كانت المملكة تعمل بصمت لكشف الغموض عن الحادث، والتعرّف على الأسباب، وتفاصيل الاختفاء الغامض لجمال، كونه مواطناً سعوديّاً
حدث ما حدث، وتوفي الزميل جمال الخاشقجي دون تخطيط مسبقٍ، أو نيةٍ لقتله، أو توجيهٍ بأن تكون هذه نهايته، فكانت المملكة قيادةً وشعباً في حالة ذهول وصدمة وحزن على ما جرى، غير مصدقين أنه لقي حتفه، بانتظار ما تسفر عنه التحقيقات السعودية - التركية للوصول إلى التفاصيل، ومعرفة الحقائق بعيداً عن التسريبات والاتهامات التي كانت تتبناها قناة الجزيرة ووسائل إعلام تركية وعالمية معادية.
* *
كانت المملكة تعمل بصمت لكشف الغموض عن الحادث، والتعرّف على الأسباب، وتفاصيل الاختفاء الغامض لجمال، كونه مواطناً سعوديّاً، ولم تنجر إلى تبادل الترهات مع الوسائل الإعلامية المعادية، إذ ظلت تتعامل مع الحادث بالتروي والحكمة وضبط النفس، والاحتكام إلى ما يقوله المحققون، مدعوماً بالحقائق والإثباتات التي لا يرقى إليها الشك.
جميعنا نأسف لما آلت إليه الأمور في حادث القنصلية، ونترحّم على زميلنا جمال، ونعزي أسرته، لكن المطلوب وفي هذا الظرف الدقيق أن نقف صفاً واحداً إلى جانب قيادتنا.. فالمستهدف بتوظيف مقتل الخاشقجي هي المملكة قيادةً وأرضاً وشعباً، فلا نعطيهم الفرصة لإنجاح مشروعهم
* *
وفي ظلِّ هذه السياسة الحكيمة في التعامل مع اختفاء المواطن السعودي الصحفي جمال الخاشقي، جاء بيان النائب العام ليضع النقاط على الحروف، وينهي الجدل الإعلامي الذي استهدف أمن واستقرار المملكة.. معلناً عن وفاة الزميل الخاشقجي داخل مبنى القنصلية السعودية، إثر شجار واشتباك بالأيدي مع مَن كانوا يحاولون إقناعه بالعودة إلى المملكة لظهور مؤشرات تدل على إمكانية عودته للبلاد.. وأن التحقيقات مستمرة مع الموقوفين على ذمّة هذه القضية والبالغ عددهم 18 شخصاً جميعهم من الجنسية السعودية.
* *
ليس هذا فقط، وإنما أشار بيان النيابة العامة إلى أن التحقيقات سوف تقربهم من الوصول إلى الحقائق، ومن ثم إعلانها، ومحاسبة جميع المتورطين في هذه القضية، وتقديمهم للعدالة.. وسيكون التحقيق مع المشتبه بهم؛ (كما صرح بذلك مصدر مسؤول) بناءً على المعلومات التي قدمتها تركيا للفريق الأمني السعودي - التركي المشترك؛ وسوف تلتزم السلطات السعودية بإبراز الحقائق للرأي العام، ومحاسبة جميع المتورطين.. ويأتي كل هذا استمراراً لنهج الدولة في ترسيخ أسس العدل.
* *
وكما جاء إعفاء أحمد عسيري نائب رئيس الاستخبارات العامة من منصبه، وإنهاء خدمة ثلاثة من الضباط الذين يعملون في الاستخبارات العامة، إلى جانب إيقاف ثمانية عشر من المشتبه بهم، تأكيداً على جدّية المملكة في عدم التفريط بدم المواطن السعودي، ومحاسبة مَن كان سبباً في وفاته.. ما يعني أن التعامل مع أيّ تقصير أو خطأ إذا كان يمسّ ابناً من أبناء الوطن سيكون تعاملاً شاملاً، وبشكل حازم.
* *
وعلى خلفية هذا الحادث الأليم، جاء توجيه خادم الحرمين الشريفين بتشكيل لجنة وزارية برئاسة سمو ولي العهد لإعادة هيكلة رئاسة الاستخبارات العامة، بحيث يتم تحديث نظامها ولوائحها، وتحديد صلاحياتها بشكل دقيق، لأن المعلومات التي كانت تنقل للجهات الأمنية تشير إلى مغادرة خاشقجي للقنصلية، وهذا غير صحيح، مما يؤكد الحاجة إلى إعادة هيكلة رئاسة الاستخبارات العامة، وتفعيل أدائها لئلا يتكرر مستقبلاً مثل حادث القنصلية في تركيا.
* *
جميعنا نأسف لما آلت إليه الأمور في حادث القنصلية، ونترحّم على زميلنا جمال، ونعزي أسرته، لكن المطلوب وفي هذا الظرف الدقيق أن نقف صفاً واحداً إلى جانب قيادتنا.. فالمستهدف بتوظيف مقتل الخاشقجي هي المملكة قيادةً وأرضاً وشعباً، فلا نعطيهم الفرصة لإنجاح مشروعهم؛ فالمؤامرة المدبرة كبيرة وعلينا إفشالها، والتعامل معها بما تقتضيه المواطنة.
نقلا عن "الجزيرة السعودية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة