السعودية 2022.. قمم دولية ترسم مستقبل علاقات العرب بأقطاب العالم
قمم دولية هامة استضافتها السعودية على مدار عام 2022، رسمت خارطة لمستقبل علاقات دول المنطقة بالدول الكبرى في العالم، خاصة أمريكا والصين وروسيا.
قمم أبرزت أيضا المكانة الإقليمية والدولية المرموقة للمملكة، والثقة العالمية بجهودها لدعم أمن واستقرار المنطقة والعالم.
فعلى مدار عام 2022، استضافت السعودية سلسلة من القمم والاجتماعات من بينها 3 قمم هي الأولى من نوعها.
واستضافت السعودية 9 ديسمبر/كانون الأول الجاري 3 قمم دولية، هي القمة الخليجية الاعتيادية الـ43، والقمة الخليجية الصينية الأولى "قمة الرياض الخليجية الصينية للتعاون والتنمية"، والقمة العربية الصينية الأولى "قمة الرياض العربية الصينية للتعاون والتنمية"، بمشاركة الرئيس الصيني شي جين بينغ .
جاءت تلك القمم بعد نحو 4 شهور من استضافة المملكة في 16 يوليو/تموز الماضي قمة خليجية عربية أمريكية هي الأولى من نوعها، بمشاركة الرئيس الأمريكي جو بايدن.
وقبيل شهر من تلك القمة، استضافت المملكة الاجتماع الوزاري المشترك الخامس للحوار الاستراتيجي الخليجي الروسي مطلع يونيو/حزيران الماضي.
قمم خليجية عربية مع 3 من كبرى دول العالم استضافتها المملكة ضمن جهودها لإعادة رسم خارطة للعلاقات مع تلك الدول، بما يصب في صالح ازدهار وتطور ونهضة الدول الخليجية والعربية وإنشاء علاقات وزانة ومتوازنة مع تلك الدول .
هذا الهدف أعلنه بشكل واضح الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد السعودي قبل أيام في ختام "قمة الرياض العربية الصينية للتعاون والتنمية"، التي ترأسها نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حيث قال: "نؤكد للعالم أجمع أن العرب سوف يسابقون على التقدم والنهضة مرة أخرى، وسوف نثبت ذلك كل يوم".
واختارت الدول العربية والخليجية شعار "التعاون والتنمية" عنوان المرحلة القادمة التي تحدد مسار علاقاتها مع الصين، وشعار "الأمن والتنمية" عنوان المرحلة القادمة التي تحدد مسار علاقاتها مع أمريكا، في رسالة هامة للعالم، مفادها أن تلك القمم تحمل أهدافا سامية تستهدف تحقيق الازدهار والتنمية والأمن والاستقرار لشعوبها بعيدة عن أي مناكفات أو صراعات أو حسابات سياسية ضيقة.العرب والصين
واستضافت السعودية 9 ديسمبر الجاري 3 قمم دولية هي القمة الخليجية الاعتيادية الـ43، والقمة الخليجية الصينية الأولى "قمة الرياض الخليجية الصينية للتعاون والتنمية"، والقمة العربية الصينية الأولى "قمة الرياض العربية الصينية للتعاون والتنمية".
وشارك في تلك القمم قادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والدول العربية، والصين، والرؤساء والأمناء العامون لعدد من المنظمات الإقليمية والدولية.
وجرت تلك القمم بالتزامن مع زيارة أجراها الرئيس الصيني شي جين بينغ للسعودية خلال الفترة من 7 إلى 9 ديسمبر/كانون الأول الجاري.
قمم عربية خليجية-صينية هي الأولى من نوعها، تتوج العلاقات التاريخية والشراكة الاستراتيجية، وتؤسس لخارطة طريق لمستقبل علاقات الجانبين عنوانها "التعاون والتنمية".
وصدرت في ختام تلك القمم بيانات رسمت خارطة طريق لتعزيز التعاون بين الصين من جانب ودول الخليج والدول العربية من جانب آخر.
وأكد البيان الختامي الصادر عن قمة الرياض العربية الصينية للتعاون والتنمية، الحرص المشترك على تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الدول العربية وجمهورية الصين الشعبية القائمة على التعاون الشامل والتنمية المشتركة لمستقبل أفضل، بوصفها نموذجاً لعلاقات الصداقة والتعاون الودي، والعمل على تعميق التعاون العربي الصيني في مختلف المجالات من خلال الآليات القائمة في إطار منتدى التعاون العربي الصيني، وتعزيز دور هذا المنتدى في الدفع بجهود التنمية وبالعلاقات بين دولنا نحو آفاق أرحب.
وأشار البيان إلى الاتفاق على العمل بكل الجهود على بناء المجتمع العربي الصيني للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد، وتعزيز التضامن والتعاون بين الدول العربية وجمهورية الصين الشعبية، ودعم تحقيق نهضة الأمة لكل منها، وتعزيز السلام والتنمية في المنطقة، والحفاظ على العدل والإنصاف الدوليين والمساهمة في إقامة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.
بدوره أكد البيان الختامي لقمة الرياض الخليجية الصينية للتعاون والتنمية، اتفاق القادة على تعزيز الشراكة الاستراتيجية القائمة بين مجلس التعاون والصين، و دفعها نحو آفاق جديدة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، واعتماد خطة العمل المشترك للفترة القادمة (2023-2027) لتحقيق ذلك.
ووجّه القادة باستمرار الحوار الاستراتيجي بين الجانبين على جميع المستويات لمناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك وتنسيق المواقف حيالها، ودعم جهود التعافي الاقتصادي الدولي، ومعالجة الآثار الاقتصادية السلبية لجائحة كورونا وغيرها من التحديات، والعمل على ضمان مرونة سلاسل الإمدادات، وأمن إمدادات الغذاء والطاقة، ودفع بناء علاقات التعاون في تطوير مصادر وتقنيات الطاقة النظيفة، ومساعدة الدول الأكثر احتياجاً والمساهمة في تلبية حاجاتها الإنسانية.
وأكد القادة مواقفهم الداعمة لكافة الجهود الدولية الرامية إلى التهدئة وإيجاد حل سياسي لإنهاء الأزمة في أوكرانيا، وفقاً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، بما يحقق حماية الأرواح والممتلكات، ويحفظ الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
قمتان مهمتان ضمن مسارين يتكاملان ويعززان بعضهما البعض، ويؤكدان عزم الدول العربية والصين تعزيز التعاون المشترك، وتطوير العلاقات الاستراتيجية إلى آفاق أرحب، بما يحقق المزيد من النمو والازدهار والرخاء لشعوب الطرفين.
فالصين كدولة عظمى بما تملكه من تجربة تنموية رائدة وتكنولوجيا حديثة والدول الخليجية والعربية بما لها من ثقل سياسي واقتصادي وموارد نفطية وموقع استراتيجي مهم، لديهما من الإمكانات والقدرات، ما يجعل تنسيق مواقفهما سياسيا تجاه مختلف القضايا وتعزيز تعاونهما اقتصاديا وتنمويا وعلميا في مجالات عدة فرصة لبناء شراكة استراتيجية استثنائية تتحقق فيها مصالح متبادلة وفوائد مشتركة للجانبين.
تزداد أهمية تلك الشراكة في ظل التحديات والمتغيرات الدولية التي تؤكد أن تعددية الأقطاب في العالم أصبحت أمرا لا رجعة عنه، وأنه من مصلحة الدول العربية بناء شراكات استراتيجية متوازنة مع أقطاب العالم قائمة على تعزيز التعاون لمواجهة التهديدات والتحديات الجديدة.العلاقات مع أمريكا
جاءت تلك القمتان، بعد نحو 5 أشهر من استضافة السعودية في 16 يوليو/تموز قمة أمريكية خليجية بمشاركة قادة الأردن ومصر والعراق خلال زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للمملكة، التي كانت الأولى من نوعها للشرق الأوسط منذ توليه منصبه.
كذلك عقدت القمتان فيما تشهد العلاقات السعودية الأمريكية مؤخرا توترا إثر قرار تحالف "أوبك+" خفض إنتاج النفط الذي اعتبره البيت الأبيض اصطفافا إلى جانب روسيا في حرب أوكرانيا، وهو ما رفضته السعودية، مؤكدة أنه يهدف لخلق حالة من التوازن واستقرار أسواق النفط.
ورغم ربط البعض بين استضافة السعودية القمم العربية الخليجية- الصينية واستمرار توتر العلاقات مع أمريكا، إلا أن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أكد في مؤتمر صحفي عقب القمة العربية الصينية ، أن التعاون مع ثاني أكبر اقتصاد ( الصين) ضروري لكن لا يعني عدم التعاون مع الاقتصاد الأول ( أمريكا)، مبينا أن "للمملكة مصالح مشتركة مع الصين وأمريكا، وسنواصل العمل على تحقيقها".
واستضافت السعودية في 16 يوليو/تموز الماضي قمة خليجية عربية أمريكية هي الأولى من نوعها، حملت اسم "قمة جدة للأمن والتنمية" شارك فيها قادة دول مجلس التعاون الخليجي، والرئيس الأمريكي جو بايدن، والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ورئيس مجلس الوزراء العراقي آنذاك مصطفى الكاظمي.
وصدر في ختام القمة بيان أكد فيه القادة رؤيتهم المشتركة لمنطقة يسودها السلام والازدهار، وما يتطلبه ذلك من أهمية اتخاذ جميع التدابير اللازمة في سبيل حفظ أمن المنطقة واستقرارها، وتطوير سبل التعاون والتكامل بين دولها، والتصدي المشترك للتحديات التي تواجهها، والالتزام بقواعد حسن الجوار والاحترام المتبادل واحترام السيادة والسلامة الإقليمية.
وجدد القادة عزمهم على تطوير التعاون والتكامل الإقليمي والمشاريع المشتركة بين دولهم بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة، والتصدي الجماعي لتحديات المناخ من خلال تسريع الطموحات البيئية، ودعم الابتكار والشراكات، بما فيها باستخدام نهج الاقتصاد الدائري للكربون وتطوير مصادر متجددة للطاقة.العلاقات مع روسيا
تلك القمة جاءت بعد شهر من استضافة المملكة للاجتماع الوزاري المشترك الخامس للحوار الاستراتيجي الخليجي الروسي مطلع يونيو/حزيران الماضي.
وجرى خلال الاجتماع، الذي شارك فيه وزراء خارجية دول الخليج ونظيرهم الروسي سيرجي لافروف، استعراض العلاقات الخليجية-الروسية وأبرز الموضوعات ذات الاهتمام المشترك على الساحتين الإقليمية والدولية وسبل خدمة المصالح المشتركة.
الحوار الاستراتيجي الخامس جاء بعد نحو 5 أعوام من الاجتماع الرابع الذي عقد في موسكو عام 2016، الأمر الذي يبرز إدراك الجانبين أهمية تعزيز الشراكة الاستراتيجية التي تجمعهما، وأنّ هناك مجالات تعاون كثيرة بينهما يجب الدفع بها إلى الأمام.
وفي اليوم نفسه، تم عقد اجتماع وزاري خليجي أوكراني عقد عن بعد بمشاركة دميترو كوليبا وزير الخارجية الأوكراني.
وعقب الاجتماعين، أكد المجلس الوزاري الخليجي على أن موقف مجلس التعاون من الأزمة الروسية الأوكرانية مبني على مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، والحفاظ على النظام الدولي القائم على احترام سيادة الدول وسلامة أراضيها واستقلالها السياسي، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وعدم استخدام القوة أو التهديد بها.
وأكد المجلس الوزاري دعمه لجهود الوساطة لحل الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، ووقف إطلاق النار، وحل الأزمة سياسياً، وتغليب لغة الحوار، وتسوية النزاع من خلال المفاوضات.تعزيز التضامن الخليجي
موقف دول الخليج من الأزمة الأوكرانية وعلاقتها مع أقطاب العالم، أعادت دول الخليج التأكيد عليه في القمة الخليجية الـ 43 التي استضافتها السعودية في 9 ديسمبر/كانون الأول الجاري، وصدر عنها بيان ختامي، رسم خارطة طريق شاملة لتحقيق التكامل وتوحيد صف دول المجلس.
وأشاد المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية بمخرجات القمة الخليجية-الأمريكية التي عقدت في جدة في 16 يوليو 2022، في إطار الشراكة الاستراتيجية بين مجلس التعاون والولايات المتحدة الأمريكية، وقمة جدة للأمن والتنمية بين مجلس التعاون والأردن والعراق ومصر والولايات المتحدة الأمريكية، وثمن مساهمتهما في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والرخاء لشعوبها.
ورحب المجلس الأعلى بعقد قمة الرياض الخليجية-الصينية للتعاون والتنمية وقمة الرياض العربية-الصينية للتعاون والتنمية، وتطلع إلى أن تساهما في تعزيز علاقات التعاون والشراكة الاستراتيجية مع الجانب الصيني بما يحقق المصالح المشتركة بينهما.وأكدت القمة الخليجية دعمها لقرارات مجموعة أوبك+ الهادفة إلى تحقيق التوازن في أسواق النفط، وتعزيز الرخاء والازدهار لشعوب المنطقة والعالم، ودعم النمو الاقتصادي العالمي.
واطلع قادة دول الخليج على تقرير الأمانة العامة بشأن التقدم المحرز في تنفيذ رؤية خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود لتعزيز العمل الخليجي المشترك، التي أقرها المجلس الأعلى في دورته الـسادسة والثلاثين في ديسمبر 2015.
وأكدوا على التنفيذ الكامل والدقيق والمستمر لرؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود التي أقرها المجلس الأعلى في دورته الـ36 في ديسمبر 2015، بما في ذلك استكمال مقومات الوحدة الاقتصادية والمنظومتين الدفاعية والأمنية المشتركة، وتنسيق المواقف بما يعزز من تضامن واستقرار دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والحفاظ على مصالحها، ويُجنّبها الصراعات الإقليمية والدولية، ويلبي تطلعات مواطنيها وطموحاتهم، ويعزز دورها الإقليمي والدولي من خلال توحيد المواقف السياسية وتطوير الشراكات الاستراتيجية مع المجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية والدولية والدول الشقيقة والصديقة.
وجدد قادة دول الخليج حرصهم على قوة وتماسك مجلس التعاون، ووحدة الصف بين أعضائه، وتحقيق المزيد من التنسيق والتكامل والترابط في جميع الميادين، بما يحقق تطلعات مواطني دول المجلس، مؤكدين وقوف دولهم صفاً واحداً في مواجهة أي تهديد تتعرض له أي من دول المجلس.