في ذكرى الاحتفال بيوم تأسيس المملكة العربية السعودية الثامن والثمانين، مظاهر كبيرة لا بد من التوقف عندها.
في ذكرى الاحتفال بيوم تأسيس المملكة العربية السعودية الثامن والثمانين، مظاهر كبيرة لا بد من التوقف عندها، خاصة أن هذه الذكرى الوطنية قد حرم من لذة الاحتفاء بها أبناء الشعب السعودي لفترة ليست بالقصيرة، بحجة أن تلك "بدعة" لا يحبذها الشرع الإسلامي، وهنا لن ندخل في جدل تحليل أو تحريم ذلك لأن السعوديين تجاوزوا ذلك في ظل قيادة شابة غيرت وجه المملكة بما يشتهي معظم أبنائها، الذين يغلب على فئاتهم العمرية سن الشباب.
دأب شعب الإمارات وقادته على ترسيخ حالة الوحدة بين الإمارات والسعودية، ووصلت حالة الانسجام بين البلدين إلى مراحل بات يقول الفرد من الدولتين: إنه سعودي من الإمارات أو إماراتي من السعودية حين يسأل من أي البلاد أنت؟
ما يجب التوقف عنده هذا العام هو كمية الفرح وأشكاله ومظاهره التي اعتلت لا السعوديين فحسب، بل أشقاءهم العرب والخليجيين على وجه التحديد، ولهذا دلالة كبيرة في عادات وتقاليد هذه البقعة الجغرافية من الأرض التي ما زالت حتى اللحظة تعرف قدر الكبير وتعطف على الصغير، ومن هنا يرى أبناء الخليج بأن المملكة العربية السعودية هي كبيرهم، الواجب عليهم تقديرها واحترامها والفرح لفرحها والحزن لحزنها، خاصة في ظل عبث بعض ساسة دولة قطر وعملهم على تقسيم المملكة ودفع الكثير من أجل ذلك، ولكن هذا بات مكشوفا وتم تطويقه قبل ولوج الفأس بالرأس.
في واقعنا العربي المتشظي أدرك الإماراتيون شعبا وقيادة بأن نهج باني الإمارات ورائد نهضتها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -طيب الله ثراه- كان يحث على التعاضد والتكاتف مع الأشقاء، وهذا ما يجعل البلدان العربية قوية عصية على الأعداء، ولا يمكن لأحد نسيان ما قاله -رحمة الله عليه- إبان حرب أكتوبر 1973 بين مصر وسوريا وغيرها من الدول العربية من جهة وإسرائيل من جهة أخرى، حينما قال: "النفط العربي ليس بأغلى من الدم العربي"، ومن هذا دأب شعب الإمارات وقادته على ترسيخ حالة الوحدة بين الإمارات والسعودية، ووصلت حالة الانسجام بين البلدين إلى مراحل بات يقول الفرد من الدولتين: إنه سعودي من الإمارات أو إماراتي من السعودية حين يُسأل.. من أي البلاد أنت؟
بالفعل هذا ما عمل عليه القائدان الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي والأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، وتكلل ذلك بتوقيع ما بات يعرف بـ"استراتيجية العزم"، وهي رؤية مشتركة للتكامل بين البلدين اقتصاديا وتنمويا وعسكريا عبر 44 مشروعا استراتيجيا مشتركا، من خلال دراسة وعمل نفذه 350 مسؤولا من البلدين، يمثلون 139 جهة حكومية وسيادية وعسكرية، وخلال 12 شهرا، ومن خلال 3 محاور رئيسية، هي المحور الاقتصادي والمحور البشري والمعرفي والمحور السياسي والأمني والعسكري.
في الواقع بات الجميع يعرف مصطلح "الحزم" الذي ينسب للمملكة وقادتها، ويدل على قدرة الرياض على اتخاذ القرارات التي من شأنها حفظ أمن وسلامة السعودية خصوصا والخليج بشكل عام، وهذا ما تجلى واضحا حين انقلبت مليشيا الحوثي على السلطة الشرعية في اليمن.
أما "المحزم" فهو الإمارات بما تشكله من سند وظهير لسياسة المملكة وقدرة البلدين على خوض معترك التحديات التي تواجه المنطقة العربية بنفس واحد وطويل، ولذلك لم يكن مستغربا بأن يخاطب وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بـ"سيدي"، كاسرا كل قواعد البروتوكول الذي بات قادة الدولتين لا يلتزمان به، وإلا لما كان الملك سلمان يستقبل بنفسه الشيخ محمد بن زايد حين يزور الرياض، لأن البروتوكول السعودي ينص على استقبال الملك نظراءه من الملوك والرؤساء.
ما تمثله مشاعر الأخوة بين القيادتين السعودية والإماراتية انعكس بشكل كبير على شعبي الدولتين، لذلك تجد أن احتفال الإماراتيين باليوم الوطني السعودي يوازي تماما احتفال السعوديين بِه، وهذا لم يكن ليحدث لولا وجود ساسة وقادة إماراتيين تربوا على يد قائد كان يمنح الآخرين جل تقديره ساعيا للوحدة الكاملة مع أشقائه من الدول الخليجية، وتكرار تجربة الإمارات السبع حين وحدها وجعل منها دولة وصلت اليوم لمصاف البلدان الحضارية المتقدمة والرائدة في جميع المجالات.
لا شك أن قوة البلدين وربط مصيرهما ببعضهما سيشكل ثقلا كبيرا على المستويين العربي والدولي، كذلك في وقت رهنت بعض الدول ذاتها لغيرها وأصبحت تنفذ ما يُطلب منها فحسب من رعاتها، لذلك لن يروق لمسؤولي هذه الدول الذين حاولوا عبثا نشر الفوضى والخراب في الإمارات والسعودية على حد سواء الانسجام الكبير بين السعودية والإمارات، اللتين تصح تسميتهما "الحزم والمحزم" في مواجهة عرابي مشاريع التقسيم وتسليم الدول العربية للتنظيمات المتطرفة على طبق من دم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة