السعودية وأمريكا.. علاقات استراتيجية عنوانها التعاون والاحترام
"العلاقة مع واشنطن استراتيجية وداعمة لأمن واستقرار المنطقة.. والتعاون العسكري بين الرياض وواشنطن يخدم مصلحة البلدين"..
بتلك الكلمات لخص الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، الأسس التي تقوم عليها العلاقات الثنائية بين السعودية والولايات المتحدة منذ تأسيسها قبل عقود.
ورغم الحديث عن توتر العلاقات عقب قرار مجموعة "أوبك+" لمنتجي النفط الأسبوع الماضي خفض الإنتاج، خاصة مع حديث الرئيس الأمريكي جو بايدن عن اعتزامه إعادة تقييم علاقة بلاده بالمملكة، إلا أن مراقبين اعتبروا حديث بايدن، ليس إلا محاولة لاسترضاء الناخبين قبل التجديد النصفي للكونغرس، لاسيما مع ما يشكله البلدان من دور محوري في جهود تعزيز الأمن والسِّلم الدوليين.
ويطمح الديمقراطيون في تجنب أية زيادات على الأسعار، لعلمهم أنها ستؤثر على قرار الناخب داخل صناديق الاقتراع، لصالح الجمهوريين في الانتخابات الجزئية المقبلة.
قرار اقتصادي
اتهامات الإدارة الأمريكية أن بعض أعضاء "أوبك+" لهم سياسات عدائية ضد واشنطن على حد قولها، "غير صحيحة" وهو ما دحضه المسؤولون السعوديون مرارا، حيث أكدوا أن بلادهم تهدف إلى حماية أمن الطاقة العالمي قبل حماية مصالح أوبك أو المملكة نفسها، وأن قرارها ليس اصطفافا مع أحد.
وزير الدولة للشؤون الخارجية عادل الجبير، رد على مزاعم إدارة بايدن للسعودية، بدعم روسيا سياسياً بعد قرار "أوبك+"، مؤكداً أن بلاده "لا تسيس" هذه القضية، وارتفاع الأسعار في أمريكا ناتج عن "نقص في التكرير".
وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان فند أيضا في مقابلة مع قناة "العربية"، مساء الثلاثاء، الأكاذيب التي تتحدث عن أن قرار "أوبك+" قرار "سياسي"، حيث أكد أنه قرار "اقتصادي بحت، وتم اتخاذه بإجماع الدول الأعضاء".
وتابع، أن "العلاقة مع واشنطن استراتيجية وداعمة لأمن واستقرار المنطقة، والتعاون العسكري بين الرياض وواشنطن يخدم مصلحة البلدين وساهم في استقرار المنطقة، مشيرا إلى أن العلاقات بيت البلدين مؤسسية منذ تأسست العلاقة".
كما واجه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبدالعزيز بن سلمان، الحملة الغربية ضد قرار "أوبك+"، حيث قال: "أوبك بلس، لم تمارس سياسة عدائية تجاه أي طرف، ولم تعرّض أسواق الطاقة للخطر".
وتابع "أوبك بلس ملتزمة بمصالح المنتجين والمستهلكين، وستواصل الإيفاء بالتزاماتها تجاه الأسواق"، مضيفا أنها "ستبقى قوة أساسية لضمان استقرار الاقتصاد العالمي، وما تقوم به ضروري لكل الدول المصدرة للنفط بما في ذلك غير الأعضاء في التحالف".
شراكة استراتيجية
المملكة والولايات المتحدة تتمتعان بشراكة استراتيجية، امتدت لأكثر من ثمانية عقود تدعمها المصالح المشتركة بينهما، رغم أن هذه العلاقات شهدت مدا وجزرا.
وحرص خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والأمير محمد بن سلمان ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء، على وضع إطار شامل لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وتوطيدها في مختلف المجالات للعقود القادمة، مع الأخذ في الاعتبار أن الولايات المتحدة هي أكبر شريك تجاري للمملكة، والمستثمرون الأمريكيون من أوائل وأكبر المستثمرين فيها، بجانب التعاون العسكري والدفاعي ومكافحة الإرهاب.
البلدان يشتركان في رؤية متوافقة تجاه العديد من القضايا الدولية والإقليمية، حيث يعملان من خلال المكانة التي يحظيان بها على تحقيق الاستقرار، حيث يعملان على ردع سلوكيات إيران المُزعزعة لأمن واستقرار المنطقة والعالم، ومنعها من إنتاج قنبلة نووية، تجنيبًا للمنطقة من سباق تسـلح سيكون الخاسر فيه أمنها واستقرارها.
متانة العلاقات بين البلدين أسهمت في تجاوز البرود الذي مرت به في بعض الأوقات، حيث لم يؤثر ذلك في المصالح الاستراتيجية المشتركة بينهما، وذلك بفضل حكمة قادة الدولتين، والذين حرصوا كل الحرص على مصلحة الشعبين والبلدين.
المملكة تتعامل في ظل المعطيات الجيوستراتيجية الجديدة في المنطقة والعالم، ووفق مصالحها النفطية والسياسية العليا، ولا يمكن أن تكيف سياساتها السيادية وقرارها المستقل، لمصلحة فوز الديموقراطيين في الانتخابات النصفية المقرر عقدها في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني، كون المملكة لا تتدخل في شؤون أي دولة، وهي تعمل وفق منظومة عالمية تحترم القوانين والأعراف الدولية.
وبخلاف الاعتقاد الشائع، لم تكن العلاقات بين الرياض وواشنطن في حالة وئام أو وفاق دائم، وشهدت منعطفات سياسية هامة، إلا أنها ظلت استراتيجية، كونها تعتمد على شراكة سياسية واقتصادية وعسكرية مستدامة، رغم اختلاف قراءة البلدين للأحداث والتغيرات الإقليمية والعالمية المتلاحقة، كون الاختلاف والاتفاق سمة للسياسة والشراكة في خارطة العلاقة الدولية.