بصوتنا جميعا كشعوب عربية تحدث وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير في برلمان الاتحاد الأوروبي، وسمع الأوروبيون من رجل دولة
بصوتنا جميعاً كشعوب عربية تحدث وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير في برلمان الاتحاد الأوروبي، وسمع الأوروبيون من رجل دولة له مكانته وله تقديره ما ينسجم تماماً مع صوت شعوبنا العربية، محذراً الأوروبيين: «توقفوا عن انتقاد قضائنا فلسنا دولة من دول جمهوريات الموز» و«لا تحاضرونا عن العدالة فلم نحاضر عليكم بقوانينكم عما اقترفتموه في الماضي»، بل نزيد على ما قاله الوزير الجبير أنه ليس تاريخهم ما يدينهم فحسب، إنما حتى حاضرهم يشهد بهذا التناقض وسقوطهم الذريع في امتحان المصداقية الذي ظهر في تلك الهوة الواسعة بين ما يرفعونه من شعارات وما يمارسونه في الواقع، مما يجردهم من مكانة لا يجوز لهم فيها تلقيننا الدروس حول القيم والمبادئ الإنسانية.
خطاب كخطاب الوزير الجبير يعيد الأمور لنصابها، ويضع النقاط على حروفها، ويبين لهم موقفنا من تدخلاتهم، ويعرفهم من نحن، ويعطيهم دروساً في المصداقية.
فمع كل تجاهل متعمد من قبل البرلمان الأوروبي وصمت مطبق لدوي سقوط جسد كل شهيد عراقي ولبناني وليبي ويمني وسوري لتصعد روحه لبارئها في مواجهات مع وكلاء الغزاة الجدد (الفرس والأتراك) تسقط منظومة القيم الغربية التي تغنوا بها.
أكثر من ألف قتيل في الأشهر الأربعة الأخيرة سقط في هذه الدول الخمس (العراق ولبنان وسوريا وليبيا واليمن) من شباب ونساء وأطفال وإعلاميين ومن كل الشرائح، قتلوا بنيران وكلاء إيران وتركيا ومع ذلك فإن الدوائر الإعلامية والسياسية الغربية في سبات عميق لا تراهم ولا تعنى بهم، مكتفين ببيانات التنديد المقتضبة كبيانهم عن العراق الذي اعتبر الإقحام غير المقبول للكيانات المسلحة في هذه الأحداث يقوض الحق في التجمع السلمي والتعبير عن المطالب المشروعة ويضعف الجهود التي تقدمها القوات الأمنية للحفاظ على أن تبقى الاحتجاجات آمنة، أو إدانتهم لتفجير المسجد اليمني في مأرب على سبيل المثال، وقد قُتل فيه أكثر من 90 يمنيّا وهم يصلون ما صدرت إلا بعد مرور أسبوع على الحادث بتصريح مقتضب أصدره مكتب خدمة العمل الخارجي الأوروبي في بروكسل «إن هذا العمل يهدد استمرار وقف التصعيد العسكري ويقوّض العملية التي تقودها الأمم المتحدة في البلاد»، ودعا جميع الأطراف إلى «التحلي بضبط النفس والمشاركة البناءة مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة لإنهاء النزاع، وأوضح البيان أن «لدى اليمن فرصة لتحقيق السلام الذي يجب ألا يضيع، وسيواصل الاتحاد الأوروبي دعم الأمم المتحدة في تحقيق ذلك بكل الأدوات المتاحة له».
ثم غيب ذكراهم النسيان وكأن تلك الأرواح ليست لها حقوق إنسانية، ولو حظي هؤلاء الضحايا التسعون بربع ما حظي به شخص كرائف بدوي من اهتمام ولو قدروا للمملكة العربية السعودية والإمارات ما دفعتاه من أجل التنمية في اليمن ومحاربة الأمراض والأوبئة وتحسين الخدمات والبنية التحتية لكنا قدرنا هذه الدول حتى لو لم ينتج عن اهتمامهم نتيجة، إذ يكفي حينها أنهم ينسجمون مع شعاراتهم وعناوينهم.
ولكن الوقت الذي منح لهؤلاء الذين قُتلوا في معركة تخالف مصالحهم زهيد، فموتهم لا يخدم تلك الأجندة التي يحرصون عليها، مما يجعلهم في وضعية «لا أرى لا أسمع لا أتكلم ولتذهب العدالة إلى الجحيم«.
انكشف الكذب كما قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الحملات الإعلامية الموجهة فقط ضدنا وللأنظمة الخليجية وتحديداً للمملكة العربية السعودية، واتسعت الهوة بين الشعارات والتطبيق لذلك اليسار الليبرالي الغربي الأمريكي والأوروبي والكندي وتبين بشكل لا يدع للشك مجالاً، كيف تدار الحملات المدفوعة الثمن ضد جهة ما أو دولة ما تحت يافطات تلك القيم الإنسانية الجميلة حتى أصبحت بضاعتهم رخيصة لا تُشترى وفقدت قوتهم الناعمة أهم منابع تلك القوة وهي «المصداقية» التي وافتها المنية على يدهم.
العربي الوحيد الذي يهتمون له ويعرفونه بالاسم هو «الدمية» التي صنعوها في مصانع منظماتهم، فتجد لهؤلاء دائماً متسعاً في تصريحاتهم وأسئلتهم وضغوطهم يطالبون لهم بحصانة فوق القانون ومكانة تعلو على القضاء المحلي الوطني، هؤلاء هم فقط «الإنسان» المعنيون بحقوقه، أما حقوق ملايين البشر التي تسقط خارج نطاق مصالحهم وأجندتهم السياسية فلا بواكي لهم.
وأين هم من قتلى الاحتجاجات الإيرانية على يد ذلك النظام الذي ما زالوا حريصين على علاقاتهم معه رغم موت أكثر من 1500 إيراني على يديه في الأشهر الأخيرة؟ أي تناقض وانعدام مصداقية مثلها هذا الاتحاد؟
لذلك فإن خطاباً كخطاب الوزير الجبير يعيد الأمور لنصابها ويضع النقاط على حروفها ويبين لهم موقفنا من تدخلاتهم، ويعرفهم من نحن ويعطيهم دروساً في المصداقية.
نقلاً عن " الشرق الأوسط"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة