يتكئ التكامل السياسي والعسكري بين السعودية والإمارات على إرث قوي من التعاون والتنسيق، وهو ثمرة لجهد سياسي وعسكري متواصل.
العلاقات المتميزة بين الرياض وأبوظبي، هي علاقة صلبة ومتينة وقوية، وتشهد نمواً وتطوراً متسارعاً، ولعل تأسيس المجلس التنسيقي بين البلدين في العام 2016، يأتي تتويجاً للتحالف السياسي والعسكري بين البلدين، الذي وصل لمستويات عالية في الملف اليمني، فالعلاقات بين الرياض وأبوظبي التي تشهد مراحل عالية من التعاون والتنسيق وتتخطى مستوى الإطار التعاوني، تأتي ترجمة سياسية وعسكرية واقتصادية لمرحلة جديدة تفرضها المتغيرات وهي الانتقال إلى توحيد المواقف، لمواجهة التحديات في المنطقة.
هذه العلاقة التكاملية وهذا المشروع السعودي - الإماراتي لتحقيق الاستقرار في المنطقة، والذي يتكئ على قواعد راسخة من المواقف المتطابقة والرؤية المتجانسة تجاه ملفات المنطقة، لن تتأثر بالمحاولات الفاشلة للوقيعة بين البلدين ومحاولات إحداث شرخ في العلاقة بينهما
يمكن النظر لـ"استراتيجية العزم" كأحد المخرجات الرئيسية لخلوة العزم، وآلية العمل المشتركة خلال السنوات الخمس المقبلة بين البلدين، فهذه الاستراتيجية تعمل من خلال عدة محاور رئيسية: المحور الاقتصادي والبشري والمعرفي والمحور السياسي والأمني والعسكري، والتي تهدف إلى تعزيز التكامل والتعاون السياسي والأمني بين البلدين في ظل الحراك السياسي السعودي- الإماراتي المشترك في المنطقة، والتعاون العسكري في اليمن الذي حقق نجاحات كبيرة في حماية الأمن القومي العربي والخليجي.
يتكئ التكامل السياسي والعسكري بين السعودية والإمارات على إرث قوي من التعاون والتنسيق وهو ثمرة لجهد سياسي وعسكري متواصل منذ الإعلان عن عاصفة الحزم، أما على المستوى الاقتصادي يمكن النظر لـ"استراتيجية العزم" كإحدى مبادرات المجلس التنسيقي السعودي - الإماراتي، بأنها تهدف لتعزيز التكامل الاقتصادي بين البلدين، هذا التكامل الذي يشكل ما يقارب الـ 46% من الناتج الإجمالي العربي، هو مؤشر لولادة قوة اقتصادية مهيمنة إقليميا، سوف تساهم بشكل كبير في إحداث تغيير في الخارطة الاقتصادية الدولية، وعلى خارطة القوى المهيمنة على القرار الاقتصادي الدولي.
من عاصفة الحزم ودعم الشرعية في اليمن، إلى المصالحة الإثيوبية الإريترية بجهود سعودية إماراتية، من قمة أبوظبي الثلاثية بين إثيوبيا إرتيريا برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، إلى قمة جدة التي مثلت تتويجاً للمصالحة بين البلدين، حيث وقّعت القيادتان الإثيوبية والإريترية اتفاقية سلام، فهذا التكامل في العمل العسكري، والعمل السياسي وأيضا التكامل في الجهود الدبلوماسية بين البلدين، وهو ما يعكس المستويات العالية التي تعيشها العلاقات السعودية – الإماراتية، والتي لم تعد مجرد علاقة ثنائية بين البلدين أو شراكة استراتيجية، بل هي مشروع استقرار تقوده الرياض وأبوظبي.
فهذه العلاقة التكاملية وهذا المشروع السعودي - الإماراتي لتحقيق الاستقرار في المنطقة، والذي يتكئ على قواعد راسخة من المواقف المتطابقة والرؤية المتجانسة تجاه ملفات المنطقة، لن تتأثر بالمحاولات الفاشلة للوقيعة بين البلدين ومحاولات إحداث شرخ في العلاقة بينهما، والتي لا تستهدف فقط هذه العلاقة المتميزة بين البلدين التي تمتد جذورها في عمق التاريخ، بل تستهدف مشروع الاستقرار الذي تقوده الرياض وأبوظبي حيث تعد هاتان الدولتان ركائز أساسية لتحقيق استقرار المنطقة، وتستهدف الأمن القومي العربي ( إذا كانت الرياض قلب الأمة العربية النابض، فإن أبوظبي هي الرئة التي يتنفس بها العرب).
المحاولات القطرية لإحداث الوقيعة بين الرياض وأبوظبي من ملف اليمن ومحاولة تصوير "استراتيجية إعادة الانتشار الإماراتية" بأنها انسحاب، ومحاولة تصوير اجتماع روتيني بين مسؤولين في خفر السواحل الإماراتي مع مسؤولين إيرانيين لبحث قضايا التعاون الحدودي المشترك، بأنه استدارة إماراتية نحو إيران وإدارة الظهر للرياض، جميعها تعكس حالة الإفلاس لدى النظام القطري الذي فشل في حل أزمته، وبالتالي يحاول هذا النظام القفز على حالة الفشل التي يعيشها عبر إعادة محاولاته الفاشلة والمتكررة للوقيعة بين الرياض وأبوظبي.
أيضا هذه المحاولات القطرية التي تأتي في سياق محاولاتها لإحداث شرخ في العلاقة بين البلدين لتقديم قراءة غير واقعية للخطوات الإماراتية وإخراجها من سياقها الطبيعي ومحاولة بناء قراءة مغايرة للواقع، تأتي في سياق المحاولات القطرية الداعمة للنظام الإيراني، وما تسوق له أدواتها الإعلامية من تزييف للحقائق، هو يأتي في سياق محاولة تحقيق انتصار سياسي وهمي للنظام الإيراني وأن هناك تراجعات في الطرف الآخر والذي يتصدى للمشاريع الفوضوية الإيرانية في المنطقة.
أيضا المتابع للعقلية السياسية القطرية المراهقة، يجد أن الدوحة التي فشلت ولاتزال تفشل في حل أزمتها، تحاول القفز على الأسباب الحقيقة التي أدت لمقاطعتها، فبدلا من التركيز على إحداث تغيير في السياسات التي أدت إلى عزلها تحاول التعويل على ضرب العلاقات بين الدول المقاطعة لها، بعد فشل محاولاتها السابقة لضرب العلاقات السعودية – المصرية ، تحاول الدوحة ضرب العلاقات السعودية – الإماراتية، فهذه المحاولات تأمل منها أن تحدث اختراقا في جدار الأزمة التي تعيشها، لكنها محاولات فاشلة المتضرر الوحيد منها هي الدوحة التي تسعى لتعميق أزمتها وتسعى لتعميق العزلة التي تعيشها.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة