ماذا يعني قرار أوبك+ تخفيض حصص إنتاج النفط؟.. النتائج والتأثيرات
قرار أوبك+ بخفض إنتاج النفط، جاء في وقت تسيطر فيه رؤية ضبابية على أداء الاقتصاد العالمي.. فما الأسباب وراء القرار وتداعياته؟
اليوم الأربعاء وافق تحالف أوبك+ على خفض للإنتاج بنحو مليوني برميل بدءا من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، وهو أكبر تخفيض للتحالف منذ جائحة كوفيد-19، مما يحد من الإمدادات في سوق تعاني شحا بالفعل على الرغم من ضغوط الولايات المتحدة وغيرها من الدول لضخ المزيد.
ويأتي خفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميا، بما يوازي اثنين بالمئة من الإمدادات العالمية، أمر ضروري ردا على رفع أسعار الفائدة في الغرب وضعف الاقتصاد العالمي، بحساب البيان المشترك للتحالف.
ردود الأفعال الأولية
أول ردود الأفعال على القرار جاء من البيت الأبيض، حيث قال المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي إن الولايات المتحدة بحاجة لخفض الاعتماد على أوبك+ ومنتجي النفط الأجانب.
وبحسب التعليق الذي نقلته شبكة فوكس نيوز، ألمح كيربي إلى أن واشنطن تدرس رد الفعل على القرار، قائلا: في ضوء قرار اليوم، ستتشاور إدارة بايدن مع الكونجرس حول أدوات وآليات إضافية لتقليص تحكم (تحالف الدول المنتجة للخام) في أسعار الطاقة".
- أوبك+ يصدم طموحات "بايدن".. تخفيض إنتاج النفط مليوني برميل يوميا
- النفط الصخري يرفض منح "أوبك +".. هل يتعافى "وحيدًا"؟
"بايدن سيواصل أيضا إصدار توجيهات للإفراج عن كميات من الاحتياطي الاستراتيجي للبلاد من النفط كلما اقتضت الضرورة"، بحسب تصريحات مستشار الأمن القومي جيك سوليفان ومدير المجلس الاقتصادي الوطني برايان ديس في بيان عقب القرار.
تعليق أوبك +
من جانبها، أعلنت السعودية وأعضاء آخرون في أوبك+، الذي يضم دول أوبك ومنتجين من خارجها من بينهم روسيا، إنهم يسعون من القرار لمنع التقلبات وليس استهداف سعر معين للنفط.
ورفضت المملكة الانتقادات لها بأنها تتواطأ مع روسيا، وهي ضمن تكتل أوبك+، لرفع الأسعار وقالت إن الغرب هو الذي عادة ما يدفعه "غرور الثروة" لانتقاد التكتل.
قال الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة السعودي: "نجحنا في إبقاء سوق الطاقة مستداما مقارنة بالآخرين وما حققناه لم يكن ضربة حظ"، مؤكدا "سنواصل القيام بمهامنا وأوبك+ سيكون قوة لفرض الاستقرار ودعم الاقتصاد العالمي".
وأوضح وزير الطاقة السعودي، ما نقوم به أساسي لكل مصدري النفط حتى خارج أوبك+، لا أحد في أوبك+ يستطيع التنبؤ بمستقبل الطاقة، مؤكدا "لا نعلم كيف سيتم فرض سقف سعر النفط الروسي".
وفي لقاء تلفزيوني له بعد انتهاء الاجتماع الوزاري لـ "أوبك+"، قال الأمير عبد العزيز بن سلمان: "مصلحة المملكة هي همنا الأول والأخير".
وبرر هيثم الغيص الأمين العام لمنظمة أوبك القرار، قائلا: "أمن الطاقة له ثمن"، مؤكدا "لا نعرض السوق لخطر".
ماذا عن أسعار النفط؟
تشير التوقعات إلى أن خفض أوبك+ الإنتاج بواقع مليوني برميل يوميا قد يؤدي إلى تعافي أسعار النفط التي هبطت إلى حوالي 90 دولارا مقارنة مع 120 دولارا قبل ثلاثة أشهر بسبب مخاوف من حدوث ركود اقتصادي عالمي وارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة وازدياد قوة الدولار.
عقب القرار، قفزت أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها منذ ثلاثة أسابيع، تحسبا للتخفيضات وعلى خلفية بيانات حكومية أمريكية تظهر تراجع مخزونات الخام والوقود الأسبوع الماضي.
وقفز خام برنت القياسي العالمي اليوم الأربعاء متخطيا 93 دولارا للبرميل.
وارتفع خام القياس العالمي مزيج برنت 2.01 دولار أو ما يعادل 2.2% إلى 93.81 دولار للبرميل في الساعة 1540 بتوقيت جرينتش. وبلغ خام برنت أعلى مستوى له في الجلسة عند 93.96 دولار للبرميل وهو أعلى مستوى منذ 15 سبتمبر/ أيلول.
كما زاد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 1.78 دولار، أو 2.1 بالمئة، إلى 88.30 دولار للبرميل. وبلغ 88.42 دولار للبرميل خلال الجلسة وهو أعلى مستوى له منذ 15 سبتمبر/ أيلول
وبحسب تصريحات نقلتها رويترز عن فيونا سينكوتا، كبيرة محللي الأسواق في سيتي إنديكس، فإن أسعار النفط ترتفع حتى الآن هذا الأسبوع تحسبا للتخفيضات.
تفاصيل القرار
بالعودة إلى قرار تحالف أوبك+، نقلت رويترز عن مصادر قولها: إنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت التخفيضات قد تشمل تخفيضات طوعية إضافية من قبل أعضاء مثل السعودية أو ما إذا كانت قد تتضمن النقص القائم فعلا في إنتاج الدول المنتجة.
وجاء إنتاج أوبك+ في أغسطس/ آب دون المستهدف بنحو 3.6 مليون برميل يوميا.
وبحسب مذكرة لـ "سيتي بنك"، فإنه إذا ارتفعت أسعار النفط بفعل تخفيضات كبيرة في الإنتاج، فمن المرجح أن يثير ذلك غضب إدارة (الرئيس الأمريكي جو) بايدن قبل انتخابات التجديد النصفي الأمريكية.
وأضافت "قد يكون هناك مزيد من ردود الفعل السياسية من جانب الولايات المتحدة، بما في ذلك سحب إضافي من المخزونات الاستراتيجية".
وتوقع جيه.بي مورجان أن تتخذ واشنطن إجراءات مضادة عن طريق الإفراج عن المزيد من الكميات من المخزونات.
إشارات متناقضة وحكمة القرار
"أوبك +" تأمل من الخفض الكبير لحصص الإنتاج النفطية للدول الأعضاء، إعادة الاستقرار لأسواق النفط والسيطرة على مساراتها المتقلبة وسريعة التغير.
ظهرت تطورات كثيرة مؤخرا دفعت بعدة عوامل متناقضة تتعلق بالمعروض النفطي، ويأتي في صدارة تلك العوامل الصعوبات الاقتصادية والمخاوف بحدوث ركود في كثير من مناطق العالم والتي قد تؤثر على الطلب بشكل يفوق التوقعات.
بحسب تصريحات سعد رحيم كبير الاقتصاديين في شركة تجارة السلع الأساسية ترافيجورا في مؤتمر أرجوس الأوروبي للنفط في جنيف، "تشير كل العوامل المختلفة إلى أننا ربما نتجه نحو تباطؤ، لكنه سيكون لفترة أقصر وأقل عمقا مما يتوقعه الناس".
أيضا عودة ارتفاع معدل الإصابات بفيروس كورونا في بعض الاقتصادات الكبرى وما يترافق مع هذا من العودة للإغلاقات ومن هنا التأثير سلبا في الطلب على النفط.
والنفط الصخري الأمريكي اليوم يواجه قيود ربما تكون مشابهة لأزمة انهيار الأسعار في 2016، فالمنتجون في الولايات المتحدة يعانون من قلة المعدات والعمال وشح رأس المال، ما يؤدي في النهاية إلى ضعف الإنتاج. ولن يغير قرار الخفض الكبير المرتقب لإنتاج النفط من "أوبك +" هذه القيود.
ووفق "رويترز"، تعاني شركات الإنتاج المملوكة لفرد واحد أو مجموعة صغيرة من المساهمين من مشكلات في سلاسل التوريد وقلة رأس المال، مما يقوض أيضا من قدرتها على زيادة الإنتاج.
والشهر الماضي، كانت أوبك، قد أبقت على توقعاتها بشأن نمو قوي للطلب العالمي على النفط في 2022 و2023، مستندة إلى مؤشرات على أن الاقتصادات الكبرى تحقق أداء أفضل من المتوقع على الرغم من عوامل غير مواتية مثل ارتفاع التضخم.
وتوقعت المنظمة آنذاك أن الطلب على النفط سيزيد 3.1 مليون برميل يوميا في 2022 و2.7 مليون برميل يوميا في 2023 دون تغيير عن توقعاتها في شهر أغسطس/ آب الماضي.
ومن المؤكد أن قرار أوبك+ حكيما في ضوء عدم اتضاح الرؤية تماما بشأن مستقبل العرض والطلب في الأسواق. لكن مع ذلك تبدي بعض الجهات ثقتها في استمرار ارتفاع الأسعار خاصة مع الأوضاع الحالية بوجود نقص في المعروض مقارنة بحجم الطلب.
وفي هذا الإطار نجد أن شركة شركة فيتول قد توقعت أن يقترب سعر خام برنت من 100 دولار للبرميل بحلول نهاية العام، وذلك على الرغم من احتمال عودة النفط الإيراني إلى الأسواق.
ما الذي تخشاه أمريكا؟
بسبب سحب واشنطن من مخزونات الطوارئ، كانت أسعار النفط العالمية قد سجلت تراجعًا بنحو 28% منذ الأول من يونيو/حزيران 2022، إلا أن أسعار البنزين والديزل عاودت الارتفاع بسبب مخاوف تعطل الإمدادات مع تحديات الأزمة الروسية الأوكرانية والتضخم المتصاعد وصولا إلى أزمة سلاسل التوريد العالمية.
ووفق مسح أجراه مجلس الاحتياطي الفيدرالي (المركزي الأمريكي)، كانت التوقعات تشير إلى تراجع أسعار النفط الأمريكي دون 100 دولار للبرميل بنهاية عام 2022، بعد أن وصل متوسط أسعارها إلى 85.49 دولار في الفترة من يوليو/تموز إلى سبتمبر/أيلول 2022.
وهو ما يعني أن الإدارة الأمريكية ستواجه المزيد من الضغوط عقب القرار مع توقعات بارتفاعات كبيرة في أسعار البنزين والديزل وسط توقعات بتجاوز برميل النفط لحاجز الـ100 دولار بنهاية العام الجاري.
وتراجعت نسب التأييد لبايدن قبل انتخابات التجديد النصفي بالكونجرس بسبب التضخم بالغ الارتفاع وكان قد دعا السعودية، الحليف لبلاده منذ فترة طويلة، إلى المساعدة في خفض الأسعار.
اتهامات متبادلة
وبحسب بيان نقلته رويترز عن البيت الأبيض، فإن واشنطن ترى أن القرار يصب في مصلحة روسيا.
ويتهم الغرب روسيا وهي عضو رئيسي بتخالف أوبك +، باستغلال الطاقة كسلاح، وخلق أزمة في أوروبا قد تضطر معها إلى تقنين الغاز والكهرباء هذا الشتاء.
وفي المقابل، تتهم موسكو الغرب باتخاذ الدولار والأنظمة المالية مثل سويفت سلاحا ردا على إرسال روسيا قوات إلى أوكرانيا في فبراير شباط. ويتهم الغرب موسكو بغزو أوكرانيا بينما تصفها روسيا بأنها عملية عسكرية خاصة.
ومن بين الأسباب الذي تجعل واشنطن ترغب في أسعار نفط منخفضة هو سعيها لحرمان موسكو من عائدات بيع النفط.
aXA6IDMuMTQ0LjI1My4xOTUg جزيرة ام اند امز