سلام السودان والتفاوض المفتوح.. في التأني "السلامة"
الوساطة الجنوب سودانية قررت تجاوز الإطار الزمني للمفاوضات وتمديد الحوار بين الأطراف لحين التوصل لاتفاق سلام شامل
دخلت العملية السلمية في السودان مرحلة الخيارات المفتوحة، بعد أن قررت الوساطة تجاوز الإطار الزمني للمفاوضات وتمديد الحوار بين الأطراف لحين التوصل إلى اتفاق سلام شامل ينهي أمد الحرب.
ودرجت الوساطة في دولة جنوب السودان، على تحديد سقف زمني لتوقيع الأطراف على اتفاق سلام منذ أن تولت رعاية المفاوضات في سبتمبر/أيلول الماضي، واضطرت لتمديد المحادثات لأكثر من مرة نتيجة وقوف القضايا العالقة حاجزا أمام بلوغ الهدف المنشود.
وكانت الوساطة تجاري أحكام الوثيقة الدستورية في السودان التي حددت فترة الستة أشهر الأولى من عمر الفترة الانتقالية لتحقيق السلام الشامل، لكن بعد انقضاء هذه الفترة دون اتفاق ذهبت برغبة الأطراف إلى تمديد المفاوضات لحين حسم كافة القضايا العالقة، وفق ما أعلنته في بيان صحفي مطلع الأسبوع الجاري.
وتهدف المحادثات التي بدأت في جنوب السودان، إلى إنهاء النزاعات في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان حيث قاتلت جماعات مسلحة ضد تهميشها من قبل الخرطوم في عهد الرئيس السوداني المعزول عمر البشير.
وازداد الأمل حيال إمكانية التوصل إلى اتفاق سلام بعدما جعلت الحكومة السودانية الانتقالية برئاسة عبد الله حمدوك من إنهاء النزاع في هذه المناطق أولويتها.
التفاؤل سيد الموقف
ورغم حالة القلق التي خلفها تمديد المفاوضات إلى أجل غير مسمى لدى العديد من المكونات السودانية، الا أن كثيرين وصفوا الخطوة بالإيجابية ومن شأنها أن تقود إلى سلام شامل وقوي يحقق الهدف الأسمى وهو وقف الحرب، بدلا من التعجل في المحادثات الذي قد تنتهي إلى اتفاقيات هشة ومحاصصات تعيد إنتاج الفشل السابق.
ويدعم المحلل السياسي، عبده مختار، هذا التفسير، إذ يرى في تمديد التفاوض لأجل غير مسمى، خطوة مهمة وداعمة لحسم القضايا العالقة، وصولا إلى تحقيق تطلعات الشعب بالوصول إلى سلام شامل.
وفي حديثه مع "العين الإخبارية"، قال مختار إن تحديات كثيرة حالت دون التوصل لاتفاق سلام في السودان، في مقدمتها القضايا المعقدة المطروحة على طاولة التفاوض والتي يرغب المتفاوضون في تسويتها بصورة تضمن حقوق ضحايا الحرب، بجانب جائحة كورونا التي عطّلت اللقاءات المباشرة بين الأطراف.
وأضاف أنه من "من المبكر الحكم على نجاح أو فشل العملية السلمية في السودان، فرغم تمديد التفاوض لأجل مفتوح، ما يزال هناك تفاؤل بتحقيق السلام خلال المدى القريب".
وقطعت المفاوضات بين الحكومة السودانية وتحالف الجبهة الثورية الذي يضم عددا من الفصائل المسلحة، شوطا بعيدا، لكن تبقت قضايا عالقة تتعلق بتقاسم السلطة والثروة والترتيبات الأمنية.
ولا يزال التفاوض متعثرا مع الحركة الشعبية وقطاع الشمال بقيادة عبدالعزيز الحلو، نتيجة تمسكها بموقفها الخاص بعلمانية الدولة السودانية، أو إعطاء منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق حق تقرير المصير، الشيء الذي رفضته السلطة الانتقالية لكونها غير مخولة بقرار مصيري كهذا.
أما حركة جيش تحرير السودان بقيادة عبدالواحد محمد نور، التي تسيطر على أجزاء واسعة من جبل مرة بإقليم دارفور غربي البلاد، فهي الأخرى ما تزال متمسكة بموقفها الداعي لنقل المفاوضات إلى الخرطوم كشرط أوحد للانخراط في العملية السلمية.
جذور المشكلة
ويرى الصحفي والمحلل السياسي أحمد حمدان، أن تمديد التفاوض ربما يتيح فرصة جديدة لالتحاق فصيلي الحلو وعبدالواحد محمد نور للمفاوضات والوصول إلى سلام شامل يخاطب جذور المشكلة، بدلا من إبرام اتفاقيات متعجلة لا تحقق الغرض.
وقال حمدان لـ"للعين الإخبارية" إن "تمديد التفاوض أيضا سيمكن البعثة الأممية السياسية المنتظر وصولها إلى السودان خلال مايو/آيار الجاري، من المشاركة وتقديم المشورة للأطراف في الوصول إلى اتفاق سلام شامل في البلاد".
ووافق مجلس الأمن الدولي قبل أيام، على إرسال بعثة سياسية إلى السودان تحت البند السادس من ميثاق الأمم المتحدة، لدعم عملية الانتقال السياسي وتقديم المشورة للأطراف لإنهاء صراعاتهم بشكل سلمي، وهو ما زاد التفاؤل بتحقيق السلام.
وتبدو حالة القلق نابعة من ارتباط الوصول إلى سلام، باستكمال هياكل السلطة الانتقالية "تشكيل المجلس التشريعي وتعيين الولاة المدنيين" حيث جرى تأجيل هذين المستويين بمقتضى اتفاق وقعته الحكومة السودانية وتحالف الجبهة الثورية في جوبا، بشهر سبتمبر/أيلول الماضي، ضمن إعلان مبادئ وإجراءات بناء الثقة.
لكن بحسب ما هو معلن من قبل الأطراف السودانية، فإن تشاورات حالية تجري لتشكيل المجلس التشريعي الانتقالي على أن يتم ترك مقاعد شاغرة للحركات المسلحة، وتعيين ولاة مدنيين على ولايات البلاد الـ18 بشكل مؤقت، حيث تدار حاليا بحكام عسكريين كلفهم الرئيس المعزول عمر البشير في آخر عهده.
وشدد الأمين العام لهيئة محامي دارفور "جماعة ضغط" الصادق علي حسن، على أن يتم تعيين الولاة المؤقتين وفق رؤية مدروسة تراعي الكفاءة والمقبولية وخصوصية بعض المناطق السودانية حتى تكون الخطوة داعمة للسلام وليس خصما عليه.
وفي حديثه مع "العين الإخبارية"، رأى حسن أن "الجنوح نحو المحاصصة في مناصب ولاة الولايات بين المكونات السياسية، سيقود إلى مزيد من التباعد ولا يخدم قضية السلام".
وتؤكد حكومة عبد الله حمدوك، التي تولت السلطة في سبتمبر/أيلول الماضي، أن إرساء السلام وإنهاء النزاعات والصراعات يتصدر أولوياتها، بعد سقوط نظام الرئيس السابق عمر البشير.
وتم حتى الآن الاتفاق على وقف إطلاق النار وإفساح المجال لوصول المساعدات الإنسانية ومسائل الأراضي وإعادة توطين الأشخاص الذين نزحوا جرّاء النزاعات.
aXA6IDEzLjU4LjE2MS4xMTUg جزيرة ام اند امز