الإمارات والسعودية.. أخوة تاريخية وشراكة تهزم مكائد قطر
العلاقات الإماراتية السعودية تعبر عن أخوة تاريخية وشراكة استراتيجية ومصير مشترك تهزم المؤامرات القطرية في المنطقة
"الإمارات مع السعودية قلباً وقالباً.. والمصير واحد"، كلمات للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، أعاد التأكيد عليها بعد عقود من الزمن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، مشددا على أن "الإمارات تقف قلباً وقالباً مع المملكة في العسر واليسر.. وأمن المملكة جزء لا يتجزأ من أمن الإمارات، والإمارات تقف بكل قوة وحسم مع السعودية في مواجهة كل التحديات التي تستهدف أمنها وأمن المنطقة واستقرارها".
كلمات تعبر عن أخوة تاريخية، وعلاقات استراتيجية، وضع أسسها ورسخ قواعدها الشيخ زايد قبل نحو نصف قرن، وعلى النهج نفسه سار أبناؤه من بعده، فأضحت العلاقات بينهما عصية على أي مؤامرات تستهدفها من تنظيم "الحمدين" وحلفه وأتباعه، أو شائعات تنالها من قناة "الجزيرة" وأخواتها ومن سار في ركابها، أو محاولات لزرع الفتنة بينهما.
توثقت العلاقات بين البلدين بدعم من الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات، وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وتعمقت وتجذرت بإشراف ومتابعة من المحمدين (الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي)، حتى أضحت العلاقات بين البلدين نموذجاً يحتذى في العلاقات بين الدول.
مجلس التنسيق.. محطات بارزة
وبتوجيهات قادة البلدين، مضت مسيرة التعاون بين البلدين نحو تعزيز الشراكة وتحقيق التكامل في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية، بما يسهم في تحقيق الخير والرفاهية لشعبي البلدين، ومواجهة التحديات في المنطقة وعلى رأسها مكافحة الإرهاب، وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
مسيرة التعاون تم مأسستها عبر مجلس التنسيق السعودي الإماراتي، الذي تم توقيع الاتفاق على إنشائه في مايو/أيار 2016، بحضور الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود والشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
تلك المسيرة مرت بمحطات بارزة ترصدها "العين الإخبارية" في السطور التالية:
16 مايو/أيار 2016: توقيع اتفاقية إنشاء مجلس التنسيق السعودي-الإماراتي
وقعت السعودية والإمارات في قصر السلام بجدة اتفاقية إنشاء مجلس تنسيقي بين البلدين، بحضور الملك سلمان بن عبدالعزيز والشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
21 فبراير/شباط 2017: انطلاق أعمال "خلوة العزم" المشتركة بين الإمارات والسعودية في أبوظبي
في أول خطوة لتفعيل بنود الاتفاقية الموقعة بين البلدين بإنشاء المجلس، ووضع خارطة طريق له على المدى الطويل ليكون النموذج الأمثل للتعاون والتكامل بين الدول، استضافت أبوظبي أعمال الخلوة الاستثنائية المشتركة بين البلدين تحت اسم "خلوة العزم"، كأول الأنشطة المنبثقة من مجلس التنسيق السعودي الإماراتي.
وشارك في جانب من أعمال الخلوة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وأكد خلالها أن توحيد الطاقات والإمكانات بين الإمارات والعربية يمكن أن يخلق فرصاً تاريخية للشعبين والمنطقة بأكملها، قائلا "بتكاملنا وتعاضدنا وتوحدنا نحمي مكتسباتنا ونقوي اقتصاداتنا ونبني مستقبلا أفضل لشعوبنا".
من جانبه، أكد الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة الإماراتية خلال حضوره "خلوة العزم"، أن العلاقات بين السعودية والإمارات قوية، ولكن القيادة تسعى لأن تكون العلاقات استثنائية ونموذجية، وتنتقل لمستوى جديد ومختلف.. مستوى تكاملي".
وناقشت خلوة العزم ضمن أجندتها 3 محاور استراتيجية، تختص بالجانب الاقتصادي والجانب المعرفي والبشري والجانب السياسي والعسكري والأمني.
13 أبريل/نيسان 2017: انطلاق جلسات المجموعة الثانية لـ"خلوة العـزم" في الرياض
استضافت الرياض أعمال جلسات المجموعة الثانية لخلوة العزم، بمشاركة أكثر من 200 مسؤول من حكومتي البلدين، وخبراء في القطاعات المختلفة، إضافة إلى ممثلي القطاع الخاص.
7 يونيو/حزيران 2018: أول اجتماع لمجلس التنسيق.. والإعلان عن "استراتيجية العزم"
عقد الاجتماع الأول لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي في مدينة جدة برئاسة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والأمير محمد بن سلمان آل سعود، وتم خلال الاجتماع الإعلان عن رؤية مشتركة للتكامل بين البلدين اقتصادياً وتنموياً وعسكرياً عبر 44 مشروعاً استراتيجياً مشتركاً، من خلال "استراتيجية العزم" التي عمل عليها 350 مسؤولاً من البلدين من 139 جهة حكومية وسيادية وعسكرية خلال جلستي "خلوة العزم"، ومن خلال 3 محاور رئيسية هي المحور الاقتصادي والمحور البشري والمعرفي والمحور السياسي والأمني والعسكري.
ووضع قادة البلدين مدة 60 شهراً لتنفيذ مشاريع الاستراتيجية التي تهدف إلى بناء نموذج تكاملي استثنائي بين البلدين، يدعم مسيرة التعاون الخليجي المشترك، ويسهم في الوقت نفسه في حماية المكتسبات وحماية المصالح وخلق فرص جديدة أمام الشعبين الشقيقين.
وشهد الاجتماع الأول لمجلس التنسيق المشترك توقيع 20 مذكرة تفاهم لتعزيز التكامل السعودي الإماراتي في مختلف المجالات، وإطلاق حزمة من المشاريع الاستراتيجية.
وأبرز الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، خلال الاجتماع، أهمية التكامل ومقومات القوة في البلدين، قائلا "لدينا فرصة تاريخية لخلق نموذج تكامل عربي استثنائي، وبتكاملنا وتعاضدنا وتوحدنا نحمي مكتسباتنا، ونقوي اقتصاداتنا، ونبني مستقبلاً أفضل لشعوبنا".
وتابع متحدثاً حول مقومات القوة المشتركة "نحن نشكل أكبر اقتصادين عربيين والقوتين الأحدث تسليحاً ونسيجاً اجتماعياً واحداً، وشعبين يشكل الشباب أغلبيتهما يطمحان إلى قفزات تنموية كبيرة في البلدين"، موضحاً أن "اقتصادي الإمارات والسعودية يمثلان ناتجاً محلياً إجمالياً يبلغ تريليون دولار، وصادراتهما المشتركة الرابعة عالمياً بقيمة 750 مليار دولار، إضافة إلى 150 ملياراً سنوياً إجمالي مشاريع البنية التحتية، مما يولد فرصاً هائلة واستثنائية للتعاون".
15 سبتمبر/أيلول 2018: الاجتماع الأول لرئيسي اللجنة التنفيذية لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي
ولمتابعة سير العمل على استراتيجية العزم والمشاريع المشتركة عقد رئيسا اللجنة التنفيذية لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي الاجتماع الأول في مدينة جدة، برئاسة محمد بن عبدالله القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل من الجانب الإماراتي، ومحمد بن مزيد التويجري وزير الاقتصاد والتخطيط من الجانب السعودي، لمتابعة سير العمل على تنفيذ المشاريع الاستراتيجية المشتركة ضمن "استراتيجية العزم"، وبحث مستجدات التعاون بين الطرفين، وتم تشكيل اللجنة التنفيذية للمجلس لضمان التنفيذ الفعال لفرص التعاون والشراكة بين البلدين.
19 يناير/كانون الثاني 2019: الاجتماع الأول للجنة التنفيذية لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي
عقدت اللجنة التنفيذية لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي اجتماعها الأول في أبوظبي، وأعلنت اللجنة عن إطلاق 7 مبادرات استراتيجية، وعلى رأسها العملة الافتراضية المشتركة لتجسد التكامل الثنائي في مجالات الخدمات والأسواق المالية، والطيران، وريادة الأعمال، والجمارك، وأمن الإمدادات وغيرها.
15 إبريل/نيسان 2019: الاجتماع الثاني للجنة التنفيذية لمجلس التنسيق
عقدت اللجنة التنفيذية لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي اجتماعها الثاني في العاصمة السعودية الرياض، وأوصت اللجنة بتفعيل 7 لجان تكاملية، تدير وتنظم 26 مجالا ذات الأولوية، وتقيم الفرص المتاحة للتعاون المشترك بين البلدين، بالإضافة إلى مراجعة كافة الملفات المطروحة والمرتبطة بالمبادرات وتحديد الأولويات، والعمل على دعم اللجنة التنفيذية من خلال رفع الملاحظات والتوصيات.
نقلة نوعية
وتتويجا لتلك الجهود المتواصلة، شهدت العلاقات الإماراتية-السعودية نقلة نوعية في العديد من المجالات، كان أبرز مؤشراتها دخول اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي الموقعة بين الدولتين حيز التنفيذ، اعتبارا من مطلع شهر أبريل/نيسان الماضي، بعد استكمالهما الإجراءات اللازمة لذلك، والتي تهدف إلى تعزيز أطر التعاون في المسائل الضريبية، وتوطيد الشراكة المالية والاقتصادية والاستثمارية بين الدولتين.
وفي 13 مايو/أيار الماضي، وقعت الإمارات والسعودية بالرياض اتفاق الاعتراف المتبادل ببرنامج المشغل الاقتصادي المعتمد بين البلدين، بهدف تعزيز التعاون الجمركي وتسهيل حركة التجارة البينية وتسريع معدلات التبادل التجاري، تنفيذاً لمقتضيات خلوة العزم التي أقرها مجلس التنسيق السعودي الإماراتي.
السياسة الخارجية.. مواقف واحدة
على صعيد السياسة الخارجية، تتبنى الدولتان مواقف مشتركة إزاء القضايا العربية والخليجية والإقليمية والدولية، حيث تعمل الدولتان على تعزيز العمل العربي المشترك، وصون مسيرة مجلس التعاون الخليجي، ومكافحة الإرهاب، وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، والتصدي للتدخلات الخارجية في شؤون الدول العربية، وتعملان على إيجاد حلول دائمة لأزمات ونزاعات المنطقة المختلفة.
على أرض الواقع، اتخذت الدولتان موقفا مشتركا من الأحداث التي شهدتها بعض الدول العربي في أعقاب ما عرف باحتجاجات الربيع العربي عام 2011، بدعم استقرار هذه الدول ضد التنظيمات الفوضوية.
كما شاركت الإمارات في التحالف التي قادته السعودية لدعم الشرعية في اليمن.
أيضا وقفت الدولتان بالمرصاد لمؤامرات قطر لزعزعة الأمن والاستقرار ودعم الإرهاب في المنطقة، حيث قررا إلى جانب البحرين ومصر، قطع العلاقات مع قطر في 5 يونيو/حزيران عام 2017، بسبب دعم الدوحة للإرهاب.
"الحمدين".. مؤامرات فاشلة
تلك العلاقات النموذجية كانت محل استهداف بالتآمر دائما من تنظيم الحمدين الحاكم في قطر، وذراعه الإعلامية قناة "الجزيرة" وأخواتها، خصوصا منذ أن أعلنت الدولتان قطع علاقتهما مع قطر قبل عامين، وأصبحت محاولة إثارة الفتنة بين البلدين وترويج الشائعات عن خلافات بينهما الشغل الشاغل لتنظيم الحمدين.
وسرعان ما ينتهز أي فرصة محاولا العمل عليها في هذا الصدد، فقبل أيام استغل قيام الإمارات بعملية إعادة انتشار في اليمن، ليسارع بترويج شائعات عن التحالف، ولكن جاءت مقالة الدكتور أنور بن محمد قرقاش، وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، في صحيفة الواشنطن بوست لتدحض شائعاته، حيث أكد أن الإمارات وبقية دول التحالف الذي تقوده السعودية "لا يغادرون" اليمن، موضحا أن التحركات العسكرية ما هي إلا إعادة انتشار تقوم بها كل الجيوش في العالم، وبما يتطلبه العمل العسكري.
صفعات رسمية وشعبية
وبعد فشل مؤامرتها، استغلت قطر اجتماعا دوريا عاديا معلنا هو السادس لحرس الحدود والسواحل في الإمارات وإيران، عقد بهدف بحث تجاوزات الصيادين، وقامت بتحميله ما لا يحتمل، ومحاولة استخدامه كمحاولة للإيقاع بين البلدين، إلا أن جهودها فشلت كالعادة، وجاءها الرد على أكثر من مستوى، على الصعيدين الرسمي والشعبي، كصفعات متتالية.
على الصعيد الرسمي، أكد تركي الدخيل أن العلاقات السعودية-الإماراتية تنطلق من أسس اجتماعية وسياسية مشتركة، تدل عليها التفاهمات المباشرة، التي تعود إلى السنوات الأولى من فكرة الاتحاد حتى تأسيس دولة الإمارات، وقد وُثِّقَت هذه التفاهمات من خلال البرقيات الرسمية بين ملوك السعودية والمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيَّب الله ثراه، وإخوانه حكام الإمارات.
وبيّن أن التوافق السياسي بين البلدين تبلور منذ الستينيات من القرن الماضي، وتعزز هذا التوافق لاحقاً، وشدد على أن الدولتين تواجهان التحديات الإقليمية الجديدة بتنسيقٍ عالٍ، ورؤية موحَّدة تدعم الاستقرار.
بدوره قال الدكتور أنور بن محمد قرقاش وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، الأربعاء، "إن العلاقات بين الإمارات والسعودية راسخة، وإن شق الصف بينهما مستحيل".
وأكد قرقاش، في تغريدات على حسابه الشخصي بموقع "تويتر": "لا أقلق على العلاقة الاستراتيجية التي تجمعنا بالسعودية الشقيقة، وأعلم كم هي تترسخ كل يوم على المستويات كافة"، وتابع "وما يحزنني ترسيخ قطر لعزلتها وتعميقها لأزمتها، عبر سياسات إعلامية طائشة يديرها المال والمرتزقة، وينأى عنها المواطن القطري ويعاني منها".
وشدد على أن "شق الصف السعودي الإماراتي من باب اليمن أو إيران أو غيرهما مستحيل"، مضيفا أن "الإعلام القطري الأهوج لا يدرك أن تحالفنا تعزز عبر التضحيات، وتعمّق عبر التنسيق والحوار والصدق، وعبر دفاع السعوديين عن شراكتهم مع الإمارات، وفي خضم ذلك آسف على من يدير سياسة قطر ويعمق محنتها".
على الصعيد الشعبي، تحول حب السعودية للإمارات لهاشتاق عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" تصدر الترند، في أبلغ رد على مؤامرات "الحمدين".
وتمضي العلاقات بين الإمارات والسعودية في طريقها لتحقيق نموذج تكامل عربي استثنائي، محوره التعاون والتكاتف على كافة الصعد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، مستنداً على الإرث الحضاري والتاريخي ومقومات القوة المشتركة، ومدعوماً برؤى وطموحات قيادات البلدين، وسط إدراك مشترك أن الدولتين يجمعهما مصير واحد ورؤية متكاملة مشتركة، وأن التعاون بينهما يصب في مصلحة تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والرفاهية لشعبيهما.
aXA6IDE4LjIyMS41Mi43NyA= جزيرة ام اند امز