التضامن العربي، سياسيا وشعبيا مع المملكة العربية السعودية، له رسالة سياسية عميقة الدلالة ينبغي أن يقرأها الآخرون جيدا.
في التعامل الدولي، فيما يقارب عقد ونصف العقد تقريبا مع الدول العربية، هناك علامات تشير إلى استهداف الدول الكبرى في النظام العربي مثل مصر والعراق والآن المملكة العربية السعودية.
وحينما يتم إسقاط نظام دولة ويواجه شعبها خطر التقسيم والحرب الطائفية مثل العراق، وعندما تواجه دولة خطر زعزعة استقرارها المجتمعي كما كانت المحاولات في مصر مع أن الدولتين لم تكنا تاريخيا تعانيان مثل هذه المواقف، تأكد أن هناك مخططا محددة معالمه الاستراتيجية ضد العرب، يحدث ذلك حتى لو لم نؤمن بنظرية المؤامرة، إلا أن المنطق في التفكير الأمني يحتاج إلى ذلك على الأقل لفهم واستيعاب ما يتم على الأرض العربية، وللأسف أنه يتم إما بأيدي مواطنيها أو دولة عربية اعتادت على خدمة أجندات لدول أخرى كما هو الحال بالنسبة لنظام قطر.
التضامن العربي، سياسيا وشعبيا مع المملكة العربية السعودية، له رسالة سياسية عميقة الدلالة ينبغي أن يقرأها الآخرون جيدا، صحيح أن هناك بعض الاختلافات في المواقف السياسية تجاه قضايا المنطقة، ولكن في وقت الأزمات والمواقف التي تهم الإنسان العربي يلتف الجميع لتشكيل جبهة عربية
واضح من تفاعلات قضية المواطن السعودي جمال خاشقجي، التي تتصاعد سياسيا وإعلاميا بوتيرة متسارعة أن هناك محاولات لتوجيه اتهامات مباشرة بأن السعودية تقف وراء اختفائه، وبالتالي تعبئة الرأي العام العالمي ضد السعودية، وفق تحليلات إعلامية مفبركة، وذلك بهدف "اختلاق" أزمة سياسية أو الدفع نحو "توتير" علاقات السعودية مع أكبر قدر ممكن من الفاعلين الرئيسيين في النظام الدولي، سواء كان هؤلاء الفاعلون منظمات الدولية أو حكومات بهدف الوصول إلى نتيجة واحدة على الأقل هي زعزعة استقرار السعودية وإرباكها عن التركيز في القضايا العربية والإسلامية؛ وصولا إلى انفلات زمام الأمور العربية التي تواجه تحديات إقليمية ودولية.
وعندما يأتي الأمر فجأة وتتصاعد تفاعلاتها بسرعة وتلقى اهتماما كبيرا مثلما يحدث حتى الآن مع "دراما" اختفاء خاشقجي ودون مقدمات معلنة لها؛ هنا تكثر التفسيرات والتكهنات التي تصب في الأدوار الخفية التي يحاول معظمنا استبعادها عن التفكير فيها وفق منطق رفض نظرية المؤامرة، لكن يبقى الرهان دائما على الدول التي تدرك معنى اختفاء دور الدول العربية الكبرى على مستقبل العالم العربي بأكمله، لا سيما أن الخسائر العربية بعد الفوضى في العراق وسوريا كبيرة وكثيرة من الناحية الاستراتيجية.
ولهذا يمكن وصف الدول التي وقفت مع المملكة العربية السعودية بأنها ضد الفوضى في المنطقة التي تمارسها المليشيات السياسية و"المليشيات الإعلامية" أيضا؛ لأن النتيجة هي الخراب والدمار المجتمعي والإنساني، ولكي تكون الصورة أكثر وضوحا فإن هذه الدول العربية تدرك حجم الدور السعودي في الحفاظ على الاستقرار النسبي؛ خاصة بعد غياب دور الدول العربية ذات الثقل السياسي والمؤثرة في القرارات الدولية.
كما أن هذه الدول هي كذلك ضد السماح لعمليات التدخل المنهجي في الشؤون العربية من قبل دول الجوار الجغرافي، خاصة إيران ومعها النظام القطري اللذين يحاولان استغلال الأزمات الإعلامية لتأليب الرأي العام ضد الدولة السعودية دون سبب غير أن المملكة تقف ضد مخططاتهما وتعرقل مشاريعهما في المنطقة والأجندات الدولية "للجماعة".
لا يستطيع المراقب أن يطالع أسلوب الإثارة الإعلامية لأزمة اختفاء المواطن السعودي جمال خاشقجي دون أن يقارن بما كان يحدث في مصر منذ بداية أزمتها مع "الإخوان المسلمين"، وكيف كانت إدارة "قناة الجزيرة" لها في توجيه الرأي العام العربي والعالمي في خلخلة الوضع الأمني هناك، والأمر الذي يحير كل من يحاول أن يتعرف على معالم الرؤية الاستراتيجية الإيرانية والقطرية خلال هذه الأزمة التي تديرها السعودية حتى الآن بكفاءة وهدوء لا يجد تفسيرا سوى أنهما يسعيان إلى التدمير والتخريب.
التضامن العربي، سياسيا وشعبيا مع المملكة العربية السعودية، له رسالة سياسية عميقة الدلالة ينبغي أن يقرأها الآخرون جيدا، صحيح أن هناك بعض الاختلافات في المواقف السياسية تجاه قضايا المنطقة؛ ولكن في وقت الأزمات والمواقف التي تهم الإنسان العربي يلتف الجميع لتشكيل جبهة عربية لرفض كل ما يُحاك ضد الدول العربية الكبرى سياسيا واقتصاديا.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة