حيث توجد الدهون المشبعة بكميات كبيرة في اللحوم الحمراء واللحوم المصنعة ومنتجات الألبان.
ويقول يوسف علي، مدير برنامج التغذية والتمثيل الغذائي والصحة في الجامعة، والمؤلف الرئيسي للدراسة في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة، الإثنين: "حددت الدراسات السابقة الدهون المشبعة على أنها دهون غير صحية تؤدي إلى الإصابة بمرض السكري، لكن الآليات كانت غير واضحة".
وأضاف: "تؤكد دراستنا هذا الارتباط وترسم المسار الذي يحدث من خلاله ذلك، كما حددت الدراسة بروتينا جديدا يمكننا استهدافه بعلاجات جديدة للمساعدة في إدارة المرض، وفيما يتعلق بالتغذية تشير النتائج إلى أن مرضى السكري قد يحتاجون إلى مراقبة تناولهم للدهون المشبعة، والتي توجد بمستويات عالية في اللحوم الحمراء ومنتجات الألبان الأخرى".
ويقول ليم سو تشي، استشاري الغدد الصماء في مركز الأميرالية للسكري في مستشفى خو تيك بوات، والذي لم يشارك في الدراسة: "يدرك معظم الناس أن اتباع نظام غذائي غني بالدهون المشبعة يمكن أن يؤدي إلى أمراض القلب، ومع ذلك، قد يعرف القليل أن الدهون المشبعة في النظام الغذائي يمكن أن تزيد أيضا من خطر الإصابة بمرض السكري أو تفاقم السيطرة على مرض السكري.
وتشرح هذه الدراسة المهمة كيف يمكن للدهون المشبعة أن تتداخل مع قدرة البنكرياس على الحفاظ على صحته، لذلك، أود أن أطلب من أي شخص يعاني من مرض السكري وما قبله أن يأكل بشكل صحي وأن يقلل من تناوله للدهون المشبعة، وهذه هي النصيحة التي سأقدمها للمرضى".
كيف يمكن للدهون المشبعة أن تؤدي إلى مرض السكري؟
ويتم إنتاج الإنسولين في البنكرياس بواسطة نوع من الخلايا يسمى خلية بيتا، وتستجيب خلايا بيتا بسرعة لاستهلاك السكر والارتفاع المفاجئ في تركيزات الجلوكوز في الدم عن طريق إفراز بعض الإنسولين المخزن مع إنتاج المزيد في نفس الوقت.
وبصرف النظر عن السكر، تأخذ خلية بيتا الدهون وتخزنها داخل قطرات الدهون، وينظم مخزن الدهون هذا التمثيل الغذائي ويمنع موت الخلايا بسبب السمية الدهنية نتيجة وجود الكثير من الأحماض الدهنية في الخلية.
ويتم إنتاج قطرات الدهون في وجود بروتين (فيت 2)، غير أن تعريض خلايا بيتا البنكرياس للدهون المشبعة الموجودة في الأطعمة مثل زيت النخيل، يؤدي إلى تحلل بروتينات (فيت 2) في الخلايا، مما يتسبب في انخفاض عدد قطرات الدهون.
ويوصح البروفيسور يوسف، أنه "عندما ينخفض عدد قطرات الدهون في خلية بيتا، تضعف القدرة الطبيعية للخلية على تنظيم الأحماض الدهنية، مما يؤدي إلى بيئة سامة للدهون تسبب اختلالا وظيفيا في الخلايا والموت، ومع وجود عدد أقل من الخلايا القادرة على إنتاج الإنسولين التي تحفظ مستويات الجلوكوز في الدم تحت السيطرة ، يتطور مرض السكري في نهاية المطاف".
وأكد العلماء دراساتهم الخلوية من خلال دراسة الفئران التي تتبع نظاما غذائيا غربيا غنيا بالدهون المشبعة والسكريات المكررة، مثل نظام الوجبات السريعة.
وفي مجموعة واحدة من الفئران، قام العلماء بحذف جزء من الترميز الجيني لبروتين (فيت 2) في خلايا بيتا البنكرياس لإزالة هذا البروتين على وجه التحديد في هذه الخلايا، وفي المجموعة الضابطة، ظل البروتين سليما.
ومع وجود البروتين في معظم خلايا الجسم فإن إزالة بروتين (فيت 2) من خلايا بيتا فقط من شأنه أن يسمح للعلماء بفهم كيفية مساهمة البروتين في مرض السكري.
وبعد وضع المجموعتين من الفئران على نظام غذائي مدته 25 أسبوعا غنيا بالدهون المشبعة والكربوهيدرات، وجد العلماء أن الفئران التي لا تحتوي على بروتينات (فيت 2) في خلايا بيتا لديها مستويات أعلى من الجلوكوز في الدم وأن هذه الفئران كافحت للحفاظ على مستويات الجلوكوز في الدم.
كما أن الفئران التي لديها حذف جين خاص بخلايا بيتا تفرز أيضا مستويات أقل من الإنسولين، ويشير هذا إلى أن فقدان ( فيت 2) في خلايا بيتا أضر بوظيفة الخلايا ، وبالتالي أضعف آليات تنظيم الجلوكوز في الجسم بالكامل، مما أدى إلى الإصابة بمرض السكري.
ويبحث الفريق الآن بشكل أكبر، كيف يمكن لهذه الآلية التي اكتشفوها أن تساعدهم في الاقتراب خطوة واحدة من طريقة جديدة لإدارة مرض السكري.
aXA6IDMuMTQ0LjEwNi4yMDcg
جزيرة ام اند امز