خبيران: السعودية تعيد هيكلة الإيرادات والمصروفات لدعم قطاعات حيوية
إيقاف بدل المعيشة وزيادة ضريبة القيمة المضافة يسهمان في حماية الاقتصاد من أجل الانطلاق عقب انحسار جائحة كورونا
قال خبيران اقتصاديان إن القرارات التي اتخذتها المملكة العربية السعودية بإيقاف بدل غلاء المعيشة وزيادة ضريبة القيمة المضافة من 5 إلى 15% تستهدف ترشيد المصروفات وتوليد تدفقات مالية جديدة بهدف زيادة الإنفاق على قطاعات حيوية مثل الصحة ومساندة القطاع الخاص، في إطار إجراءات مكافحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19".
وحسبما أعلن محمد بن عبدالله الجدعان، وزير المالية ووزير الاقتصاد والتخطيط السعودي، أمس الأحد، فإنه سيتم إيقاف بدل غلاء المعيشة، بدءا من شهر يونيو/ حزيران المقبل، على أن يتم تطبيق زيادة ضريبة القيمة المضافة في الشهر التالي مباشرة.
وشدد الجدعان على أهمية الإجراءات التى تستهدف حماية اقتصاد المملكة لتجاوز أزمة جائحة كورونا العالمية غير المسبوقة وتداعياتها المالية والاقتصادية، بأقل الأضرار الممكنة .
من جانبه، قال ياسر عمارة، رئيس شركة إيجل للاستشارات المالية، إن السعودية تركز في المرحلة الراهنة على إعادة هيكلة نفقات وإيرادات الموازنة بهدف تحقيق هدفين أساسيين، الأول هو تعويض التراجع في الإيرادات النفطية حتى تتمكن من التوسع في الإنفاق على قطاع الصحة ومساندة القطاع الخاص ضمن التدابير الرامية لمواجهة تأثيرات فيروس جائحة كورونا.
وأوضح أن الهدف الثاني يتمثل في الحفاظ على صلابة الاقتصاد السعودي في وقت تشهد فيه العديد من الاقتصاديات العالمية تراجع حاد في النمو وارتفاع غير مسبوق في معدلات البطالة.
وقد رصدت السعودية 177 مليار ريال (47.8 مليار دولار) لتعزيز قطاع الصحة، وتخفيف أثر كورونا على القطاع الخاص.
وأكد عمارة أنه يجب التركيز على مردود هذه الإجراءات على كل من المدى المتوسط والطويل، نظرا لان اقتصاديات الدول التي ستتمكن من التماسك خلال هذه المرحلة الراهنة الدقيقة، ستكون أكثر قدرة على ضخ اسثثمارات حكومية وخاصة لتنشيط الاقتصاد عقب انحسار فيروس كورونا.
ووفقا لوكالة الأنباء السعودية، فإن المملكة نجحت الفترة الماضية في توفير نفقات بقيمة 100 مليار ريال تقريباً (27 مليار دولار)، شملت إلغاء أو تمديد أو تأجيل لبعض بنود النفقات التشغيلية والرأسمالية لعدد من الجهات الحكومية وخفض اعتمادات عدد من مبادرات برامج تحقيق الرؤية والمشاريع الكبرى خلال 2020.
فيما أشار عمارة إلى أن السعودية تحظى بمقومات مالية قوية تعزز من قدرتها على عبور الأزمة الحالية، بفضل الاحتياطيات النقدية الأجنبية القوية والتي تغطي واردات 43 شهور بحسب البيانات الرسمية لمؤسسة النقد العربي السعودي، فضلا عن تمتعها بتصنيف ائتماني قوي.
وتمكنت السعودية خلال السنوات الخمسة الأخيرة من إحراز نجاحات اقتصادية لتحسين مستوى معيشة المواطنين، إذ رفعت نسب تملك السعوديين في الإسكان من 43% إلى 57%، مع نمو المشروعات المتوسطة والصغيرة بـ 23%، بما سمح بخلق المزيد من فرص العمل.
من جهته، قال أيمن أبوهند، الشريك المؤسس بشركة advisable wealth engines للاستثمارات، إن تركيز دول العالم ينصب في المرحلة الراهنة على كيفية مساندة القطاع الخاص والمشروعات الصغيرة والمتوسطة حتى تحافظ على فرص العمل ومستقبل النمو الاقتصادي، إلى جانب إعادة هيكلة النفقات للتعامل مع انخفاض الإيرادات.
وأضاف أن الصدمات التي تلقتها أسعار النفط مؤخرا ستؤثر بالطبع على إيرادات الدول المصدرة للنفط مثل المملكة، لذا لابد من زيادة الإيرادات من مصادر أخرى مثل الضرائب وترشيد النفقات، كمرحلة مؤقتة من أجل عبور أزمة كورونا العالمية.
وتتمتع السعودية بتصنيف ائتماني قوي يعكس قدرتها المالية والتشغيلية على الصمود في مواجهة هذه الأزمة، إذ أكدت وكالة موديز تصنيف المملكة عند A1""، موضحة أن الميزانية تتمتع بأداء قوي مع انخفاض مستويات الدين.
كما أعلنت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، تأكيد التصنيف الائتماني طويل الأجل للسعودية عند "A" مع نظرة مستقبلية مستقرة، بما يعكس القوة المالية التي تتمتع بها السعودية، استنادا إلى الاحتياطيات الأجنبية المرتفعة، ونسبة الدين العام المنخفضة.
ورفعت فيتش تقديراتها لنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في المملكة للعام الحالي إلى 4.9% مقارنة بـ 2.0% في تقديراتها الأخيرة التي أجرتها في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي.