السعودية والصين شراكة استراتيجية في الصناعة والتجارة والتكنولوجيا
العلاقات السعودية الصينية علاقات استراتيجية تم بناؤها عبر توقيع عشرات مذكرات التفاهم بين البلدين.
ترتبط المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية بعلاقات وثيقة ومتميزة، وتسير بوتيرة متسارعة ومتطورة نحو المزيد من التعاون والتفاهم المشترك بينهما في مختلف المجالات، بما يعود بالنفع على البلدين والشعبين الصديقين.
وتمتد العلاقات الوطيدة بين البلدين إلى جذورها التاريخية منذ 77 عاما، وشملت مختلف أوجه التعاون والتطور، في شكل علاقات تجارية بسيطة واستقبال الحجاج الصينيين وصولًا إلى شكلها الرسمي عام 1990، بعد اتفاق البلدين على إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بينهما وتبادل السفراء وتنظيم اجتماعات على المستويات السياسية والاقتصادية والشبابية وغيرها.
وعقد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، مع "شي جين بينغ" رئيس جمهورية الصين الشعبية جلسة مباحثات، خلال زيارته للصين في مارس/أذار 2017، جرى خلالها التوقيع على العديد من مذكرات التفاهم والتعاون وبرامج بين حكومتي المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية.
شملت توقيع مذكرة تفاهم للإطار العام لفرص الاستثمار الصناعي والبنى التحتية، ومذكرة تفاهم بشأن تمويل وإنشاء محطات الحاويات والبنى التحتية لمركز الخدمات اللوجستية المتعددة بمدينة ينبع الصناعية، واتفاقية تعاون استراتيجي للاستثمار في مشروعات متعددة، ومذكرة تفاهم للتعاون بشأن مشاركة السعودية في رحلة الصين لاستكشاف القمر (تشانق إي ـ 4).
كما شملت مذكرات التفاهم اتفاقية شراكة لتصنيع الطائرات بدون طيار، ومذكرة تفاهم بشأن قائمة مشروعات التعاون في الطاقة الإنتاجية، وتم التوقيع على برنامج تعاون تنفيذي بين هيئة الإذاعة والتلفزيون في السعودية والهيئة الوطنية للإذاعة والتلفزيون والإعلام والنشر بجمهورية الصين الشعبية.
وكذلك التوقيع على برنامج تعاون في المجال التجاري والاستثماري، ومذكرة تعاون في المجال التعليمي، ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال العمل، ومذكرة تفاهم بشأن التعاون في الشؤون التنظيمية للأمان النووي للاستخدامات السلمية للتكنولوجيا النووية.
كما تم التوقيع على اتفاقية عمل دراسة جدوى لمشاريع المفاعل النووي عالي الحرارة المبرد بالغاز بالسعودية، ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال رواسب اليورانيوم، والثوريوم، كما وُقعت اتفاقية تعاون في مجال ضمان ائتمان الصادرات.
- ولي العهد السعودي يصل إلى الصين في آخر محطات جولته الآسيوية
- 63 مليار دولار حجم التجارة بين الصين والسعودية في 2018
كما جرى على هامش منتدى الاستثمار السعودي الصيني توقيع 21 اتفاقية استثمارية بين القطاع الخاص في البلدين في مجالات الاستثمار والطاقة والبتروكيماويات والمقاولات وتقنية الاتصالات.
وفي مجالات استكشاف التعاون الاستراتيجي وفرص الاستثمار في مجال التكرير والتسويق والبتروكيماويات وقعت شركة "أرامكو" السعودية مع شركة "نورنكو"(NORINCO) اتفاقية.
وفي مجال استكشاف فرص الاستثمار في السعودية في مجالات الهندسة والتصاميم وتصنيع الأنابيب ومجالات الأبحاث والتطوير وقعت "أرامكو" اتفاقية أخرى مع شركة "ايورسون"(AEROSUN) .
كما وقعت اتفاقية بين الهيئة الملكية للجبيل وينبع وشركة "بان-آسيا" (PAN-ASIA) لتخصيص موقع لمعمل جازان البتروكيماوي بحجم استثمار يقدر بــ 2 مليار دولار.
كذلك وقعت الهيئة اتفاقيتين مع شركة "هواوي" الصينية لإنشاء مركز الابتكارات لخدمات المدن الذكية، وإنشاء مركز هواوي للتدريب بمدينة ينبع الصناعية.
ووقعت شركات سعودية اتفاقيات مع شركات صينية في مجالات البناء بتقنية 3D، وتكنولوجيا المعلومات، والطاقة المتجددة، الهندسة الآلية، وغيرها من المجالات.
كما افتتح خادم الحرمين الشريفين مكتبة الملك عبدالعزيز العامة في جامعة بكين وتسلم الدكتوراه الفخرية من الجامعة.
وفي شهر يناير/ كانون الثاني 2016، زار "شين جين بينغ" رئيس جمهورية الصين الشعبية، المملكة العربية السعودية.
وعقد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود جلسة مباحثات معه في قصر اليمامة بالرياض، أكد خلالها، أن علاقات الصداقة بين المملكة والصين شهدت نموا مطردا على مدى أكثر من 25 عاما مضت، وتسعيان معا للاستقرار وتعزيز السلم والأمن في العالم.
من جهته، أكد الرئيس الصيني تعزيز الشراكة بين البلدين، ومواصلة تطوير علاقات الصداقة المشتركة مع المملكة، منوها بالإجراءات التي اتخذها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود لتحفيز التنمية في المملكة منذ توليه مقاليد الحكم في البلاد.
ووُقع خلال الزيارة 14 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين حكومتي المملكة والصين، منها مذكرة تعزيز التعاون المشترك في شأن الحزام الاقتصادي لطريق الحرير ومبادرة طريق الحرير البحري للقرن الـ21 والتعاون في الطاقة الإنتاجية.
وقعها من الجانب السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز عندما كان ولياً لولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية.
كما زار الملك عبدالله بن عبدالعزيز الصين في يناير/ كانون الثاني 2006، وُعدّت الزيارة الأولى التي يقوم بها الملك عبدالله خارج منطقة الشرق الأوسط منذ توليه مقاليد الحكم في المملكة عام 2005، وأول زيارة يقوم بها ملك سعودي إلى الصين منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عام 1990.
وقد وقع الملك عبدالله و"هو جينتاو" الرئيس الصيني 5 اتفاقيات خاصة بالتعاون الاقتصادي والثقافي والعلمي المشترك، وبنود خاصة بالتعاون في مجال النفط والغاز والمعادن.
وفي عام 2008، تم الإعلان عن إقامة علاقات الصداقة الاستراتيجية بين البلدين وتطويرها بين الشعبين الصديقين وتعزيز التعاون الوثيق في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية والإنسانية والعسكرية والأمنية والطاقة على المستويين الإقليمي والدولي، بما يرتقي بالعلاقات إلى مستوى أعلى.
وشهد عام 2016 نموا وتقدما ملحوظا في العلاقات بين البلدين، حيث صدر بيان مشترك بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية بشأن إقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين تماشيا مع الرغبة المشتركة لدى البلدين في زيادة التعاون وتعميقه في المجالات كافة، والارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة.
وفي مجال الطاقة، أبدى الجانبان رغبتهما في استمرار تعزيز علاقات التعاون في مجال الطاقة، وأكدا أهمية استقرار السوق البترولية للاقتصاد العالمي.
كما أبدى الجانب الصيني تقديره للدور البارز الذي تقوم به المملكة العربية السعودية لضمان استقرار أسواق البترول العالمية بوصفهما مصدرا آمنا وموثوقا ويعتمد عليه في إمدادات البترول للأسواق العالمية.
وأعرب الجانبان عن ترحيبهما بالتشاور في إطار التعاون في بناء "الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري في القرن الـ21"، مشيرين إلى وجود إمكانات ضخمة للتعاون العملي بين البلدين واستعدادهما لتعزيز التنسيق والارتقاء في السياسات الخاصة بالقوة الإنتاجية لتدعيم نقل تكنولوجيا وتطوير القطاعات وتنويع الاقتصاد.
وأكد الجانب الصيني إشادته بمشاركة الجانب السعودي كعضو مؤسس في إنشاء "البنك الآسيوي لاستثمار البنية التحتية"، وحرص الجانبان على تعزيز التعاون في المجالات ذات الصلة وبذل الجهود المشتركة لدفع التنمية والنهضة في منطقة آسيا.
وشهدت العلاقات الاقتصادية بين البلدين الصديقين التوقيع على العديد من الاتفاقيات في مختلف المجالات سواء ما يتعلق باتفاقيات ثنائية بين الحكومتين أو اتفاقيات بين رجال الأعمال في البلدين، حيث ترتكز معظم صادرات المملكة على الصين في البترول.
ورأى "قاو هو تشنغ" وزير التجارة الصيني أن المملكة العربية السعودية هي الشريك الرئيس للصين في الشرق الأوسط ودول الخليج العربي، مفيدا بأن عدد الشركات الصينية العاملة في المملكة بلغ 150 شركة، وأن المملكة تعد الوجهة الأولى في الشرق الأوسط للاستثمار من قبل الشركات الصينية منذ 13 عاما.
وتحتل الصين المرتبة الأولى من بين أكبر 10 دول مستوردة من السعودية، وتمثل نسبة ما تستورده الصين من السعودية 12.1% من إجمالي صادرات المملكة لدول العالم.
أما عدد التراخيص الممنوحة للشركات الصينية الفعالة بالمملكة حتى شهر فبراير/شباط 2018 فبلغت 128 ترخيصا، بإجمالي استثمار قدر بأكثر من 1.817 مليار ريال.
وشهدت العلاقات السعودية الصينية خلال الفترة الماضية تميزا كبيرا انعكس إيجابا على تعزيز التعاون بين البلدين، وترجم ذلك في افتتاح منتدى الاستثمار السعودي الصيني الذي أقيم في مدينة جدة في أغسطس/أب 2017، حيث أبرمت السعودية والصين 11 اتفاقية جديدة تقدر قيمتها بنحو 20 مليار دولار.
وتأتي هذه الاتفاقيات ضمن الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، كما تأتي مكملة لـ60 مذكرة تفاهم موقعة بين المملكة والصين، وبين الشركات في البلدين.
وفي ظل وجود حراك اقتصادي مميز بين البلدين، عملت السعودية في الآونة الأخيرة على عدة إصلاحات في بيئتها الاستثمارية، تماشيا مع رؤية "المملكة 2030"، حيث أسهمت تلك التسهيلات التي تقدمها الهيئة العامة للاستثمار للمستثمرين الأجانب في جذب الطريق وإفساحه أمام دخول المزيد من الاستثمارات إلى السعودية.
ودشنت شركة "بان آسيا" الصينية في مدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية مشروعها الأول من نوعه في المنطقة، بقيمة استثمارية تبلغ 4 مليارات ريال، وذلك بالتعاون مع الجهات الحكومية ذات العلاقة.
ويأتي المشروع بين عدة مشاريع أخرى يتم العمل عليها وفقا للاتفاقيات الموقعة بين المملكة والصين، تحت مظلة رؤية "المملكة 2030" ومبادرة الحزام والطريق الصينية، التي وضعت جازان كمحطة رئيسية من المحطات التي تندرج ضمن خارطة المشروع الصيني.
وقد قام "شين جين بينغ" رئيس جمهورية الصين الشعبية العام الماضي بزيارة للسعودية عقد، خلالها، مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود جلسة مباحثات رسمية قبل أن يدشنا مشروع شركة ينبع أرامكو ساينبوك للتكرير (ياسرف) الذي يمثل صرحا جديدا للشراكة بين المملكة والصين.
كما وقعت الشركات الصينية 100 عقد مع عدد من الجهات الحكومية لتنفيذ مجموعة من المشروعات التنموية بلغ إجمالي تكاليفها نحو 44 مليار ريال منها على سبيل المثال إنشاء سكك حديدية وتطوير بعض الموانئ ومشاريع مباني لبعض الجامعات وغيرها.
وفي عام 2016، تعززت العلاقات السعودية الصينية بشكل كبير حيث قام الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز بزيارة إلى جمهورية الصين الشعبية، والتقى الرئيس "شين جين بينغ" رئيس جمهورية الصين الشعبية، ودولة نائب رئيس الوزراء الصيني "تشانغ قاو لي"، وعددا من المسؤولين.
كما رأس الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ونائب رئيس الوزراء الصيني، خلال الزيارة، الاجتماع الأول للجنة السعودية الصينية المشتركة رفيعة المستوى، حيث وقعا على اتفاقية إنشاء لجنة مشتركة سعودية صينية رفيعة المستوى ومحضر أعمال الدورة الأولى للجنة، كما شهدا توقيع 15 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين حكومتي البلدين.
وفي نفس الزيارة، وقعت مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة مذكرة تفاهم مع المؤسسة الصينية الوطنية للطاقة النووية بشأن بناء القدرات البشرية في مجال الاستخدامات السلمية للتكنولوجيا النووية.
ويأتي توقيع مذكرات التفاهم في إطار اتفاق التعاون المبرم بين حكومتي البلدين عام 2012، في شأن تطوير الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، بهدف بناء قطاع الطاقة الذرية المستدام في المملكة.
كما التقى الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، خلال الزيارة، مع مجموعة من مسؤولي أهم الشركات الصينية، واستعرض معهم فرص الاستثمار في السعودية، ومجالات الشراكة وفق رؤية "المملكة 2030"، ومشروعات الشركات القائمة والمستقبلية في المملكة.