يعكس التقارب بين الرياض وأبوظبي تاريخاً من العلاقة الأخوية التي امتدت لتتجاوز الحدود والتضاريس والزمن
حين تصبح المفردات واقعاً لا مجرد شعارات يكون للكلام معنى وقيمة، وحين يكون هذا المبدأ هو ما يربط بين دولتين وحدتهما التحديات والمواقف؛ فإن لكل عربي أن يفخر بهذا الاتحاد المصيري بين أكثر دول المنطقة ازدهاراً واستقراراً.
لا يمكن لسعودي أن يشعر بالغربة حين يتزامن وجوده في الإمارات مع احتفالات اليوم الوطني، فأبوظبي ودبي كالرياض وجدة كلها اكتست اللون الأخضر ورفرف العلم السعودي إلى جانب العلم الإماراتي على أعلى مبانيها وأبرز معالمها.
هذه العلاقة المتينة والاستثنائية بين المملكة والإمارات لهي الأمل الوحيد في انطلاق أي جهد عربي مشترك، لمواجهة هذه الفرقة والشتات الذي تعيشه منطقتنا التي أصبحت ساحة لتصفية الحسابات والتدخلات الدولية والإقليمية.
هذه الحفاوة تتكرر كل عام ولها ما يقابلها في المملكة حين يحين عيد الاتحاد في الإمارات، وكأن للبلدين يومين وطنيين لا يقل أحدهما أهمية عن الآخر.
لكن لماذا كل ذلك؟ وهل المسألة مجرد مظاهر احتفالية تنتهي مع انتهاء المناسبة؟
يعكس التقارب بين الرياض وأبوظبي تاريخاً من العلاقة الأخوية التي امتدت لتتجاوز الحدود والتضاريس والزمن، تلك العلاقة التي تشهد الآن أسمى مراحلها حين اتحد الدم بالدم على أرض اليمن الشقيق دفاعاً عن شرف الأمة في مواجهة الأطماع الفارسية.
ليس هناك أقوى من هذا الرباط، لا العلاقات الدبلوماسية ولا المصالح الاقتصادية ولا أي شيء آخر.
رغم استقلالية القرار والحكم إلا أن المواقف الخارجية تتطابق بصورة استثنائية يستحيل معها أن تجد اختلافاً بين سياسة البلدين في التعاطي مع مجمل قضايا المنطقة والعالم.
منذ مطلع العقد الحالي وعالمنا العربي يعاني من حالة من عدم الاستقرار والفوضى الناجمة عن أطماع البعض في السلطة والنفوذ، وهو ما أورثنا بلداناً مدمرة وملايين اللاجئين والمهجّرين.
وحين وقف الآخرون موقف المتفرج كان للسعودية والإمارات الدور الأبرز في دعم تلك البلدان ومساعدتها للنهوض مجدداً، وأكاد، بل أجزم يقينا، بأن لا أحد عربياً ولا دولياً قادر على فعل ذلك.
مَن دعم صمود الشعب الفلسطيني عندما تراجعت المعونات الأميركية؟.. ومن وقف مع المصريين عندما ثاروا على جماعة الإخوان الإرهابية؟.. من ساند قوى الاعتدال في ليبيا بعد أن مزقتها الحرب الأهلية؟.. ويساهم الآن في إعادة إعمار العراق وكل بلد عربي مزقته الحروب والمؤامرات؟ من أعاد الأمل إلى قلوب اليمنيين بعد أن احتل الحوثيون بلادهم، وأراد لها أن تتحول إلى وكر للمليشيات وكل خائن وعميل؟.
عندما انكشفت مؤامرات جزيرة شرق سلوى كان لنا موقف موحد في التصدي لتلك المؤامرات، ورغم محاولات النظام في الدوحة إثارة الفتنة بين دولتينا؛ إلا أن ذلك ما زادنا إلا ترابطاً وإيماناً بوحدة المصير.. وهذا ما نعيشه اليوم ولسنوات مديدة بعون الله.
إن هذه العلاقة المتينة والاستثنائية بين المملكة والإمارات لهي الأمل الوحيد في انطلاق أي جهد عربي مشترك، لمواجهة هذه الفرقة والشتات الذي تعيشه منطقتنا التي أصبحت ساحة لتصفية الحسابات والتدخلات الدولية والإقليمية.
وحتى ذلك الحين.. يبقى ما بيننا اتحاد مصيري يلتف حوله الآخرون وتتحطم على حدوده مؤامرات الأعداء والحاقدين.. يتراجعون ونسود، نزدهر، نتوحد أكثر، ونسير معاً نحو المستقبل رغم كل التحديات والظروف، لأننا خُلقنا لكي نكون.. معاً.. معاً أبداً.
نقلا عن "الرياض"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة